الموقف الرياضي – زياد الشعابين :
كانت رياضة ألعاب القوى في سوريا فيما مضى من عمر الرياضة، عنواناً للفخر والعزة في المسابقات والبطولات العالميّة، وهذه اللعبة ليست مجرد سباقات وأرقام فقط، بل قصة نضال وتحدٍ لرياضيين كتبوا أسماءهم في تاريخ الرياضة بماء الذهب وتركوا بصمة لا تُمحى…
هؤلاء الأبطال لن يتكرر أمثالهم على الأقل في الوقت الحالي، ليس لقلة في الكادر البشري (مدرب ولاعب) أو في الملاعب والمضامير ، بل لظروف فرضتها إرادة البعض على الرياضة عمومآ ، وألعاب القوى خصوصاً !
أو لظروف عاشتها البلاد في الفترة الماضية، وكان ما كان لها من أثر سلبيّ على التطور والنهوض باللعبة.
من لا يتذكر البطلة العالمية والأولمبية غادة شعاع، التي أدخلت الفرحة إلى قلوب ملايين العرب قبل السوريين، بفوزها بذهبية سباق السباعي في أولمبياد أتلانتا 1996 بمجموع نقاط 6780 نقطةٍ ، وهي أول ذهبية لسوريا في الأولمبياد، وحاملة برونزية العالم 1999 في إشبيلية .
والبطل العالمي والآسيوي مجد الدين غزال، بطل الوثب العالي، وأبرز إنجازاته عام 2017 الميدالية البرونزيّة ببطولة العالم في لندن ، والذي شارك بالأولمبياد إلا أنه لم يوفق بالصعود لمنصات التتويج، واكتفى باللقب العالمي ، والآسيوي والعربي، ولديه أفضل رقم 2,31 متر سجله في دورة الألعاب العسكرية (مونغيونغ) 2015.
وأيضآ سليمان الحويلة (رئيس الاتحاد حالياً) ، الحاصل على الميدالية البرونزية في البطولة الآسيوية، التي أُقيمت في الهند عام 1988 ، وكانت أول ميدالية تُحققها سوريا على المستوى القاريّ !
ومن الذين بصموا وحطموا الأرقام القياسيّة، أسطورة المسافات المتوسطة والطويلة (زينب بكور) ليبقى اسمها محفوراً كأحد أعظم العدّاءات العرب، وقد شاركت في أولمبياد أثينا 2004 ، ولديها سجل حافل من الإنجازات فيه أكثر من 85 ميداليةً ملونة وأرقام قياسية.
وأيضآ الرماح الذهبي فراس المحاميد ، صاحب الرقم القياسي العربي الذي سجله في بيروت ، وقدره 80,50 م ، وشارك مرتين ببطولة العالم أثينا 1997 وهلسنكي 2005.
وزميله البطل الآسيوي بمسابقة الوثب الثلاثيّ والطويل (محمد الحزوري) البطل العربي والآسيوي ..
ومن اللاعبات اللواتي هجرن البلد بطلة آسيا والعرب بسباق الحواجز غفران محمد ، وبطلة العرب برمي الكرة الحديدية هبة العمر …
وغيرهم العديد العديد من اللاعبين واللاعبات الذين لم يلمع بريقهم إلا سرعان ما خبى بريقه،
وعلى وقع استعراضنا للعبة واللاعبين ثمة تساؤلات كثيرة:
أين الخلف لهؤلاء الابطال ؟ وأين هي المشاريع النهضويّة التي ستُعيد للعبة ألقها وحضورها وإنجازاتها ؟ ومن يعتني بالمواهب، والعمل على صقلها وتنميتها ورعايتها الرعاية الحقيقية ؟
إن المتابع لواقع ألعاب القوى اليوم، يرى أنها تعاني من نقصٍ في البنية التحتيّة، ومن قلة الاهتمام بالفئات العمرية، وغياب المنافسات الحقيقية، وتراجع النتائج في المحافل الدوليّة، وأصبحت صورتها ضبابيّة وبحاجة إلى استراتيجية رياضيّة واضحة المعالم، وإلى اهتمام ومتابعة من قبل مُشرفي اللعبة.