أبعد من المدرب .. مشكلة كرتنا المحلية ؟!

متابعة- انور الجرادات:تبارى الإعلاميون والجماهير في تحليل أسباب تواضع اداء منتخبنا الوطني، وأجمعوا على أن المدرب التونسي المعلول ومساعديه هما السبب في النتائج الضعيفة التي حققها المنتخب، لكنني عندما تأملت واقعنا الكروي حدت عن الطريق الذي فكروا فيه، وآثرت لنفسي طريقا آخر، طريقا أبحث فيه عن الأسباب الحقيقية التي جعلت من كرتنا المحلية بين مد وجزر على مستوى المنتخب الأول، وخسائر متكررة للمنتخبات السنية بعد أن كنا متفوقين بها..


‏‏‏


خيارات‏


كرتنا المحلية لم تهزم بسبب خيارات المعلول وسيطرته على القائمة النهائية للاعبين الذين تم استدعائهم كما يدعي الجميع، لكنها هزمت لأسباب متنوعة ومنها الأندية؛ حيث لم أر للأندية إستراتيجية واضحة للعمل عدا إستراتيجية نادي الكرامة الذي صاغها شبابه في ورش عمل متواصلة وبدأ تنفيذها ومنها الاعتماد على بناء فرق سنية لتكون رافدا للفريق الأول.‏


أما الأندية الأخرى، فلا تهتم بالمراحل السنية، وتتعاقد كل موسم مع لاعبين تحت العرض والطلب وترزح تحت المديونيات المتراكمة ولعل الاجهزة الفنية بالأندية هي مشكلة بحد ذاتها، على الرغم من حصولها على الشهادات، لكنها فقيرة في تطوير مهارات اللاعبين وتعتمد على اللاعب الجاهز..‏


عشوائية‏


كما أنَّ إدارات الأندية هي إدارات غير محترفة وتمارس العمل الرياضي وفق أهواء وعشوائية، وليس تخطيطا، وأرهقت أنديتها بمديونيات دون مساءلة قانونية لها فتستقيل بعد أن تخفق في تحقيق نتائج، كما أن إدارات الأندية بسبب التربيطات السلبية والبحث عن المصالح الشخصية أسهمت في إيجاد اتحاد ضعيف يستجيب لكل طلباتها، ولا ينظر لمصلحة العامة ودليل ذلك دوري تكوين الذي يقام، وسوف يعيد كرتنا للوراء عشرات السنين.‏


شفافية ناقصة‏


ومن أسباب تراجع كرتنا: اتحاد الكرة فعندما أعلن رئيس الاتحاد عن رؤيته وهي الشفافية والعمل بروح الفريق الواحد، فرحنا به، وما إن أكمل الاتحاد بضعة أشهر حتى دبت الخلافات بين أعضائه، فلم نرَ رؤية عمل حقيقية، ولم يتم تقييم عمل المنتخبات، ولم نشاهد سوى أداء باهت ولم يستطع المدربون الوطنيون قيادة تلك المنتخبات بسبب ضعف عملهم، وظل الشارع الرياضي ينادي بضرورة التعاقد مع مدربين لهم خبرة ونتائج في أكاديميات ومنتخبات سنية في العالم، ولكن الاتحاد ظل ينتهج نفس النهج والاتحاد يتحمل المسؤولية الكاملة…‏


هم السبب!‏


أسهم مدربو المنتخبات السنية في انتكاسة كرتنا، فلم تقدِّم لنا المنتخبات السنية لاعبين يمكن الاعتماد عليهم؛ فلاعبو هذه المنتخبات أخطاؤهم بدائية، وتنم عن عدم صقل لمهاراتهم، رغم موهبتهم الفطرية، وهؤلاء المدربون الذين هم على رأس الاجهزة الفنية لم يخرجوا لنا هدَّافاً من فئة الكبار ولا حتى مدافعين يعتمد عليهم ولا لاعبي وسط بمهارات فردية، فخططهم عقيمة ومهاراتهم التدريبية محدودة..‏


مسؤولية‏


لعلِّي أتفق مع المحللين أن المدرب المعلول ومساعديه يتحملان جزءا من المسؤولية؛ فبعد رحيل أو إقالة المدرب الوطني فجر ابراهيم تم التعاقد مع المعلول وكنت أتمنى أن يساعد الكابتن فجر المدرب المعلول في اختصار الوقت بدلا من البناء من جديد، والذي قد يستغرق وقتا طويلا، إلا أن ما تمت مشاهدته لم يتم الاستقرار على تشكيلة ثابتة متجانسة، وتم إيهام الشارع الرياضي بالاعتماد على الشباب، لكن الحقيقة لم يستطع إلا أن يعتمد على الوجوه السابقة.‏


النفق المظلم!‏


إذا أردنا أن نخرج من هذا النفق المظلم؛ فعلى اتحاد الكرة أن يعيد حساباته من جديد حتى يخرج الاتحاد من الخلافات التي لازمته منذ إعادة تشكيله وإعادة تشكيل جميع أجهزة المنتخبات بمن فيهم المدرب المعلول، والتعاقد مع مدربين للمنتخبات السنية من الأكاديميات الكروية العالمية التي لديها القدرة على تطوير قدرات منتخباتنا السنية.‏


ويتم التعاقد مع مدرب للمنتخب قادر على اختيار عناصر تخدم المنتخب، ويتم التدوير في التعاقد مع المدربين الوطنيين ليكونوا مساعدين للأجانب حتى يكتسبوا الخبرة، وتكون فترة بقائهم لا تزيد على ثلاث سنوات، وتعطى الفرصة لمدربين آخرين.‏


كذلك التعاقد مع خبير فني له بصمات واضحة وملموسة، وليس خبيرا تنظيريا، أفكاره يستحيل تنفيذها، وتمنح للخبير صلاحيات تقييم المنتخبات وعملها، وتقديم تقارير مفصلة للاتحاد حتى يتم اتخاذ القرار الصحيح، وعلى الاتحاد المساهمة في تكوين خبرات تدريبية من خلال الدورات الداخلية الخارجية، وبعدها يتم إسناد مراكز التكوين لهذه الخبرات والتدرج بها حتى تصل لقيادة المنتخبات، بعد أن اكتسبت الخبرات والمعارف.‏


وعلى الاتحاد الرياضي العام إخضاع إدارات الأندية لدورات في الإدارة الرياضية ويتم متابعة عملهم من خلال الاتحاد نفسه .‏

المزيد..