متابعة- انور الجرادات:في الواقع وبحقيقة الأمر لا تملك أنديتنا رؤية اقتصادية واضحة، ولا تبذل جهوداً للاستثمار في اللاعبين على غرار الأندية الأوروبية التي يشكل بيع اللاعبين فيها أحد مصادر دخلها الرئيسي، كما تواجه أنديتنا مشكلة في إعادة بيع عقود اللاعبين الذين تم الاستغناء عنهم لعدة أسباب من أبرزها غياب الفكر التسويقي وقلة الخبرة في هذا المجال، فهي تحرص على تحقيق الاستفادة منه فنياً وفي حال فشل لا حلّ بديل عن استبداله بغض النظر عن الخسائر المادية.
ومن أبرز الصعوبات التي تواجه أنديتنا في عملية بيع عقد أحد لاعبيها هي عدم قدرتها على بيعه بنفس القيمة المالية التي جاء بها، وبذلك تضطر لفسخ عقده أو إعارته لنادٍ آخر مع المساهمة أحياناً في دفع نصف راتبه، ومع غياب ثقافة الاستثمار في عقود اللاعبين، تتفاقم خسائر الأندية…
ويحفل دورينا المحترف بالعديد من الصفقات الفاشلة رغم أنها تحمل أسماء كبيرة في عالم كرة القدم ولم تنجح الأندية في إعادة تسويقهم ولدينا أمثلة عديدة وكثيرة…
نماذج ناجحة
ولا يعرف دورينا المحترف بكونه مصدراً للمواهب، ولذلك لا يعتبر وجهة مفضلة للسماسرة والكشافين للبحث عن اللاعبين المميزين، ولكنه شهد بعض النماذج الناجحة في الاستثمار في عقود اللاعبين سواء على المستوى الداخلي أو من خلال انتقال لاعبين من أندية محلية إلى دوريات خارجية بمبالغ كبيرة..
الاختيار الفاشل
إن فشل الأندية في إعادة بيع عقد اللاعب أو تسويقه مرتبط بعملية الاختيار، مشيراً إلى أنه بقدر ما تكون عملية الاختيار ناجحة بقدر ما يوفق اللاعب مع الفريق، وبالتالي يفرض نفسه مرة أخرى في سوق الانتقالات ويحافظ على أسهمه مرتفعة وهناك ضرورة تكليف مختصين أصحاب رؤية فنية تقوم بتحديد حاجات الفريق ومتابعة اللاعبين في أنديتهم قبل التعاقد معهم والاختيار الصحيح يضمن الاستقرار للفريق ويجنب الإدارة إهدار المال لكن للأسف بعض الأندية ما زالت تعتمد على اليوتيوب أو على السماسرة وهي طريقة غير احترافية!..
رغم أن قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم كافة تضمن حقوق اللاعب وعلى النادي أن يدفع كل مستحقاته في حال قام بفسخ العقد من جانب واحد، وإن فشل الأندية في استثمار عقود اللاعبين يعود إلى قلة الخبرة الفنية ويجب أن تحرص الأندية على نجاح اللاعب فنياً مع الفريق، وفي حال العكس وإنهاء عقده، عليها أن تفكر في الخروج بأقل الأضرار المادية، ولكن الاستثمار في اللاعب مرتبط بعملية الاختيار الصحيح باعتماد كشافين..
ومن الصعب إعادة بيع عقد لاعب أو إعارته في حال فشل في إثبات نفسه، لذا تلجأ أغلب الأندية إلى الحلول السهلة بفسخ عقده، والطريقة التي تعمل بها الأندية في الاختيار لا تساعدها على الاستثمار.. وللأسف هناك مصالح شخصية داخل الأندية، الأولوية للتعاقد بأي شكل من الأشكال وبالنسبة لهم لا يوجد مشكلة في تغيير لاعب أو اثنين أو حتى كل اللاعبين في موسم واحد!!.
الأندية لا تملك رؤية استثمارية
إن عدد اللاعبين الذين يمكن الاستثمار في عقودهم قليل جداً في الدوري رغم أن هناك نماذج ناجحة كان بالإمكان أن تقتدي بها الأندية وهناك أمثلة في ذلك فالأندية ليس لديها رؤية استثمارية، وتحتاج إلى أصحاب الخبرة في هذا المجال، عندما نتحدث عن الاستثمار في عقود اللاعبين يجب أن نتكلم عن الدوري الإنجليزي وخاصة نادي أرسنال زمن المدرب الفرنسي أرسين فينغر صاحب النظرة الثاقبة في انتقاء المواهب، حيث نجح في استقطاب العديد من اللاعبين الصغار ثم تم بيعهم بأسعار كبيرة. والاستثمار يجب أن يكون في اللاعبين الصغار لأن الاستثمار في اللاعبين الكبار يحتاج إلى الملايين وحتى الفائدة لن تكون كبيرة منهم… وتسويق اللاعب بعد فسخ عقده يعتمد على مستوى اللاعب نفسه وعمره لأنه من الصعب إعادة بيع عقد لاعب ظهر بمستوى متدنّ طيلة الموسم وأن لا أحد يجازف بشرائه في المقابل يمكن تسويق لاعب ظهر بمستوى مميز حتى إذا كان متقدماً في العمر ولأن أغلب أنديتنا تبدأ في التفكير في البحث عن لاعبين نهاية الموسم وهي تفتقد ثقافة المتابعة قبل التعاقد معه وهناك برامج متطورة تساعدها على تقييم اللاعب…
لا أحد يفكر فيما بعد الشراء
إن تسويق اللاعبين من الملفات المهمة التي يجب أن تطرح بشكل جدي في المستقبل القريب لأن فسخ العقود كلف ميزانيات الأندية مبالغ كبيرة لأنها مشكلة حقيقية، تتعلق أساساً بعدم تفكير الأندية في مرحلة ما بعد الشراء لأن أغلب الصفقات تفوح منها رائحة السمسرة، إضافة إلى أنه لا يوجد شركات خاصة بكرة القدم لأنها اساساً ليست شركات حقيقية لا يتم محاسبتها عن كل ليرة تصرفه وهناك غياب تام للمسؤولية.
فهل سمعتم عن تحمل مسؤولية فشل صفقة لاعب أو قدم أحد الإداريين استقالته بسبب فشل اختيار لاعب..؟ في أوروبا مثلاً يتحمل المدير الرياضي مسؤولية اختيار اللاعب، ويحصل على عمولة من ناديه في حال نجح في بيع اللاعب وإن اعتماد الأندية في دوري بعض الدول على التمويل الحكومي يجعل مجالس الإدارات تنفق بلا قيود، ونحتاج إلى عقلية احترافية تدير الأندية، ووضع استراتيجية واضحة في اختيار اللاعبين….
صياغة العقود تحتاج إلى مراجعة
إن سبب غياب ثقافة الاستثمار في عقود اللاعبين المحترفين هو عدم تطبيق المعنى الحقيقي للاحتراف وطريقة صياغة العقود تحتاج إلى مراجعة لأن تغيير اللاعبين بهذا الشكل الكبير من موسم لآخر هدر للأموال، وعلى الأندية أن تغير طريقة عملها خاصة من ناحية الاختيار، ليس منطقياً أن يقوم نادٍ بالتعاقد مع لاعب بإمكانيات محدودة لمدة ٣ مواسم دون أي شرط، ثم يمنحه تعويضاً لكامل المدة المتبقية في العقد حتى لو لعب ٣ أشهر فقط. فالمشكلة تتكرر كل موسم لغياب ثقافة الاحتراف، ومنح الرواتب والحوافز يتم دون أي ضوابط وهذا أكبر خطأ تقع فيه الأندية، يجب أن يرتبط راتب اللاعب في جزء منه بعدد مشاركاته في المباريات، وعندما يطلب المدرب تغيير أحد اللاعبين يقوم النادي بمنحه مستحقاته المتبقية في العقد ويسمح له بالمغادرة، و يجب أن تركز الأندية على تسويق اللاعب والبحث عن حل يقلل من خسائرها وليس الذهاب مباشرة لفسخ العقد. واللاعب لا يجهد نفسه في البحث عن فريق آخر لأن الحصول على أمواله بالكامل أمر محسوم بالنسبة له، لذا يجب على النادي وضع ضوابط وشروط ضمن العقد لتجنب الخسائر.