مهند الحسني:
مضى أكثر من عامين على تولي رئيس اتحاد كرة السلة طريف قوطرش رئاسة لجنة المنتخبات وهي مدة كافية لإثبات قدرته على العطاء والتطوير لكنه ومع تشكيل اللجان الجديدة مازال يترأس اللجنة لا يسمح للخبرات الأخرى القابعة في زوايا مهملة أن تعمل وتجتهد وتنتج وكأن اللجنة فصلت على مقاسه، طبعاً فهاجس السفر والبرستيج عناوين واضحة في عمل هذه اللجنة التي تستحق القتال على رئاستها والعمل بعضويتها.
مدة كافية
على الرغم من مضي هذه المدة على توليه لمهامه في اللجنة، وهي مدة كافية ووافية لبيان مدى نجاحه في إعداد، وبناء منتخب يوازي الطموح من عدمه، غير أننا لم نلتمس أي شيء جديد على صعيد المنتخبات الوطنية سوى التصريحات والوعود الرنانة والسياحة والسفر والابتسامة للكاميرات، فجاء عمل اللجنة مخيباً للآمال عنوانها الإخفاق والانتكاسات دون وجود أي انجازات، ولم نعد نعرف ما هو السبيل لبناء منتخباتنا الوطنية على أسس سليمة ومدروسة، ويبدو أن حال منتخبات السلة كحال شجرة الصنوبر البرية التي تمتلك مظهراً جميلاً، وخضرة يانعة، وتوحي بأن لها ثماراً منتجة، إلا أن أشجار الصنوبر كما يعلم الكثيرون هي أشجار «عقيمة» لا تنتح ثماراً، وحالها ينطبق تماماً مع إعداد منتخبات السلة.
مسؤولية غير محددة
ليس من الإنصاف أن نلقي اللوم على اتحاد السلة وحده، ونحمله المسؤولية الكاملة عن تراجع نتائج منتخباتنا الوطنية، لأن إعداد المنتخب يعتبر حلقة متكاملة، فمسؤولية الاتحاد تكمن في تأمين كل المناخات الملائمة للمنتخب، وأعتقد بأنه نجح إلى حد كبير رغم وجود الأزمة التي تعصف بالبلاد وتداعياتها الخارجية التي أضرت برياضتنا بشكل عام في تأمين كل ما تتطلبه منتخباته الوطنية، غير أن منتخباتنا لم تغب عن أي مشاركة منذ سنتين رغم النتائج غير الجيدة وهذه واحدة تسجل له.
اليد الثانية
كما هو معروف بأن اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق، فاليد الثانية وهي أنديتنا التي ما زالت تسير بخطا ارتجالية وعشوائية غير واضحة بما يخص عملية البناء، ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن لكل نتيجة أسبابها ومسبباتها، فإن مشكلة تراجع نتائج منتخبات السلة يأتي انعكاساً لما يحصل من فوضى في أنديتنا، فعملية بناء اللاعب ما زالت بدائية، وهي لا تلبي الطموح، والعمل في قواعد اللعبة لدى هذه الأندية لا يبشر بالخير، لكون القائمين على هذه الفرق هم من المدربين الشباب الذين أنهوا حياتهم الرياضية كلاعبين، ولم يجدوا عمل لهم سوى قيادة هذه الفرق، وهم بالأصل غير مؤهلين فنياً وتدريبياً لبناء هذه الفرق، وإكسابها أبجديات اللعبة، ولم يتم تأهليهم عبر دورات تدريبية عالية المستوى، الأمر الذي أدى إلى إعطاء اللاعب الصغير مهارات فنية خاطئة، وهذا ما يؤثر على صناعته كلاعب جيد ممكن أن يكون ضمن صفوف المنتخب في المستقبل، وبدلاً من أن تكون الأندية شريكة حقيقية في إعداد المنتخب، ورفده بلاعبين من مستوى عال وبكامل الجاهزية الفنية، بات العبء الأكبر يقع على مدرب المنتخب الذي يجد نفسه أمام لاعبين يفتقدون ألف باء كرة السلة العصرية والحقيقية، وبدلاً من أن يستغل الوقت في منح اللاعبين أفكاراً تكتيكية، وخطط مهارية، بات يقضي ثلاث أرباع وقته في تصحيح مشي هذا اللاعب، وتسديد ذاك الأخر، وطريقة وقوف اللاعب الخاطئة، وعند أول امتحان حقيقي يجد لاعبونا بأنفسهم الفوارق الفنية الشاسعة التي تفصلهم عن باقي لاعبي منتخبات الجوار.
الدوري القوي
مازالت مسابقاتنا المحلية غير ناضجة فنياً ولا يمكن من خلالها منح الفائدة الفنية للأندية، ولا شك بأن الدوري القوي لابد أن يفرز منتخبناً قوياً، غير أننا ومنذ سنوات طويلة لم يكن لدينا دوري نعتمد عليه، حيث تمكن اتحاد السلة السابق من البقاء على رونق اللعبة، والمحافظة عليها، واقتصر عمله على نظام دوري متواضع غابت عنه النكهة التنافسية التي كانت تشهدها صالاتنا في السنوات الماضية، وحاول الاتحاد الحالي رفع سوية الدوري لكن محاولاته ما زالت غير واضحة رغم نجاحه الفني في الموسم الفائت بالمربع الذهبي عندما كان للاعب الأجنبي مكانة مرموقة ساهمت في رفع مستوى اللاعب المحلي الذي استفاد من فرصة الاحتكاك معه، لكن غياب اللاعب الأجنبي بشكل عام، وضعف مسابقاتنا الأخرى كانت له نتائج سلبية على إعداد لاعبنا الوطني، الذي غابت عنه المباريات القوية.
أيها السادة سلتنا الوطنية بجميع مفاصلها لن تشهد التطور ولن تعرف طريقها نحو مرحلة أفضل طالما أن هناك من يستأثر بقرارها ومصيرها حتى لو كان ذلك على حساب اللعبة ومصلحة المنتخبات الوطنية .