متابعة – مهند الحسني: يبدو أن الاحتراف الأعرج الذي يقود كرة السلة السورية ما زال يطبع بصماته في كافة مرافقها وخصوصاً في الجوانب الفنية، والتي افرزت نتائج مزرية بعيدة كل البعد عن الاحتراف الرياضي الصحيح الذي تمنينا أن يعالج أمراض سلتنا ويدفع بها إلى الأمام، وإذ به يطير بها لحد الهاوية،
وجعلنا نتحسر على أيام الهواية بعدما تفاقمت أمراضها، فقد ظهرت مشاكل تنم عن بدائية الوعي الاحترافي، وهزالة عمل الأندية، فتصوروا أن نادياً عملاقاً كان يضخ ملايين الليرات سنوياً لتطوير السلة لديه لم يعرف أبجديات اللعبة، وبأن الاهتمام بقواعد اللعبة أهم بكثير من الإنجازات مسبقة الصنع لفريق الرجال عبر التعاقد مع لاعبين محترفين من طراز سوبر ستار، ما أضاع عليه الكثير من المواهب التي وجدت ضالتها مع أندية حققت لها فرصة اللعب على أقل تقدير، وأندية اخرى صالت وجالت في احترافها ووضعت نفسها تحت أعباء مالية أثقلت كاهلها، وجعلها تلوب جزعة عن معونة من هنا، وأخرى من هناك دون أن تحقق شيئاً جديداً للعبة، كل ذلك سببه الابتعاد عن قواعد اللعبة وإهمالها ما ساهم في ظهور جيل سلوي يفتقد لأبجديات اللعبة، و لم تنجح الأندية رغم وجود خبرات وكوادر وطنية لديها في صناعة اللاعب السوري بالشكل الذي يتناسب مع الاحتراف، فبدا مستوى اللاعب لدينا ناقصاً، وهناك لاعبون وصلوا لفرق الرجال، وما زالت مهاراتهم الفنية عرجاء ويفتقدون لأبسط مقومات لاعب السلة المهاري قياساً على ما نراه للاعبين المحليين في دول الجوار حيث تتم صناعة اللاعب على أسس صحيحة وفق برامج ممنهجة ومدروسة بما يتماشى مع إمكانات اللاعبين، وتوفر مدربين وطنيين مستقرين إدارياً ومادياً وفنياً، كل هذه العوامل ساهمت في خلق أجيال سلوية قادرة على تحقيق انجازات مشرقة لبلدانها، ولعل تجربة السلة الإيرانية أكبر دليل بعدما اعتلت عن جدارة واستحقاق منصات القارية لثلاث بطولات متتالية في الفترة السابقة، ولديها حسب رأي خبراء اللعبة أجيال سلوية ستؤسس لفضاءات وانجازات كبيرة في المستقبل، وكذلك التجربة اللبنانية، فاللاعب اللبناني يمتلك المهارات الفنية العالية، والتي نفتقدها عند غالبية لاعبينا المحليين، والسؤال هنا، ما سبب هذه الصناعة الرديئة للاعب السوري، وعلى من تقع مسؤولية ذلك، وهل مازالت الحلول قائمة؟
العودة إلى القواعد
اذا كان تطور كرة السلة سيبدأ من القواعد، فإن المعطيات الموجودة على مستوى السلة السورية غير مطمئنة أبداً، وخصوصاً طريقة تعاطي إدارات الأندية مع هذه الفرق وإهمالها، وخاصة في ظل الأوضاع الحالية للبلاد، والتي أثرت كثيراً على استقرار هذه الفئات ضمن الأندية، وقد وجد اتحاد السلة حالات من الضعف في بناء هذه الفئات، فأتى بفكرة المراكز التدريبية، وهي خطوة صحيحة بحاجة للصبر والمثابرة والمتابعة والزرع الجيد حتى يكون الحصاد بعد سنوات مثمراً، ورغم ايجابية هذه الفكرة إلا أنها لن تفي بالغرض فلابد لعودة الأندية العمل بالقواعد برامج تدريبية ليتم خلالها صناعة اللاعب بشكل عصري ومتطور، ولابد بالنهاية أن تثمر هذه الخطوات عن نتائج جيدة وينصب ذلك بمصلحة المنتخبات الوطنية.
كرة القدم
لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن كرة القدم في جميع الأندية تأكل الأخضر واليابس، القسم الأكبر من ميزانيات هذه الأندية، وكل ذلك على حساب كرة السلة التي لم يعد لها تلك الحظوة عند إدارات الأندية، الأمر الذي ساهم في تراجع مستواها على صعيد فئتي الرجال والسيدات فكيف سيكون الحال عند فرق الفئات العمرية التي تحتاج إلى رعاية واهتمام؟
المدربون الفاشلون
إذا أردنا أن نبني جيلاً على أسس علمية سلمية لا هشاشة ولا رخاوة فيها، فيجب علينا البحث عن مدربين من أصحاب الخبرة وخاصة في التعامل مع فرق القواعد، لكونها بحاجة إلى مدربين متخصصين، لكن ما يحصل في أنديتنا بطريقة معكوسة، فهذا اللاعب الذي أثبت فشله خلال مسيرته كلاعب وبات على أبواب الاعتزال بات مدرباً لفرق الصغار، وهذه اللاعبة لم تقدم شيئاً وباتت مدربة ومشرفة، وكل ذلك يم عبر المصالح الشخصية والتي تبنى على حساب مصالح هذه الفرق التي تتجرع أفكاراً غير صالحة، وإذا كانت بدايات هؤلاء اللاعبين خاطئة فلن تستطيع أي خبرات مهما علا شأنها من تقويم مستواهم، وكل ذلك ينصب في مصلحة منتخباتنا الوطنية بالنهاية.