كرتنا بحاجة الى اخصائي نفسي بعـد تعـدد المهـام «الاحترافيـة» بالأجهـزة الفنيـة والأمـراض المزمنـة؟

أنور الجرادات : 
تعالت أصوات المطالبين بتواجد « الاخصائي النفسي « مع منتخباتنا الوطنية و بالأندية المحترفة وذلك في ظل الأزمات المتوالية التي تعرض لها نجوم كرة القدم في حياتهم الشخصية طوال الفترات الماضية والتي تسببت في ابتعادهم عن تقديم مستوياتهم المعروفة مما أثر على نتائج فرقهم بشكل عام.
ويقول علماء بعلم النفس أن علم النفس مطالب بالتفعيل الايجابي في حياة الانسان وجوارحه وأعضائه، وان عطاءه اليومي في بيته وعمله وحياته الخاصة لا يمكن أن يتواصل بنفس الرتم ما لم يكن هنالك حضور قوي لعلم النفس، ولذلك فان هنالك رابطاً قوياً بين كلامهم من جهة وبين ما تعانيه الأندية حالياً من غياب واضح لدور الطبيب النفسي، ويرى المؤيدون لتواجد الأخصائيين النفسيين ان العوامل الخارجية المؤثرة ساهمت في انخفاض أداء اللاعبين وأن الطبيب النفسي أصبح مطلبا ملحا للأندية بعيداً عن دواعي مصطلح (الجنون) اذي يلعب على وتره الكثير من الرافضين لمبدأ الطب النفسي، فيما يرى الرافضون لمبدأ الاستعانة بالطبيب النفسي أن وجوده لا مبرر له وان مدراء الفرق هم المكلفون بالقيام بهذا الدور لاسيما ان الاندية لا تتقبل خلال الوقت الحالي على اقل تقدير استقبال أي من الاخصائيين النفسيين او المهتمين.

غياب غير مبرر‏
إن الغياب الواضح للأخصائي النفسي مع منتخباتنا الوطنية و بالأندية الرياضية عائد بالمقام الأول الى جهل اتحاد الكرة و ادارات الاندية بالدور المهم للجانب النفسي لكل فريق بالإضافة الى سوء التوجيه من قبل اتحاد كرة القدم والذي لم يحرك ساكنا من اجل اجبار الاندية على التعاقد مع اخصائي نفسي متخصص يكون مرافقا لكل فريق ومن المفترض ان تقوم لجنة الاحتراف باتحاد الكرة بإلزام جميع الاندية وإجبارها بالتعاقد مع اخصائيين نفسيين كما اجبرتهم من قبل بالتعاقد مع مسئولين للاحتراف وكذلك خطوة اتحاد الكرة بإلزام الاندية بالتعاقد مع محامين قانونيين ومحاسبين ماليين، وإن الارتياح النفسي يساهم وبشكل مباشر في تخفيف الضغوطات على اللاعبين الأمر الذي يساعد كل لاعب على تطبيق المهام المنوطة به على اكمل وجه خصوصاً في المباريات المهمة والتي تتطلب استقرار نفسي كبير من قبل جميع اللاعبين. وأصحاب القرار لا يريدون تطبيق هذه الخطوة من خلال القنوات التابعة لاتحاد الكرة والاتحاد الرياضي العام وذلك من خلال ابتعادهم عن إلزام الاندية بتطبيق هذا النظام وجعلوا «الحبل على الغارب» أمام رؤساء الاندية الذين لا يفضلون تطبيق مثل هذه الامور وكأن الاندية الرياضية أملاكا خاصة لهم.

دور ليس مطلوباً‏
وهناك من يقول من جهة أخرى بأن منتخباتنا الوطنية و الأندية المحترفة ليست بحاجة الى الاخصائي النفسي وذلك لعدة اعتبارات أهمها ان الاخصائيين النفسيين لا يقومون بالدور الايجابي المنتظر منهم والشواهد على ذلك كثيرة وفي مقدمتها أن عدد من الأندية قد تجلب اخصائيين حيث لا يخرجون عبر الاعلام إلا في حالة الانتصارات بينما لا نرى لهم أي وجود عند الخسارة مما يؤكد ان تواجدهم في الوسط الرياضي غير مجد تماماً وان مدير الكرة باي ناد هو الشخص المطالب بتهيئة اللاعبين نفسيا لان من ابسط مهام مدير الكرة باي فريق تهيئة اللاعبين نفسياً والوقوف على احتياجاتهم والرفع من معنوياتهم بعيداً عن الامور الفنية التي غالباً ما تخص المدربين فقط.‏
الدور الإيجابي!‏
ويتساءل البعض عن الدور الايجابي الذي بإمكان الاخصائي النفسي القيام به بالنسبة للأندية المحترفة لأن المسألة ليست معقدة فمجرد جلوس مدير الكرة مع اللاعبين والاستماع اليهم والأخذ بيدهم هو الحل اما وجود اخصائيين فلا يؤيد البعض ذلك.‏
وهناك البعض من يقول أن أنديتنا ليست بحاجة للأخصائيين النفسيين بل هي بحاجة لجهد من مدراء الكرة لكي يقوموا بتأدية واجباتهم تجاه فرقهم خصوصا التعامل مع اللاعبين والذي يجب ان يتم باحترافية كبيرة جداً. وحول ان كان احدا يؤيد إلزام الاندية بالتعاقد مع مختصين بالجوانب النفسية من قبل اتحاد الكرة كما تم إلزام تلك الاندية بالتعاقد مع محامين قانونيين فانهم لا يؤيدون ذلك والمسألة لا تستأهل كل هذه العناء.
فشل مسبق‏
وللأسف لم نصل للمرحلة التي تساعد الاخصائي النفسي على اداء مهنته حيث لم نهيئ الارضية الملائمة لعمل الاخصائيين النفسيين سواء على مستوى اللاعبين او ادارات الاندية والجماهير وهذه حقيقة يجب على الجميع تقبلها والاستعانة بالأخصائي النفسي امر جيد ولكن ليس الآن فباعتقــادي ان التوقيت غير مجد وباعتقادي ان الوضع العام لن يعتدل حتى في السنوات المقبلة على أقل تقدير، وذلك بسبب غياب ثقافة الجوانب النفسية لدى الجميع والدليل على ذلك ما ظهر على السطح مؤخراً من آراء محبطة من قبل المعنيين بالأمر، وربما مجرد أن نتحدث عن وجود الاخصائي النفسي تجد اللاعبين يتذمرون حيث يخرج أكثر من لاعب عبر الاعلام ويقول:» نحن لسنا مجانين» وهنا تكمن الاشكالية فالجميع يجب ان يفهم ان الاخصائي النفسي دوره تهيئة اللاعبين بعيدا عن الخوض في مفاهيم الجنون التي تؤخرنا للوراء ولذلك نقول::» أن التجربة ستكون فاشلة «وقتيا « الى حين ولسنا ضد وجود الاخصائي النفسي وانما التوقيت يجب ان يتم اختياره بعناية و وجــــود الاخصائي النفسي امر حتمي ولكن توقيته الحالي غير مجد، ونستشهد في الوقت ذاته بتواجد المدربين القادرين بواجباتهم وقيامهم بدور الاخصائيين النفسيين في الملاعب‏ وان مدربينا لديهم فن التهيئة النفســـية وكانت لهم بصمات واضحة في هذا الجانـــب حيث كان البعض منهم يجمع بين مهنتين التدريب والإعداد النفسي بعكس المدربين الآخرين.‏

المزيد..
آخر الأخبار