مهند الحسني:لا نغالي إذا قلنا إن نظام الاحتراف قد أثر بشكل أو بآخر على جميع مفاصل اللعبة، وبدلاً من أن يكون حافزاً قوياً وداعماً لها، تحول بفضل التطبيق الخاطئ إلى كرة حديدية كبلت سلتنا وأخذتها إلى أعماق البحار دون وجود حلول جذرية ناجعة في الأفق القريب، الأمر الذي حول اللاعب إلى سلعة، وباتت كرة السلة مرتعاً ومصدراً للرزق لا أكثر، وهذا يساهم في تراجع اللعبة واللاعبين وجميع مفاصل اللعبة، لكن دعونا نتحدث بكل صراحة بأنه ليس كل تراجع في مفاصل سلتنا تقع مسؤوليته على اتحادات المتعاقبة على اللعبة، فهي عملت حسب خبرتها وطاقتها، لكن هناك من يشاركها في عمليتي التراجع والتطوير إن وجدت، وبداية التطوير تبدأ من أنديتنا.
معاناة
أنديتنا غير محترفة، ولا تعرف من الاحتراف الحقيقي سوى اسمه لأنها لو كانت تسير ضمن خطط مدروسة وممنهجة، وتقودها إدارات محترفة ، بأشخاص رياضيين وفنيين بعيداً عن الانتخابات التي تفرز أشخاصاً لا ينتمون للرياضة بصلة، وعملت في معترك الأزمة على قواعدها بشكل صحيح، وإعدادها بطريقة علمية، لكانت أنديتنا حالياً تملك في رصيدها مجموعة متميزة من المواهب القادرة على المنافسة الحقيقية حتى على الصعيد الخارجي، لكن عبثاً، فغياب التخطيط الممنهج لدى جميع أنديتنا بات واضحاً، وزاد من همومها دخول الاحتراف بطريقة عشوائية ما ساهم في هموم وشجون الأندية.
تعاقدات مخجلة !
كما في كل موسم ما إن تبدأ الانتقالات حتى تسعى الأندية إلى تحقيق نتائج مسبقة الصنع حتى لو كانت على حساب بنيان النادي وألعابه، لذلك تلهث هذه الأندية للتعاقد مع لاعبين من أجل تحقيق إنجازات تسجل في سجلها، وتسببت هذه التعاقدات في إهمال فئة عمرية مهمة كانت بمثابة اللبنة الأساسية لفرق الرجال لو تم رعايتها بشكل جيد منذ سنوات، كنا حالياً أمام جيل جديد مفعم بالحيوية في جميع أنديتنا التي ما زالت تضم لاعبين بلغوا الأربعين من العمر، ولن نأتي على ذكر أسماء أحد لأنهم معرفون للجميع.
خطوة بمكانها
لم تنفع قرارات جميع الاتحادات السابقة في تأمين الأرضية البديلة لإعادة بناء هذه الأندية، ومع قرار تحديد الأعمار الأخير الذي أبدت غالبية الأندية استياءها حياله، واتهموا بعدها الاتحاد جزافاً باتهامات ما أنزل الله بها من سلطان، وخاصة اللاعبين الكبار الذين وجدوا أنفسهم على دكة البدلاء، حتى خلنا نحن كمتابعين لتفاصيل السلة السورية أن هذا القرار خاطئ، ولا يوجد فيه أي شيء من الصوابية والصحة، لكن ومع مضي أكثر من موسمين على تطبيق هذا القرار، اتضحت الصورة الحقيقية لهذا القرار، وبدا واضحاً أن رؤية الاتحاد السابق كانت في محلها، وجاءت كالبلسم الشافي لأسقام أنديتنا، وكانت نتائج قراره مثمرة ويانعة ومفيدة.
فظهر لدينا خلال مباريات الكأس لاعبون شباب أثبتوا علو كعبهم، وبأنهم مشاريع لنجوم سلوية لا محالة.
في نادي الوحدة ظهر اللاعبون محمد عبد النبي، وميشيل غيث، إياد كمون بمستوى مبشر بالخير، وفي نادي الجيش تألق خليل خوري، ورامي ريحاني محمد صعلوك، وفي نادي الكرامة فاروق العمر، زياد جنيد، وفي نادي الوثبة علي خضر، أشرف الأبرش، وفي نادي الاتحاد تألق ناظم قصاص، ويزن حريري، فارس الفرا، وكذلك الحال في نادي الجلاء حيث تألق إسحاق عبيد، مهران نرسيس، وفي نادي الثورة تألق اللاعبون عمر إدلبي، أيوب غاوي، مايكل مرجي، ومن نادي الحرية ظهر اللاعبان بسام معاذ ومحمود خان طوماني بأداء جيد.
كل هؤلاء سيكونون في الموسم القادم أو الذي يليه ضمن التشكيلة الأساسية لفرقهم، وضمن خيارات مدربيهم حتماً، وهذا سينعكس على المنتخب الأول الذي تنتظره مشاركات عديدة في المرحلة القادمة.
كل هذا التطور جاء بفضل قرار الاتحاد الذي وضع يده على مكامن الخطأ الذي تنتهجه أنديته، وساهم في خلق جيل سلوي واعد سيكون له شأن كبير في قادم الأيام، وغير ذلك سيبقى هذا الجيل المبشر بالخير عرضة لأمزجة وقوانين خشبية لأندية ما زالت تعمل بعقلية هاوية.
هؤلاء اللاعبون لم يأتوا نتيجة اهتمام إدارات أنديتهم بهم، وإنما تطور مستواهم نتيجة منحهم فرصة اللعب، والمشاركة مع اللاعبين الكبار، وهذا من شأنه أن ينعكس إيجاباً على مستوى السلة بشكل عام، وصفوف أنديتنا بالمرحلة الحالية ما زالت تعج باللاعبين الكبار الذين باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً عليها، لن تتطور طالما أنها ترى تحقيق نتائجها من وراء تعاقدها معهم.
خلاصة
على اللجنة المؤقتة للاتحاد العمل على إعادة دراسة هذا القرار، ومنح اللاعبين الشباب الفرصة في إثبات ذاتهم، أو العمل على إقامة مسابقة خاصة لهذه الفئة تكون مفعمة بالمباريات القوية التي تساهم في تأمين فرص احتكاك لهؤلاء اللاعبين.