متابعة – أنور الجرادات:تُعد لجنة الانضباط بالاتحاد العربي السوري لكرة القدم وجبة دسمة لمسؤولي الأندية والإعلام والجماهير بسبب قراراتها المتفاوتة والمتباينة، وكانت ومازالت واحدة من أكثر اللجان جدلاً، قرارات كثيرة استأنفها المعاقبون وكسبوها، وغيرها وصلت إلى أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم ومحكمة التحكيم الرياضي، وتُتهم اللجنة بين فترة وأخرى بأن عقوباتها تصدر وفق أهواء ومزاج أعضائها، كون العقوبات تختلف في الحالات المشابهة رغم أن اللائحة هي ذاتها، وهو ما تسبب في زيادة احتقان الشارع الرياضي وتشنج الجماهير، ومرت اللجنة بمتغيرات عدة، إذ تعاقب عليها أكثر من رئيس، وفي هذا دلالة على حالة عدم رضا المسؤولين على عملها.
مشكلة التطبيق
إن المشكلة الحقيقية ليست في اللائحة إنما في من ينفذها ويقصد بذلك اللجنة حالياً تضم غير قانونيين لكن أصحاب خبرة وهو السبب ربما الذي أوقعهم في عدم فهم اللائحة وتطبيقها بالشكل الصحيح .
اللائحة ثابتة منذ أعوام عدة، ولم يطرأ عليها أي تغيير أو تعديل، ممكن أن يكون فيها اختلاف في التطبيق بين لجنة والثانية، لكن عندما يتم فهم اللائحة بالشكل الصحيح تكون العقوبات المقررة متوافقة مع الحالات التي تحدث، لكن عندما تفهم المواد خطأ بالتأكيد ستحدث الأخطاء ويحدث التباين، برأينا التغيير المتكرر في لجان الانضباط هو سبب ما يحدث من تفاوت في القرارات، تأتي لجنة لديها قصور في فهم اللوائح ويكون فيه اختلاف في التطبيق بين اللجنة التي تعمل وبين السابقة، هذه أحد الأسباب.
فهم اللوائح
كفاءة اللجنة في فهم اللوائح وقدرتها على تكييف المخالفات والحالات بما يتوافق مع مواد اللائحة أمر مهم، عندما يكون هنالك اختلاف في اللجان وكفاءتها نجد نوعاً من التباين في القرارات، شاهدنا اللجنة الحالية لديها تطبيقات خاطئة لمواد اللائحة وهذا السبب يعود إلى أن اللجنة في تركيبتها غير ملمة بقانون اللعبة والمصطلحات الرياضية والأمور الفنية وإصابات اللاعبين وأسبابها وما إلى ذلك، لذلك يكون عندهم مشاكل في اللائحة وفهمها وتفسير موادها، اللائحة في الأساس تتوقف على مواد في قانون اللعبة، السؤال الذي يطرح نفسه هل اللجنة بتكوينها الحالي لديها القدرة و الخلفية بقوانين كرة القدم؟
هم ليسوا حكاماً سابقين ولا رياضيين، شاهدنا تطبيقات خاطئة، ورصدنا أخطاء في تطبيق مادة العنف والسلوك المشين، اللجنة الحالية تخلو من القانونيين ولا يوجد فيهم متخصص في قوانين ولوائح كرة القدم، لذلك أرى أن عدم فهم المصطلحات الموجودة في اللائحة سبب مشكلة حقيقية للجنة الحالية وأوقعها في عدد من المشاكل، المصطلحات الرياضية لا يعرفها إلا أهل التخصص الرياضي.
حاجة ملحة
اللائحة الحالية وحاجتها إلى التعديلات و بناء عليها قرارات كثيرة، لم تظهر حالة وليس لها نص في اللائحة، فيها شمولية كبيرة بنسبة من ٨٠ إلى ٨٥ في المئة، وأثبتت نجاحها وكفاءتها وتوافقها مع الأحداث والمشاكل في الوسط الرياضي، هناك مواد للحالات التي لم يرد فيها نص، عندها بالإمكان العودة إلى نظام الاتحاد الدولي لكرة القدم والآسيوي والاتحادات الأخرى التي سبقتنا، بالإضافة إلى المنطق والمبادئ الرياضية، اللائحة لا يوجد فيها إشكالية برأيي، الإشكالية فيمن يعمل على تطبيقها، هي مبنية على قانون الكرة ومصطلحات رياضية وفنية وقانونية، حتى يتطور عمل لجنة الانضباط ويكون عملها بجودة أفضل لابد أن تكون تركيبتها مكونة من أهل التخصص الرياضي، بالإضافة إلى اثنين قانونيين كافيين، لأن الموضوع لا يقتصر على الإجراءات القانونية، إنما عمل اللجنة متوقف على فهم قوانين الكرة واللوائح.
ثغرات
و اللائحة لا يوجد فيها ثغرات كبيرة، ويفترض مع كل نهاية موسم ترصد المخالفات التي من دون نص، ويتم تعديل اللائحة وإضافتها، لم نجد حالات ليس لها عقوبات في اللائحة، أما إذا طبقت المواد على الحالات والمخالفات بطريقة خاطئة أو لم تتخذ اللجنة قرارات ضد مخالفات معينة فالعلة هنا ليست في اللوائح إنما فيمن يعمل بها، الحالات في كرة القدم والعقوبات تتخذ وفق تقارير أو سلطة لجنة الانضباط، واللائحة كفلت للمعاقب حق الاستئناف، لذلك لا يوجد مبرر للتحقيق مع المخالف قبل إصدار العقوبة، وهذا معمول به في الاتحادين الدولي والآسيوي.
لكل قضية ظروفها
التفاوت البسيط في القرارات لا يعني بالضرورة وجود قصور في عمل لجنة الانضباط أو أي هيئة قضائية، لأن لكل قضية ظروفها وملابساتها، ورغم ذلك فمعظم ما يتم تداوله حول وجود تفاوت في قرارات اللجنة، يكون له أسباب ومبررات قانونية، فعلى سبيل المثال عندما تصدر عقوبة من اللجنة على لاعب لارتكابه مخالفة معينة، ومن ثم يرتكب لاعب آخر ذات المخالفة في مباراة أخرى ولا توقع عليه عقوبة من اللجنة، لا يعني ذلك بالضرورة وجود تفاوت في القرارات، لأن الأسباب قد تكون نظامية بموجب لائحة الانضباط التي لا تمنح اللجنة صلاحية معاقبة أحد الأطراف إذا ما وقعت المخالفة أمام مرأى حكم المباراة ولم يتخذ قراراً حيالها، أو اتخذ قراراً ولم يضمن تقريره ما يوجب على اللجنة التدخل وفرض عقوبات انضباطية أخرى، وهذا بلا شك لا يعني عدم وجود تفاوت على الإطلاق، أو حتى قصور في معالجة عدد من القضايا، فبعض الحالات التي تحدث داخل المستطيل الأخضر قد يثور حولها الخلاف، وينتج عنها اختلاف بين أعضاء اللجنة في استحقاق اللاعب للعقوبة من عدمه، والتصويت يكون هو الحكم.
و التحقيق مع المخالف أو تمكينه من حق الدفاع سواء حضورياً أم عن طريق إرسال كتب دعوة يتفق مع أحكام القواعد العامة في التقاضي، من لائحة الانضباط أشارت إلى أن للأطراف الحق في الدفاع قبل اتخاذ أي قرار ضدهم، حسب بعض المواد على وجه الخصوص حقهم في إبداء الحجج المادية والقانونية وطلب تقديم الأدلة والثبوتيات.
فراغات
ومن أهم المآخذ على لائحة الانضباط وجود فراغات متعددة، أخطرها عدم معالجتها للآثار المترتبة على صدور قرار بتنزيل إلى مصاف أندية الدرجة الأدنى والسبب يكمن في أن عقوبة التنزيل لدرجة أقل، وردت في اللائحة على سبيل التخيير، ولا يجوز جمعها مع عقوبة أخرى كحسم النقاط أو سحب الجوائز، وهذا ما حدث فعلاً في قرار لجنة الانضباط الذي نص فقط على عقوبة التنزيل لدرجة أقل دون النص على أي عقوبة أخرى، وهو ما يعني احتفاظ الفريق الهابط بلقب دوري الدرجة الأولى، وبالمبالغ المالية والأشياء الرمزية كالميداليات والدروع، واحتفاظه كذلك برصيده النقطي كاملاً، وهو أمر لا يتفق مع المنطق السليم، فكل هذه المسائل لا يمكن من الناحية القانونية مصادرتها أو سحبها دون صدور قرار بذلك من لجنة الانضباط، ولائحة الانضباط تمنع الجمع بين عقوبة التنزيل لدرجة أدنى مع أي عقوبة أخرى باستثناء الغرامة، فحسم النقاط عقوبة، وسحب الجوائز عقوبة مستقلة، والتنزيل لدرجة أقل عقوبة مستقلة أخرى، وكلاهما منصوص عليهما في الجزء الخاص من العقوبات الذي لا يجوز الجمع بينهما وفق بعض المواد من لائحة الانضباط، الأمر الذي يعني عدم تأثر سلم الترتيب، وبالتالي عدم أحقية أي نادٍ آخر للصعود وفق اللوائح، لعدم استحقاقه لذلك استناداً على رصيده النقطي الذي يعد الطريقة النظامية المقررة لآلية صعود الأندية وللخروج من هذا المأزق.