متابعة – أنور الجرادات: تلعب الإدارة الرياضية وخصوصاً المتصلة مباشرة بفرق الكرة بالأندية والمنتخبات دوراً كبيراً ومباشراً في تحقيق الانتصارات والنجاحات الميدانية، فمهامها لا تقل أهمية إن لم يكن أهم من الجهاز الفني في إعداد فريق قوي من حيث التهيئة النفسية وتعزيز الدوافع المعنوية بما يعين اللاعبين على الصمود في مواجهة المنافسات وتقديم عمل متميز في أرض الملعب يقود إلى تحقيق التطلعات والأمنيات، وبالنظر للدور الحيوي المهم لهذا الجهاز فيجب أن تتوافر في الإداري مع
ايير وشروط دقيقة حيث يكون محترفاً يقود محترفين وليس هاوياً يدير نجوماً كالحال في أغلب أنديتنا ومنتخباتنا الوطنية.
فما المعايير العلمية والعملية الواجب توافرها في الإداري، وهل تحتاج أنديتنا ومنتخباتنا لإداري متفرغ ومحترف أم مجرد موظف أو لاعب سابق يمكن أن يشغل هذا المنصب، وعلى أي مقاييس نختار هذا ونستبعد غيره؟
لاعب سابق
من الأفضل أن يكون الإداري لاعباً سابقاً يتمتع بمواصفات القيادة ولديه الخبرة، ولو كان لاعباً دولياً وصاحب اسم يكون خياراً أفضل لأن ذلك سيساعده أكثر في عملية الإقناع، ومثل هذا الإداري مكانه المنتخب قبل الأندية لأنه يفترض أن يكون أصلاً صاحب خبرة اكتسبها من النادي الذي عمل به، وعلى الأندية أن تحرص على أن يتمتع الإداري بأفضل الصفات قبل أن تستقدمه للعمل، مثل الأخلاق والشخصية القوية والقبول والذكاء والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، والتغافل أحياناً إذا تطلب الأمر عن بعض الأخطاء والمشاكل الخفيفة لأنه أحياناً السكوت عن مشكلة بسيطة يجنبك مشاكل أكبر، وكذلك يجب أن تكون لديه خبرة لمعرفة متطلبات اللاعب ومشاكله، وأهم من كل ذلك أن يسعى بقوة إلى تطوير نفسه بالدورات والكورسات والاحتكاك والقراءة والاطلاع ومتابعة المباريات والاستديوهات التحليلية، فالعلم بحر واسع ويمكن أن تستفيد وتتعلم كل يوم جديد.
التطوير
لدينا إداريون يتمتعون بالمقدرات العالية خصوصاً اللاعبين القدامى وهم يبلون بلاء حسناً في عملهم، وبالمقابل يجب على بعض الإداريين أن يحرصوا على تطوير أنفسهم لأن المسؤولية كبيرة وهي تتعلق بمستقبل كرة القدم وليس مجرد نتائج وقتية، كما يجب على الإداري أن يبحث عن الحل وليس عن المشكلة، وذلك بتبسيط وتسهيل الأمور وزرع الثقة والتفاؤل في اللاعبين، وأن يكون حلقة وصل جيدة بين اللاعب والمدرب، والمدرب ومجلس الإدارة، وأن يحاول بقدر الإمكان نقل الأخبار الإيجابية والتحفظ على السلبية أو غض النظر عنها إذا كان يرى أنها ربما صنعت مشاكل أكبر بالفريق، وأن يحرص على المصلحة العامة إذا كان إداري منتخب، أو النادي إذا كان يعمل في فريق، لكن بالطبع فالتمادي في الخطأ لا يجب أن يسكت عنه بل يواجهه بكل شجاعة ويتخذ القرار المناسب حياله، وأن يسعى لتكون العلاقة بينه واللاعب علاقة صداقة مبنية على الثقة.
قوة عاملة
ويجب أن نركز على أهمية التخصص كشرط من شروط الإداري الناجح لأن جميع المؤسسات تعتمد في القوة العاملة لديها على كوادر متخصصة وأصحاب شهادات أكاديمية ماعدا الرياضة والتي تعتمد على المجاملات ومجرد الأسماء متجاهلة هذه المعايير المهمة والواجب توفرها من أجل التطور والنهضة، وبالإضافة للتخصص والمؤهلات الأكاديمية فلابد من توفر شرط الأخلاق والسيرة الذاتية الحسنة، إذ لا يستقيم أن يكون الإداري مثلاً لاعباً معتزلاً صاحب سلوك غير قويم في السابق نال الكثير من الإنذارات وبطاقات الطرد ولا يتمتع بأخلاق حسنة مع زملائه ويتم اختياره كإداري على فريق لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك فيجب على الأندية أن تستعين بمختصين لاختيار قادة الفريق.
الجيل القديم
و أيضاً يجب أن يكون الإداري مواكباً للعصر ومستجدات الحياة ليصنع جسر تواصل بينه واللاعب، فمثلا إذا استقدمنا إدارياً من الجيل القديم منذ عهد الورقة والقلم فهذا سيجد صعوبة كبيرة في التعامل مع لاعبين من الجيل الذي يتعامل بالتكنولوجيا ولذلك نجد في أوروبا وأمريكا هناك معاهد ومؤسسات تعليمية متخصصة في الإدارة الرياضية يتخرج منها إداريون لأنهم يؤمنون بأهمية أن يكون الإداري مؤهلاً وملماً بكل التطورات و لكن لا يوجد لدينا مثل هؤلاء الإداريين باستثناء القليلين منهم وحتى هؤلاء لديهم شهادات من الاتحاد الآسيوي وهذا لا يكفي لصناعة إداري ناجح وشامل، ومواكب للمستجدات في الحياة ولذلك نجد بعض الإداريين فشلوا لأنهم يتعاملون بعقلية قديمة مع جيل جديد، ولابد أن تكون هناك صعوبة في تواصل إداري من مواليد كبيرة مع لاعب من مواليد صغيرة ولذلك لابد أن يتعلم هذا الإداري كيفية التعامل مع هذه عقليات وأفكار الجيل الجديد.
و أفضل أن يكون من شروط تعيين المدير التنفيذي في أي مؤسسة رياضية بما فيها الأندية مرهوناً بشهادة الدكتوراه أو الماجستير في الإدارة الرياضية، لافتاً إلى أن غالبية الأندية تعتمد في الوقت الحالي على لاعبين معتزلين ليس لديهم شهادات وللأسف تدرجوا حتى وصلوا إلى مناصب عالية، وإذا أردنا التفوق والتميز في الرياضية فعلينا بالتخصص وليس الاعتماد على الفطرة والحماس والمجاملة، ويجب أن يكون هدفنا محدداً واتجاهنا واحداً ومعروفاً، إما رياضة من أجل المنافسة أو لمجرد الترويح، وهذا يتطلب وضع استراتيجية ومخطط واضح وهذا غير متوفر لدينا، وأتمنى أن نستفيد من أصحاب الخبرة والشهادات الأكاديمية ونستشيرهم في وضع أساس قوي ومتين لبناء المستقبل.
الخبرة أهم من الشهادات
إن إداري المراحل السنية، يختلف عن إداري الفرق الأول، والإدارة المحترفة تختلف عن إدارة الهواة، ولذلك يفضل أن يكون الإداري لاعباً سابقاً، ويتسلح بعلم الإدارة الرياضية، لأن الخبرات أفضل من الشهادات العلمية، فهي أكبر معلم، و أنه متى ما توافرت هذه الأمور في الإداري فسيحقق النجاح المنشود، كما يجب على الإداري أن يكون صاحب خلق، وليس كل لاعب سابق يمكن أن يكون إدارياً ناجحاً، فالإداري يحتاج لخبرة وقوة شخصية وإلمام بالأمور الإدارية، وأن يكون مطلعاً على قوانين اللعب والإدارة الرياضية، وقادراً على كسب ود اللاعب، وفي الوقت نفسه يفرض شخصيته، كما ينبغي أن يكون عاملاً مؤثراً جداً في عملية التنسيق والإشراف على البرنامج والمهام الموكلة، ومن الأفضل أن يكون الإداري قد مارس كرة القدم وملماً بكل علوم الإدارة.
أغلبهم يجهل اللوائح
وإن أغلب الإداريين المتواجدين حالياً غير ملمين باللوائح والقوانين في الأندية والمنتخبات، وبعضهم لم يمارس كرة القدم حتى الآن، وأوضح أنه من المهم إرسال الإداري إلى دورات في فن الإدارة وكيفية التعامل مع المسؤولين والإعلام واللاعبين، ودورات في اللوائح التي تنظم المسابقات المختلفة.
و أن المدربين ظلوا يتلقون الدورات على عكس الإداريين الذين يبدو أنهم لا يتعاملون مع الأمور بجدية، و أن تراجع كرة القدم عندنا سببه الإداريون في الأندية وقبلهم مجالس الإدارات فهم غير ملمين بأسرار العمل ويتدخلون في عمل المدرب واختيار اللاعبين المحترفين ولا يعرفون كيف يقيّمون اللاعب، إذ تقتصر مهمتهم على التوقيع مع اللاعب كل نهاية موسم رغم أنه لم يقدم الخدمات الفنية المأمولة، فالمدربون تلقوا دورات لكن لا يوجد إداري ذهب لدورة، والجميع يتحدث عن احتراف المدربين، ولفت إلى أن كثيراً من الإداريين يجهلون أموراً مهمة تتعلق ببناء اللاعب وتكوينه واستجابته ورغباته ومستواه، وغير ذلك من التفاصيل المهمة.