متابعة – انور جرادات: يعج واقعنا الكروي بالكثير من المشكلات والملفات الشائكة على المستويات التنظيمية والإدارية والمالية والفنية الأمر الذي يفرض العمل على فتح وطرق أبواب هذه الملفات بين تارة وأخرى سعياً لإيجاد حلول لها وعدم تجاهلها والتعامل معها وكأنها واقع مفروض.
وبعدما طرحنا في وقت سابق ملفات كروية متعددة ومتنوعة نفتح اليوم ملفاً جديداً لأحد الملفات في واقعنا الكروي وهو (اللاعب الأجنبي) الذي بات من الموضوعات محل الجدل بين الفشل والنجاح بين الآراء المختلفة في الألعاب التي سمحت للاعب الأجنبي ومنها كرة السلة في العودة إلى ملاعبنا وصالاتنا.
في الواقع إن كرتنا المحلية ومسابقاتها ما زالت تعيش تحت بند وظروف الهواية وبعيدة عن الاحتراف وبالتالي هناك أمور لا تتطلب تطبيقها بحذافيرها ومنها المحترفون الأجانب وخصوصاً في ظل ظروف وإمكانات أغلب أنديتنا التي لا تساعدها على التعاقد مع لاعبين محترفين أجانب على مستوى عالٍ أو حتى جيد قادرين على إثراء مستوى المسابقات المحلية أو إحداث الإضافة الفنية لفرقهم عدا قلة منهم وهي تندرج تحت بند (الاستثناءات) لبعض الأندية سواء في القدم أم السلة وبالتالي فإن الأمر تحول إلى نوعٍ من العبء المالي على أنديتنا، بل ويستفيد منها (السماسرة) ووكلاء بعض اللاعبين.
إننا من خلال فتح ملف (اللاعب الأجنبي) نرى ضرورة تقييم تجربة المحترفين الأجانب ومناقشة سلبياتها وإيجابياتها والدوافع من جلب الأجانب، وخصوصاً أن هناك ظروفاً اضطرت بعض الأندية في وقت سابق للتعاقد مع الأجانب من أجل تدعيم صفوفها للمشاركات الخارجية ولكن في الوقت نفسه الموضوع يحتاج إلى رؤية واضحة ودعم من قبل الجهات الرياضية وخاصة الاتحاد الرياضي العام والمكتب التنفيذي والمجلس المركزي للاتحاد الرياضي العام.
هدر للمال
بالواقع ربما يكون هناك كثير من المعترضين على تجربة اللاعب الأجنبي في ملاعبنا لدرجة أنهم يعتبرون هذا الأمر ويصفونه بـ (هدر للمال العام) لأن الأندية المحلية تقوم بصرف مبالغ كبيرة من موازناتها أصلاً إن كانت تملك موازنة في الأساس في جلب مثل هؤلاء اللاعبين الأجانب.
وهذا الموضوع مشكلة ووضع خاطئ لأنه بصراحة اللاعب الأجنبي سيمثل (هدراً للمال العام) حيث إن مستويات اللاعبين الذين سيتم جلبهم عادية في جميع الأندية إلاّ ما ندر وإمكانات أنديتنا لا تساعد على جلب لاعبين ذوي مستويات جيدة أو عالية، بالتالي نطالب بضرورة تقنين هذا الموضوع بحيث يتم تقليص عدد المحترفين مع استثناءات لبعض الفرق المشاركة في بطولات خارجية إن أصبح هذا الأمر واقعاً.
تفاوت مستويات الأجنبي
وربما يقول آخرون إن أنديتنا بحاجة ماسة لتواجد اللاعب المحترف الأجنبي في ملاعبنا، إلا أنهم يتساءلون عن نوعية اللاعب ومستواه من أجل الاستفادة من إمكاناته وقدراته الفنية والفردية وليكون إضافة جيدة يمكن الاستفادة منها في تطوير المستوى الفني للمسابقات وتطوير كرتنا.
وفيما يتعلق بتقييم تجربة اللاعب الأجنبي في كرتنا فيما مضى فإنها متباينة ومتفاوتة لعدم استفادة جميع الأندية من هذه التجربة ولا سيما الصغيرة والنوعية التي تواجدت في ملاعبنا، إلا أنه استثنى بعض الأندية التي توصف بالكبيرة والميسورة منها مالياً.
وربما يلعب الجانب المالي دوراً في تحديد نوعية اللاعب الأجنبي مع أنديتنا إلا أن هناك سؤالاً يجب أن يطرح عن الجوانب الأخرى التي قد أثرت في المستوى الفني في كرتنا وخصوصاً فيما يتعلق بالبنية التحتية والملاعب والتي من الممكن أن تلعب دوراً كبيراً في ارتفاع المستوى لكن يبقى الجانب المالي السبب الأول في عملية ارتفاع المستوى الفني.
وربما يمانع البعض فكرة منع تواجد اللاعب الأجنبي في ملاعبنا وأنديتنا وخصوصاً أن هذا القرار سيساهم في تراجع المستوى الفني بصورة أكبر، بالإضافة إلى أن ذلك سيساهم في تواجد ولو عدد قليل من اللاعبين الذين يمكن أن يساهموا في إثارة وارتفاع المستوى إعلامياً وفنياً.
وبرأي بعض آخر إن تواجد المحترفين في دورينا الكروي أمر ضروري لكن يجب ألا يكون جلب المحترفين من أجل ملء الفراغ فقط من دون التعرف على إمكاناته، لأن بعض المحترفين يعطون احتكاكاً أكبر للاعبين المحليين في ظل الخبرة التي يتمتعون بها.
ومن وجهة نظر هؤلاء البعض فإن تواجدهم يعتبر للتطوير، إذ سيزيد من إثارة الدوري وسط الفوارق التي يتمتع بها المحترفون في الفرق، فالبعض سيمتلكون محترفين مميزين قادرين على العطاء وإضفاء نوع من اللمحات الفنية على دورينا الكروي، لكن البعض الآخر يكون تواجده لملء الفراغ فقط.
تجربة لم تحقق الهدف
إن عدم استفادة الأندية المحلية من تجربة اللاعب المحترف الأجنبي في الوقت السابق لعدم إضافتهم الفنية للمسابقات لأن تواجدهم لم يساهم في ارتفاع المستوى بل اعتبر تواجدهم بمثابة القضاء على الخامات والمواهب في الأندية عبر حجب الفرصة عنهم، وبالتالي تجربة اللاعب الأجنبي لم تحقق الهدف المنشود.
وإن كرتنا المحلية والأندية بحاجة للاعب المحترف الأجنبي الجيد بهدف المساهمة في ارتفاع المستوى الفني العام وكذلك رفع واحتكاك مستوى اللاعبين المحليين وخصوصاً الشباب منهم، ونحن بحاجة لمحترفين ذوي قيمة فنية عالية لتساعد لاعبنا على التطور والنضوج سواء داخل الملعب أم خارجه، بالإضافة إلى حاجة المسابقات للاعبين ذوي مستوى عال.
وإن الجانب المادي للأندية يلعب دوراً في تحديد نوعية اللاعبين المحترفين الذين يتواجدون في مسابقاتنا، لأنه العامل الأكثر تأثيراً في عملية التعاقدات، مشيراً إلى حجم المبالغ المرصودة من قبل الأندية لهذه العملية، كما أن النقطة الأخرى في تواجد المحترفين في أنديتنا هي خطوة بعض الإدارات في التعاقد مع لاعبين دون الرجوع للأجهزة الفنية لفرقها بمجرد أن قيمة عقودهم مناسبة للنادي، إلى جانب أن بعض الإدارات تتعاقد مع لاعبين قبل أن تتعاقد مع مدربين.
ونقترح على اتحاد الكرة اتخاذ خطوة تقليص عدد المحترفين في الأندية في حال وجودهم كواحد من الحلول التي يمكن معها إيجاد لاعبين يمكنهم إضافة وترك بصمة واضحة في المستويات الفنية، إلى جانب حل آخر يتمثل في تخصيص مبالغ مالية من قبل الاتحاد الرياضي العام وأيضاً اتحاد الكرة للتعاقد مع محترفين على مستوى عال وجيد كما هو في بعض البلدان الأخرى.