كلما توغلت في تفاصيل الرياضة، بعيداً عن ساحة التنافس وموضوع الفوز والخسارة، أجد في ثنايا كل مشكلة من مشاكل الرياضة وأوجاعها موضوعاً مادياً والحاجة إلى المال.
والمقولة تقول “لارياضة دون مال” وأي حديث آخر سيكون مجافياً للحقيقية ، فقد ولى زمن الرياضي الذي يشتري بنفسه اللباس والحذاء ويلعب دون مقابل، وبعد مرور 47 عاما من عمر الرياضة السورية تحت ظل منظمة الاتحاد الرياضي العام، نجد أن رياضتنا لازالت تحتاج إلى المال، وتستنزف أموالا كثيرة، ولا تستطيع أن تكون بعد هذا العمر، أن تصبح في سن الرشد وتعتمد على نفسها، وتنتقل فعليا ًمن حالة الهواية إلى حالة الاحتراف الفعلي، لتؤمن على الأقل قوت نفسها، ولا تبقى تمد يدها إلى هذا الداعم أو ذاك الذي يقدم الفتات باليمنى، يغرف الملايين باليسرى.
هنا وفي هذه النقطة بالذات، لن أبتعد كثيرا عن الموضوع، ولن أناقش في مسألة الاحتراف ومتطلباته، وكيفية تفعيله، فالكل يعرف، ولكن يتم المواربة عنه بطريقة أو بأخرى، ولكنني سأتحدث عن باب التمويل الذاتي من خلال الاستثمارات في الأندية، التي في غالبها تملك مطارح استثمارية في غاية الأهمية، وبعض الأندية لديها مقرات، لايمكن القول إلا أنها قديمة جدا، وليست حضارية، ومع ذلك فيها أماكن مستثمرة، ولكن ليس بالشكل الأمثل، الذي يدر المال الكافي على النادي وألعابه الكثيرة.
ولو أن أي شخص يملك ولو محلاً صغيراً في تلك الأماكن، يا ترى هل سيؤجره “بتراب المصاري” كما تفعل إدارات الأندية، التي تدور شبهات كثيرة حول استثماراتها.
لن أشير لأماكن بعينها، ولا لنادٍ بحد ذاته، فالأمثلة واضحة وضوح الشمس، وحتى في المدن الرياضية تتشابه المشاكل، لذلك لا أحد يريد أن يفتح هذا الملف على مصراعيه، ولا أحد يريد أن يتخلص من الأعباء المادية التي تثقل كاهل رياضتنا التي باتت مستهلكة أكثر مما تكون منتجة، مع أن غيرنا سبقنا بأشواط كثيرة في موضوع الاستثمار في الرياضة، لتكون عائداتها رابحة، وميزانها التجاري يميل لصالح الرياضة، بعد أن باتت الرياضة واجهة اقتصادية للدول التي أدركت أهميتها، وعرفت كيف تديرها باحترافية تامة، بينما لازلنا “نتراجع إلى الوراء” ونتأرجح ما بين الهواية والاحتراف، والجماهيرية والنوعية، ونتخفى وراء أصابعنا، وشعارات لم يستطع أحد ترجمتها إلى أرض الواقع.
بسام جميدة