المتابع للدوري الكروي سيلمس فيه الكثير من المفارقات التي أصبحت علامة فارقة بدورينا منذ سنوات مضت، ولعل أكثرها تأثيراً سلبياً على مسيرة الدوري والفرق، فنياً، موضوع تغيير المدربين،
وعدم وجود استقرار فني يتيح للفريق تشكيل هويته المطلوبة، ليكون مميزاً بين أقرانه.
كل ما لدينا في هذا الشأن التدريبي يأتي ارتجالاً، ودون دراسة معمّقة، واختيار المدرب قبل بداية الموسم لا يكون وفق أسس منطقية، بل تحت تأثير العاطفة والمعارف، وقليلا ما يكون من أجل الكفاءة، لأن رياح التغيير تهب على المدرب مع أول هزة يتعرّض لها الفريق، ليكون المدرب الحلقة الأضعف داخل أركان النادي، ولا يكون تقييمه قائماً على المنطق، بل بردات فعل الشارع الرياضي الذي يركض ويهتف للنتيجة، لا من أجل العمل والكفاءة والثبات وتطوير المستوى الفني بشكل عام، لأن الرياضة فوز وخسارة، وبالتالي تنصاع الادارات لرغبات الجماهير غالباً، واليوم جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتأخذ الدور الأكبر في عملية التقييم المبنية على الولاءات والشللية والعاطفة.
اللوم يقع في الغالب على الادارة، ومن بعدها على الجماهير، التي قد تهتف له اليوم، وغداً قد تشتمه، ولكن اللوم الأكبر ومن وجهة نظري يقع على المدرب ذاته، الذي يعتبر التدريب مهنته ومصدر رزقه، ويقبل أي عرض يأتيه، وهنا لا أتحدث عن الجميع، فالمدرب الذي يرتضي لنفسه أن يعمل بظروف ليست مثالية، ويقبل بالتدخلات، ولايطور مهاراته، ويبدأ التدريب دون أن يوثّق عمله بعقد رسمي، سيكون عرضة للإقالة في أي لحظة.
أما الإدارات التي تخضع للضغوط وتتأثر بالنتيجة الآنية، ولا تمنح المدرب الوقت الكافي ليتبلور عمله، ومنها من لا تجيد الاختيار ولا تعرف هذا المدرب أو ذاك، والمفاضلة لا تكون على أسس متينة، وهي في الأصل إدارة هاوية، تتلطى للبقاء في كرسي الادارة خلف نتائج الفريق، وتقدّم المدرب قرباناً لإرضاء الجماهير المنفعلة، ومثل هذه الإدارات لا يمكن أن تطور الرياضة ولا كرة القدم أو تساهم بالتطوير.
تلك مشكلتنا التي لم يجد اتحاد اللعبة حلاً سوى أن تفرض على الأندية أن تلتزم بالتعاقد مع مدرب لديه شهادة A ، ومع ذلك يتم التلاعب بهذا الشرط، ويبقى المدرب واجهة لدرء العقوبات بينما المدرب الفعلي يملك الشهادة الأدنى وقد لايملك.
تطوير اللعبة يكمن بمؤهلات المدرب لذلك يجب أن تكون بداية التطوير من هنا.