كتب أمين التحرير: ربما كانت ملكة بريطانيا اليزابيث الأولى تدرك أو تتنبأ بما ستفعله بنا هذه الساحرة المستديرة في (قادم الأيام)
عندما أصدرت قانوناً يقضي على لاعب كرة القدم بطلب الغفران من الكنيسة حتى يغفر له أو يسجن لمدة أسبوع..!
ولكن هل سيتمكن فقراء العالم, من عشاق اللعبة الشعبية الأولى, من التحلي بمشاعر الغفران إزاء هذه(الهيمنة) التي قد تحرمهم من متابعة معشوقتهم بعد أن كانت لدى البعض (خبزهم.. كفاف يومهم) حتى وصف أحدهم دولة من أميركا اللاتينية بأنها بلاد الفقر وكرة القدم.. أم أنهم «الفقراء» سيتمكنون من فتح ثغرة في هذا الجدار الثقيل؟
قد يكون من الصعب تحديد تاريخ لاكتشاف البشرية فنون هذه الساحرة إذ يشار هنا إلى الصين واليونان وغيرهما, إنما من المؤكد أن الفضل الأكبر في انتشار اللعبة يعود إلى الانكليز الذين عشقوها إلى حد الجنون رغم كل التحذيرات الملكية والقرارات التي تحرم اللعبة قبل عدة قرون عندما أصدر الملك ادوارد الثاني مطلع القرن الرابع عشر قراراً يحرم فيه اللعبة بوصفها (أداة ينتج عنها شرور كثيرة لا يبيحها الرب).. وتبع ذلك الكثير من القرارات خلال القرنين التاليين.. وقد يكون هناك ما يبرر تلك القرارات إذ كانت اللعبة ذات طابع حربي, بل معركة حربية حيث يروي التاريخ أن أول لعبة كرة قدم أقيمت في شرق انكلترا استخدم فيها رأس أمير دانماركي بدلاً من الكرة بعد خسارته في المعركة…!
ورغم كل القرارات والمنع فقد ساهم ولع الانكليز المجنون في انتشار اللعبة في مختلف أنحاء العالم بواسطة البحارة والتجار والجيش الذي نشرها في المستعمرات الانكليزية…! ويقول التاريخ إن أول مباراة (دولية) في العالم أقيمت في الأورغواي بأميركا الجنوبية عام 1889 بين البحارة الانكليز في مونيفيديو وبوينس أيرس برعاية صورة الملكة فكتوريا.
ولعل مؤسسي الفيفا كانوا يسعون إلى توطيد دعائم اللعبة عندما أسسوا اتحادهم لكن لا نظن أنهم كانوا يدركون حجم الأمبراطورية التي ستصبح عليها هذه المنظمة الدولية التي لا تغيب عنها الشمس, وتغزو مختلف أنحاء العالم…!
تأملوا قليلاً ما يحدث اليوم فقد أصبح نجوم الكرة الأكثر شهرة ووقوعاً تحت الأضواء بين النجوم, وبات المال يسير تحت أقدامهم كالأنهار, وصورهم يتناقلها الجميع, وحكاياتهم يعرضها الصغير قبل الكبير.. بل إن شاعراً عالمياً تحسر ذات يوم على شهرته التي لا تقارن بشهرة مارادونا!!
ولم يقصر علماء النفس في محاولة اختراق عوالم هذه اللعبة وتأثيراتها وكيفية توظيفها على مختلف المستويات.. وهذا ما أدركه مبكراً بعض السياسيين, قديما وحديثا, فحاولوا توظيفها وفق غاياتهم ومنظورهم, لاستغلالها بأقصى ما يستطيعون.. وهنا نذكركم بكتاب ادواردو غاليانو المدهش (كرة القدم في الشمس والظل) لتنالوا قسطاً من المتعة الأدبية الممزوجة بحكايات وخفايا عالم الكرة شديدة الإثارة.
بعد قليل سترتفع, بل ارتفعت منذ الآن، الرايات الملونة فوق البيوت والسيارات وسيرتدي (العشاق) قمصان فرقهم المحبوبة, وستنطلق الآهات مفتونة بالساحرة التي تدور فوق المستطيل الأخضر..
فقط تذكروا… عندما يفكر العالم بقدميه فذلك يعني أن الساحرة المستديرة قد أشعلت حرائق الفتنة الطاغية في العقول والقلوب…!
تفاصيل عن المونديال وجدول المباريات ص……7-8