لنعترف بأننا لم نعد نصلح لشيء وأن خيبتنا في بكين غطت على كل المحاسن والموازين
( إن كان لرياضتنا محاسن) وأن الخطابات والشعارات والعبارات الرنانة لم تعد تنفع بشيء على حلبة المنافسات فالرياضة يا سادة أصبحت علماً وفناً ومالاً وليس كما قال أحد مسؤولينا أنه بالإرادة والتصميم نحقق الفوز, هذا صحيح لو كنا سنذهب في رحلة ترفيهية ونلعب ودياً مع أي فريق قبل خمسين أو ستين عاماً أي عندما كانت رياضتنا رياضة حارات وأزقة وزواريب, أما والحالة هذه فهذا يعني بأننا لم نفهم بعد معادلة الفوز جيداً وهذه مصيبة جديدة.
لكن بقليل من المطالعة والثقافة الرياضية وتقليب صفحات قواميسنا الرياضية وسؤال بعض الدول الشقيقة عما تقدمه للرياضة نستطيع أن ندرك مقومات أي رياضة ومدلولاتها لنتطلع فيما بعد على موقعنا عربياً ودولياً وندرك بعدها أننا بحاجة لحلول علمية ومادية للوقوف على قدمينا عندها نكون قد بدأنا إذا ما أردنا أن نبني وإذا لم تخترق كلماتنا هذه آذان وأذهان مسؤولي رياضتنا فليسألوا الاتحاد الكويتي لألعاب القوى عما دفعه على اللاعب فوزي دهش عام 1984 لأحد المدربين الألمان عندما عجز مدربه الأجنبي عن معرفة أسباب عدم تحطيم دهش رقمه خلال تدريباته (10000 دولار) والذي أحرز فيما بعد ثالث العالم وليسألوا مصر الفقيرة الشقيقة متى بدأت تحضيراتها لأولمبياد العام الحالي ودول المغرب العربي كيف تصنع أبطالها? قبل أن يسألوا الصين واليابان وكوريا عن مدارسها المتخصصة بمختلف الألعاب, نعم لقد فشلنا بالعشرة ولندرك هذه الحقيقة جيداً كما ولندرك بأننا أتقنا لغة التطبيل والتزمير لإنجازات خلبية أكثر من لغة العمل الجاد وطبطبنا على أكتاف المزورين والمزمرين أكثر مما قدمناه لرياضتنا وصفقنا في محافلنا الرياضية لأبطالنا وصافحناهم بابتسامة عريضة قبل أن نتأكد من عدد الدول المشاركة في بطولاتهم وأوزانهم وابتعدنا عن الشعور بالمسؤولية والشفافية لنجد أنفسنا ورياضتنا في صحراء قاحلة.
أما المسؤول عن ذلك فأنتم ياسادة يا قوم رياضتنا, فلم تروا إلا نصف الكأس الذي ترغبون وتناسيتم النصف الآخر, ولم تفكروا يوماً بصياغة حل أي حل لهذه المحنة رغم أن جميع الحلول بين أيديكم وفي أدراج مكاتبكم فقد أتقنتم لغة العينين جيداً لدرجة أنكم أقنعتمونا بالشفقة عليكم فما من تصريح لكم أو سؤال وجه إليكم إلا وشكيتم وبكيتم قلة الحال والحيلة علماً أنه بقليل من الحنكة والعمل وروح المبادرة تستطيعون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من رياضتنا إذا أردتم, لكنكم لا تريدون فلماذا نطرح عليكم حلولنا إذاً? أما البلة التي زدتموها على الطينة وساهمتم عبرها في تردي واقعنا الرياضي أنكم أدرتم ظهوركم للفساد والتزمتم الصمت حيال المفسدين فلم تربطوا الأقوال بالأفعال وأبعدتم الخبرات النظيفة عن محراب عملكم الرياضي فلن يسامحكم طفل أو شجرة أو حتى سارية علم ومنصة تتويج, نعم لقد دفنتم رموز رياضتنا, شعاع والفرج وأبو حامد وغيرهم الكثير عندما قررتم وأد رياضتنا واغتلتم حلم 20 مليون سوري يتوقون لإنجاز فهل حاسبتم أنفسكم? وهل شعرتم بشيء غريب يحتاجكم بعد خيبة بكين?! أم أن هذه المشاعر لم يعد لها مكان في قواميسكم وأُفئدتكم وأذهانكم!! فهل فكر أحدكم مثلاً في إيجاد أي مصدر لتمويل رياضتنا لإبعادها عن شبح العوز الذي وقعت بين فكيه فريسة سهلة? وهل طالب أحدكم بإيجاد هيكلية جديدة ضابطة لرياضتنا الوطنية والتواصل مع كل ما هو جديد والحفاظ على أبطالنا الذين نخسرهم عاماً بعد عام..
إذاً لنعترف وقبل بكين بأن رياضتنا مترامية الأطراف مصابة بالدوار وبعيدة كل البعد عن البساط والحلبة والمضمار والسؤال هل تصحو ضمائرنا قبل أن تشبع مراكبنا غرقاً? أم أن مئة خيبة وخيبة في بكين وغيرها لن تحرك فينا شعر قيد أنملة?
حسين مفرج