قبـــل التوجـــــه للإمـــارات لإســــتئناف التصفيـــات..منتخبنا الوطني يبحث عن عقد مدربه بين أوراق اللجنة المؤقتة المبعثرة
بشار محمد:تعيش كرتنا الوطنية مرحلة صعبة غير مسبوقة لجهة السير بمحاذاة حافة الانهيار والسقوط بعد أن أوصلها الاتحاد السابق المستقيل لمرحلة الموت السريري على الرغم من باقات الورود والعراضات الشامية والمواكب السيّارة الفارهة ومعسكرات «خمس نجوم» والاجتماعات والوعود الرنانة التي نسجت لوحة هشّة كبيت العنكبوت ما لبثت أن تكسّرت أمام الإخفاقات والتخبّطات والارتجاليّة والغرور الذي صبغ المرحلة السابقة.
كرتنا اليوم ليست أفضل حالاً على الرغم من محاولات اللجنة المؤقتة تحسين الواقع وتجميله في أحسن الأحوال والمحافظة على شكل ما تبقّى من كرة وطنية لناحية ترتيب البيت الداخلي ولو ظاهرياً والتخفيف من هدر المال بل محاولة تحصيل بعضها ما يساهم في استمرار النشاط الكروي المحلي والاستحقاق الخارجي الأهم المتمثّل بالتصفيات المونديالية وهنا بيت القصيد.
بيت القصيد اليوم ليس بخير بل هو عليل آيل للسقوط بصورة كارثية قد لا تبقي معها بنيان منظومة العمل التي تديره أو التي تشرف عليه وهذه الصورة القاتمة ليست تشاؤمية أو سوداوية ولا تخضع للتهويل أو التضخيم بل هي واقعية وفي العمق هي الجزء الأكبر من المشهد الحقيقي لكرتنا وحال منتخبنا الوطني «المعتر».
السطور القادمة ستحمل إجابات تؤكد حقيقة المشهد الكروي بالدلالة والاستناد على الآلية والكيفية التي وصلت إليها مشاهد المسلسل الملل لعقد الروماني تيتا مدرب منتخبنا الوطني والتي سيكتب فصلها الأخير غداً على طاولة رئيس اللجنة الأولمبية وإلى التفاصيل:
«كلاكيت» للمرة الأخيرة
نعم هو المشهد الأخير من المسلسل تم الإعلان عن تصويره أمس ببيان أعلنت فيه اللجنة المؤقتة للاتحاد العربي السوري لكرة القدم عن اجتماع مع رئيس اللجنة الأولمبية السورية فراس معلا لدراسة الصيغة النهائية لعقد المدرب الروماني والتشاور حول الخلاصة لهذا الملف الذي استغرق من الوقت أكثر مما ينبغي حسب البيان.
ولم يكتف البيان بالدعوة «المفخخة» بل نفت اللجنة ببيانها كل ما تم تداوله أمس حول التوصل إلى اتفاق مع المدرب الروماني مؤكدة أن الأخبار تفتقد للدقة وخاصة فيما يتعلق بالمعلومات التي يتم تداولها حول نقل الملف من رئيس اللجنة المؤقتة إلى أحد أعضائها.
وتخلص اللجنة في بيانها لاعتبار اجتماع يوم الأحد مع رئيس اللجنة الأولمبية سيؤسس للنتيجة النهائية المتعلقة بمصير المدرب تيتا والذي سيتقرر في غضون ٧٢ ساعة ومن خلال اللجنة المؤقتة حصراً.
البيان نفهمه إقرار من اللجنة بأن الأمور مع الروماني تيتا وصلت لحد استمراره بالعمل بشروطه التي وضعها وعلى مسؤولية رئيس اللجنة الأولمبية أو مغادرته عائداً لبلده في حال لم تفض الجلسة غداً للحل المأمول من قبله بإلزام رئيس اللجنة المؤقتة نبيل السباعي لتوقيع العقد وفق رغبة تيتا لشرطه الجزائي وفي حال حدوث ذلك فالاجتماع سيكون الأخير ربما للجنة المؤقتة أو أكثر من ذلك وهذا وارد وفق الظروف الحالية غير الجيدة لجميع الأطراف.
تدوير الزوايا قبل الكارثة
المشهد الذي وصلنا إليه في قضية تيتا هو نتيجة الواقع التنظيمي المتردي لاتحاد الكرة وآلية عمله والملفات الساخنة التي تسلمتها اللجنة ومنها صراحة ما هو قابل للانفجار في أي لحظة في حال أفلتت الأمور من عقالها وهذا وارد وتحديداً فيما يخص الملف المالي أو التفتيشي وبموضوع تيتا فالمشكلة مزمنة تقوم على الارتجالية بالقرارات والعمل بعشوائية تحكمها «المونة» وتيسيير الأمور وإن كانت في مطرح ما بنية حسنة للعمل إلا أنها غير مجدية بل غير صحيحة في هكذا قضايا.
المشكلة وقعة لكن الكارثة مؤجلة ومسؤولية تدوير الزوايا أخذها البعض على عاتقه لإيجاد صيغة حل أو تفاهم يمضي بالمنتخب نحو الإمارات جواً بأمان بدلاً من كارثة تمضي بالمنتخب إلى الهاوية وكحال قضايا رياضتنا حاول المقربون من طرفي النزاع تقريب وجهات النظر مع وجود البعض ممن لعب دوراً خلاف ذلك وساهم بتصلّب الطرفين حتى تم إقحام رئيس اللجنة الأولمبية علناً بالموضوع في أكثر من مناسبة في هوية المدرب وطني أم أجنبي ومن ثم بموضوع مدير المنتخب ومن ثم الشرط الجزائي وهذا جوهر اجتماع الغد.
شارة المسلسل
الشارة للمسلسل الحالي لم تكن جذابة وحتى الموسيقى التصويرية للشارة منفرة فالشارة تحمل تفاوضاً معلناً مع مدربين وطنيين محليين ومدربين وطنيين في الخارج والتعاقد مع الروماني تيتا «هيك ببساطة» والإخراج في مكان ما خارج قبة الفيحاء.
الرجل تواجد على رأس عمله مباشرة في كأس العرب ولبّى النداء دون عقد واللجنة وافقت وهنا أساس المشكلة والعلّة «سلق» هي القرارات المصيرية و»المونة» هي الآلية في اتخاذ هذه القرارات.
بعد كأس العرب كان الفصل الأول المعلن للمشاهد في فرض تيتا تغيير مدير المنتخب على الرغم من أن المشهد لم يخرج بالشكل الأمثل ومن ثم بدأت الفصول.
الشرط الجزائي للعقد
«المونة» أولاً وليس شيء آخر هي من أقنعت الطرفين بحل وسط أرضا تيتا ومن معه بتسمية مدير جديد للمنتخب لينتقل الصراع الخفي للعلن بين تيتا ورئيس اللجنة المؤقتة نبيل السباعي متسلحاً بثقة أعضاء اللجنة ودعمهم لقراراته ورؤيته وجاء دور إتمام العقد وتوقيعه وهذا أمر تأجّل «بالمونة» ومعه تعمّق الشرخ بين الرجلين على الرغم من اتفاقهما على كل تفاصيل وبنود العقد باستثناء الشرط الجزائي الذي قد يضع نهاية للمسلسل صباح الغد.
عناد وغموض
العناد عنون مرحلة التفاوض وتصلّب الرجلان بموقفهما فالسباعي يريد شرطاً ضامناً لحقوق الطرفين بالتساوي وتيتا يريد شرطاً يضمن به حقوقه بمسوغات أنه سيدفع لكادره في حال تم فسخ العقد.
تمسّك السباعي بموقفه جاء بدعم من لجنته المؤقتة وفق مصادرنا فهم معه في طرح المساواة لاعتبارات كثيرة ولنا في شرط المعلول قصص وعبر.
في حين راهن تيتا على الوقت و»المونة» لفرض شروطه من جديد ولمعرفته بحراجة موقف اللجنة وكسب تأييد الجمهور على منصات التواصل ولأنه يعلم أن الموضوع سيذهب خارج قبة الفيحاء وهنا تكمن المشكلة برأينا.
مفاوضات الساعات الأخيرة
قبل خوض اللقاء الودي لمنتخبنا أمام تشرين في حلب هدد تيتا بالرحيل في حال لم يوقع العقد بشروطه في وقت تمسّك السباعي بمبدأ الشرط الجزائي المساواة بالمثل وأمام هذا المشهد طالب رئيس اللجنة الأولمبية الجميع بتوفير أجواء هادئة للمنتخب وعدم التصريح من قبل الطرفين وسافر إلى حلب سعياً لإنهاء المشكلة وتقريب وجهات النظر وعدم تغليب طرف على الآخر ولكن الأمور بقيت على حالها.
مسار التفاوض المالي
تيتا طالب اللجنة في حال إقالته بدفع ١٥٠ ألف دولار أميركي كشرط جزائي، أما في حال استقالته فالشرط الجزائي يلزمه بدفع ٥٠ ألف دولار فقط.
نبيل السباعي يرفض ذلك جملة وتفصيلاً، ويصرّ على مبدأ المساواة في قيمة الشرط الجزائي، بحيث يكون الرقم ١٥٠ ألف دولار على الطرفين.
أو ١٠٠ ألف دولار لنا أو علينا، أو ٥٠ ألف دولار لنا أو علينا.
تيتا يرفض مبدأ المساواة، ويعدّل فكرته إلى دفع اللجنة رواتب ٣ أشهر له وللكادر (مجموعها ٧٥ ألف دولار) أما في حال استقالته لا يترتب عليه شيء.
نبيل السباعي رفض وتمسّك بمبدأ المساواة.
التفاوض انتقل لمرحلة دعم خيار تيتا المتمثّل بشرط ١٥٠ ألف دولار على اللجنة مقابل ٥٠ الف دولار عليه بحجة أنه من سيدفع لكادره في حال الاستقالة وهنا بدأ الضغط في حلب على السباعي وعلى اللجنة لإبرام العقد لكن دون أن تفلح الضغوط و»المونة» وتوجه أصحاب الأيادي الخيرة لحمص لإقناع السباعي بالتوقيع وعلى مسؤولية رئيس الاتحاد الرياضي العام فكان الجواب بتأكيد مبدأ المساواة وتضمين العقد حوافز لتيتا تتلخص بمنحه مكافأة التأهل للملحق الآسيوي ١٠٠ ألف دولار و٥٠٠ ألف دولار في حال بلوغه المونديال.
الأمور اتجهت لإسناد مهمة التوقيع لأحد أعضاء اللجنة وتم اختيار عضو الاتحاد المبتعد غير المستقيل أحمد قوطرش الذي رفض التوقيع فكان الخيار لدى السباعي باستلامه كتاباً رسمياً من القيادة الرياضية لإلزامه بالتوقيع وفق شروط تيتا وهنا انتهت المفاوضات ووصلنا لبيان إعلامي صادر عن اللجنة بالدعوة لاجتماع على طاولة رئيس اللجنة الأولمبية السورية في إقحامه من جديد بالمشكلة إما لتأكيد أنه المنقذ كما يروّج فيسبوكياً أو لإحراجه صراحة وتعقيد المشهد الرياضي الذي يتحرك اليوم على صفيح ساخن جراء تداعيات حل اتحاد كرة اليد.
احتمالات
ترويج احتمالات الحل وتسويقه عشية الاجتماع المرتقب تشير لترجيح كفة تيتا وهذا يعني تقزيم اللجنة المؤقتة وإشرافه الشكلي على ما تبقى من عمرها حتى آذار القادم وهذا له تداعيات خطيرة على النشاط المحلي وسحب ملف المنتخب من يدها وإسناده لمقربين من أصحاب الوساطة.
أما في حال نجح السباعي بفرض هيبة الاتحاد ومبدأ المساواة بالمثل وهذا أقله فإن تيتا سيغادر منطقياً إلا إذا «المونة» ألزمته بالاستمرار كما ألزمته بالسفر للدوحة في كأس العرب سريعاً دون عقد.
وخلاف ذلك فإن الحراك الرياضي في خطر.
قنبلة موقوتة
المراقبون والعارفون بخفايا وكواليس طرفي الصراع شبهوا اجتماع الغد بالقنبلة الموقوتة والتي قد تأتي على المشهد الكروي خاصة والرياضي عامة والمؤشرات ليست في مصلحة أحد وتغليب العقل هو حبل نجاة الطرفين فالمرحلة حرجة جداً وأي خطأ ليس محمود العواقب بل كارثياً.
هي دعوة صادقة لاستشعار خطورة الموقف والجمهور يترقّب وبالمحصلة هو الخاسر الأكبر والتاريخ لم ولن يرحم أحداً.