متابعة- أنور الجرادات:في ظل تدحرج كرتنا المحلية على لائحة الترتيب الدولي، وحيال تراجع المستويات عند الفرق واللاعبين، يبرز السؤال المحيّر:
لماذا كان المستوى في الماضي أفضل رغم قلّة الإمكانات؟…
وما هي أسباب الانحدار الحاصل؟…
كرتنا المحلية أصبحت حزورة صعبة، فهي تتدحرج إلى الخلف، وفي العقد الأخير تراجعت على سلّم ترتيب ( الفيفا ) كثيرا وما عادت لأنديتها قدرة على مقارعة نظرائها حتى في المحيط العربي المجاور، لدرجة أصبحت فيها منتخباتنا بمثابة الحلقة الأضعف عربياً وإقليمياً، وللصدقية ربما يقف خلفها ٧ أو ٨ دول آسيوية فقط ..! لماذا هذا التأخّر، وهل من طريق يعيدنا إلى حيث كنا؟ مع العلم بأن هناك بعضا من اعضاء الاتحاد لهم تاريخهم الكروي، اهتمام اللاعبين بتطوير مستوياتهم، التعاقد مع مدربين أكفاء وسيادة الروح الرياضية…
إخلاص الماضي
وفي نظرة تشريحية إلى واقعنا الكروي حالياً، نلاحظ الآتي:
ـ تجاوز موازنة الموسم لفرق المحترفين إضافة إلى أكلاف المشاركات لبعض الفرق.
ـ تناقص عدد اللاعبين النجوم في الأندية وتكاثر عدد الأندية في جميع الدرجات.
ـ الاعتماد بنسبة عالية على المدرب الوطني ومعظمهم من اللاعبين السابقين الذين يدرّبون ما تدرّبوا عليه، علماً بأن التدريب تطوّر وتحوّل اليوم إلى علم ودراسات متعددة وخطط قابلة للتطوير يومياً.
ـ استقدام لاعبين وافدين من خارج الأندية معظمهم بمستويات متواضعة، بما يكلف من صرف أموال وعلى حساب لاعبين محليين يُبعدون عن نيل فرصهم في الوقت المناسب.
ـ انقسام القيّمين على إدارة شؤون اللعبة (الاتحاد) إلى فريقين وأحياناً ثلاثة فرق!
ـ وجود بعض لجان في اتحاد اللعبة اسمياً لا فعلياً، (لم تطرح للتنفيذ أي مشاريع جدية لتطوير أنظمة عقود اللاعبين والانتقالات بين النوادي)، وأبقيت في الادراج بعض المحاولات الجادة للغيارى من أهل الخبرة.
ـ تكاثر الملاعب الصغيرة بهدف الاستثمار المادي في ظل غياب الملاعب الكبيرة في المناطق، وإقبال الأهالي على تسجيل أولادهم في مدارس كروية لقاء رسوم مادية.
ـ تراجع مستوى التعاون وأجواء الألفة بين اللاعبين داخل الفريق الواحد.
ـ تعامل الأندية مع لاعبيها كموظفين، وهذا الأمر انعكس سلباً على روح العطاء، وبالتالي ضعفت فكرة إثبات الذات وتبخّر مفهوم الولاء الصادق.
الحقيقة المرة!
ما ذكرناه يكشف الأسباب الحقيقية التي أدّت مع الوقت إلى تراجع المستوى الكروي المحلي، على صعيد النوادي فردياً وكذلك على المنتخبات عموماً، إلى أن وصل ترتيبنا الحالي في سلم ترتيب ( الفيفا ) إلى حيث لا نريد ولا نتمنى..
الزمن الجميل
بالانتقال إلى الحديث عن سرّ تألّق كرتنا المحلية في الماضي وتحديداً في حقبة التألق لا بد من تسجيل الملاحظات الآتية:
ـ كثرة عدد اللاعبين المميّزين قياساً إلى عدد الاندية، وتسابق النجوم للوصول إلى صفوف المنتخب الوطني.
ـ التعاون الأخوي السائد والزائد بين لاعبي أيام زمان، حتى بين نجوم أندية ( الدربي ) لما فيه من مردود على مصلحة اللعبة ككل.
ـ الإخلاص للعبة الناتج من الهواية الصافية، وسعي اللاعب لإبقاء نفسه في حالة تأهب واستعداد من أجل مصلحة فريقه، إضافة الى معاناة اللاعبين مع أهاليهم نتيجة ما قد يواجههم من إصابات ومصاريف زائدة وإبعادهم عن التحصيل العلمي.
ـ مستويات الثقافة الأعلى لدى لاعبي الماضي واندماج التواضع بالنجومية.
ـ مشاركة بعض اللاعبين مادياً في دعم فرقهم عند الحاجة.
كيف السبيل لوقف هذا التراجع؟
بناءً على ما تقدّم، نستنتج أن مسار اللعبة زمن الهواية كان أفضل بكثير من مسارها حديثاً مع الإمكانات المادية غير الموجّهة، لذا لا بد من معالجة الثغر الواردة والعمل على تثقيف أجيال اللعبة وفك الحصار عنها، ويبقى الأهم أن نوجّه الجيل الصاعد إلى حب اللعبة والإخلاص لها، وهنا يترتّب على الأهل والمدارس والأندية والاتحاد الرياضي العام واتحاد الكرة والجهات المعنية أن يلعبوا الدور الجاد، أملاً بإعادة الأمور إلى سابق عهدها وصولاً إلى جادة الارتقاء.