متابعة – مهند الحسني: لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن السلة السورية تعيش حالة من عدم الاستقرار نتيجة تأرجحها وعدم ثباتها، وخاصة بما يتعلق بتوفر الإمكانات المادية التي باتت تؤرق جميع الكوادر العاملة باللعبة،
وعلى ضوء هذا الواقع الصعب لن يستطيع أحد تطويرها أو إخراجها من ضياعها في حال بقيت الأمور على ما هي عليه، ويبدو أننا ابتلينا بواقع سلوي صعب ومرير، ونضحك على أنفسنا وعلى الآخرين، وتبقى حصيلة اليوم كما كانت في الأمس، وكما ستكون في قادمات الأيام ولا شيء جديداً.
وإذا كان الاتحاد بلا صلاحيات، والمنتخبات بلا معسكرات، واللعبة بلا أموال، مظاهر طبيعية في رياضتنا السورية، فإن الرهان على قدرات الأشخاص وإمكاناتهم الفردية وجهودهم الشخصية للنهوض بواقع اللعبة سيكون رهاناً خاسراً لا محالة وضرباً من ضروب المستحيل، فالواقع العام للرياضة السورية لا يبشر بالخير، ولا توجد بارقة أمل تلوح بالأفق على ضوء المقدمات التي سبقت مشاركة منتخبنا في بطولة آسيا، وذلك استناداً لمعطيات رقمية وشواهد حقيقية، أبسطها عجز القيادة الرياضية عن تأمين أبسط مقومات ومستلزمات التحضير المثالي لمنتخبات السلة، فإن البنية التحتية بلا شك متآكلة ومهترئة ولا تنفع معها الصيانة ولابد هنا من استبدالها.
تجارب خيالية
غمز البعض أكثر من مرة في قناة اعتماد تجارب بعض دول الجوار، وخاصة التجربة الإيرانية التي أثبتت نجاحها، وهذا شيء مفيد وضروري أن نتعلم ونستفيد من تجارب الغير، لكن نسي هؤلاء المطالبون بتطبيق التجربة الإيرانية أن لهذه التجربة مقومات، ومناخات ملائمة نحن نفتقد أبسط مقوماتها، ونسوا أن التجربة الإيرانية تحتاج إلى ملايين الدولارات، وإلى معسكرات خارجية ومدربين من مستوى عالٍ، ونحن مازلنا نتحدث ونتطلع ونتمنى موافقة المكتب التنفيذي على إقامة دوري محلي لا أكثر، ورغم كل ذلك ترى القيادة الرياضية بأنها تبزخ وتصرف على كرة السلة بميزانية لا تذكرفعليا مقارنة بما يقدم ويصرف لأقل منتخب من دول الجوار.
حماسة ولكن!
أصبحت لدي قناعة شبه تامة أن حماس المكتب التنفيذي في ايجاد السبل الكفيلة لتطوير اللعبة الشعبية الثانية، وتوفير كل مقومات العمل الصحيح يشبه إلى حد بعيد مسألة تناول بعض الأشخاص للمنشطات، والمشكلة هنا ليست في تناول المنشطات بل في الأثر الذي تتركه، فالحركة والحيوية التي تدب بالشخص بعد تناولها سرعان ما تبدأ بالزوال إذا لم تتابع بواحدة أخرى وهكذا، وبكل صراحة هو حماس المكتب التنفيذي لسلتنا الغارقة، يبدي اهتماماً كلامياً وتصميماً مريحاً على معالجة هموم وشجون اللعبة، لكن بعد فترة ليست بالطويلة يكتشف الواحد منا أن حماسه الذي تكون مع حماسة المكتب التنفيذي بأقواله ووعوده وحده الذي بقي وليس هناك شيء آخر، وهناك أمثلة كثيرة وعد المكتب التنفيذي بتوفيرها وتأمين كل ما يلزم اتحاد السلة، غير أن الوعود ما لبثت أن تلاشت مع مرور الأيام…؟!
تفاؤل مشروع
تناهى إلى مسامعنا قبل أيام قليلة خبر مفاده أن القيادة الرياضية ستولي اتحاد كرة السلة اهتماماً غير مسبوق في المرحلة المقبلة، وخاصة المنتخبات الوطنية التي ستشهد نقلة نوعية في طريقة التحضير والإعداد بما يتناسب مع حجم وقوة البطولات المراد المشاركة فيها، ولا نغالي كثيراً إذا قلنا إن فسحة تفاؤلنا اتسعت بعد تولي الدكتور ماهر خياطة لمهام مسؤول الألعاب الجماعية في الاتحاد الرياضي، ومبعث تفاؤلنا كونه ابن اللعبة وأحد أبرز نجومها في الفترة الماضية، ومن المؤكد أن حماسه وطموحه وتطلعاته لن ترضى أن تبقى السلة السورية أسيرة الظروف والمنغصات وشح الإمكانات المادية، ولديه الكثير من الرؤى والتصورات لإيجاد الحلول الناجعة لدعم اللعبة وتوفير الإمكانات المادية لها، لكن اليد الواحدة لا تستطيع التصفيق وواقع السلة السورية الحالي بات بحاجة لتضافر جميع الجهود من أجل التأسيس لفضاءات أوسع وأشمل للمرحلة المقبلة لتكون مليئة بالإشراقات، وخاصة على صعيد المنتخبات الوطنية التي بدأ بريقها يخبو على الصعيدين العربي والقاري.
خلاصة
أيها السادة إذا أردنا منتخبات قوية ومتطورة، فلهذا الأمر شروط يجب توافرها ، وإذا أردنا أن تبقى منتخباتنا كالقط الأليف تستبيح سلته جميع المنتخبات من كل حدب وصوب، فأعتقد أن الوضع الراهن كفيل بتراجعها أكثر لتصل إلى حد الهاوية.