متابعة – أنور الجرادات:الملاعب الشعبية عندنا كانت مصنعاً لنجوم الكرة السورية في عقود ماضية، فقد كان الإقبال عليها من قبل اللاعبين منقطع النظير، بل إنها كانت الملاذ الوحيد لأهالي المناطق للتجمع والتفاخر بأبنائهم الذين يقدمون أروع العروض الكروية على أديم تلك الملاعب التي اختفت في السنوات القليلة الماضية نتيجة كثرة ملاعب الخماسي (المعشبة صناعياً ) التي أنشأها بعض الميسورين والتجار.
اختفاء
لقد اختفت الملاعب الشعبية الترابية نهائياً من المناطق، لتكون البديل لها ملاعب الخماسي والمدارس الكروية والأكاديميات.
فهل كان ظهور المدارس والخماسي نقمة على الكرة السورية خاصة بعد انتكاسات المنتخبات الوطنية في عديد البطولات؟
خماسي الكرة قضى على الساحات الشعبية
و حقيقة ومن دون مجاملة إن الملاعب الشعبية تلاشت شيئاً فشيئاً منذ فترة طويلة ويعود الأمر إلى طبيعة الحياة التي فرضها واقعنا حيث إن المتابعين لهذا الأمر يلاحظون أن الساحات الشعبية تنقرض وتتلاشى يوماً بعد آخر بسبب زحف البناء العمراني، أضف إلى ذلك التخطيط الخاطئ من قبل أصحاب الأراضي من خلال بناء ملاعب الخماسي المغطاة بالتارتان التي غزت جميع المساحات الفارغة ما أدى إلى قتل روح الموهبة لدى الكثير من لاعبينا والاتجاه إلى هوايات أخرى لكون هذه الملاعب لا تلبي الطموح لدى الشباب والناشئين لعدم منح الفرصة لهم لممارسة هواياتهم أو من خلال حدوث إصابات لكونها ملاعب غير مستوفية لشروط الأمان بالنسبة للاعبين من ناحية الأرضية.
نجوم الفرق الشعبية
في المراحل والأيام السابقة تألقت الكرة السورية بشكل مثير،عندما كان منتخبنا الوطني يبدع ويسجل النتائج الملفتة في العديد من البطولات التي كان يشارك فيها ومن خلال اللقاءات الودية مع أميز المنتخبات العربي منها والآسيوي وحتى العالمي لم تكن حينها عندنا إلا مراكز قليلة للمدارس الكروية، بل كانت الفرق الشعبية هي التي تمول المنتخبات الوطنية باللاعبين ولمختلف الأعمار، حيث كان مدربو المنتخبات الوطنية يبحثون عن المواهب الكروية في الملاعب الشعبية، يومها أصبح عندنا أكثر من منتخب كروي، نتيجة تواجد المواهب التي قدمت أروع العروض، وخاصة في حلب حيث كانت الحصة الأوفر في تخريج اللاعبين والزج بهم في المنتخبات الوطنية، وفي السنوات الماضية شاهدنا حملة كبيرة من أجل تأسيس المدارس التخصصية لكرة القدم، حتى وصل عددها إلى أكثر من 100 مدرسة وفي أماكن مختلفة في جميع المحافظات و القسم الأكبر من المدارس يسجل اللاعب مقابل مبلغ من المال يدفعه الآباء لغرض التعلم، كما أن لساحات الخماسي أيضاً الحصة الأوفر في اختفاء الملاعب الشعبية وها هي النتيجة اختفاء المواهب وتدهور الكرة السورية بكافة منتخباتها الوطنية.
أكاديمي وخماسي
وربما يقول قائل إن الكرة السورية انتهت بتواجد ملاعب الخماسي والأكاديميات الكروية، في السابق كانت كرتنا تعيش أحلى انتصاراتها بفضل الملاعب الشعبية التي خرّجت الأجيال، بينما اليوم مع تلاشي الساحات الشعبية أصبحت كرتنا في حال يرثى له والدليل خروج منتخباتنا الوطنية صفر اليدين من أي بطولة يشاركون فيها و إن التخطيط غير صحيح إطلاقاً خاصة بعد كثرة ملاعب الخماسي والأكاديميات، حيث ساهم كل ذلك في تدهور أوضاع الكرة برغم كثرتها ، فساحات الخماسي صغيرة ولا تطور اللاعب من ناحية اللياقة البدنية، وحتى المهارات كون أرضيتها من التارتان الذي يساهم في إصابة اللاعبين، أما الأكاديميات فاللاعب الصغير صاحب الموهبة عندما يريد أن ينضم اليها يكون ذلك مقابل ثمن وبعض اللاعبين من أصحاب المواهب لا يمتلكون قرشاً واحداً وليس باستطاعتهم الانضمام إلى الأكاديمية، وفي هذه الحالة يذهبون إلى ساحة الخماسي التي تسهم بإصابتهم وبالتالي ترك الكرة إلى الأبد.
تخطيط غير مبرمج ؟
وآخر يقول: لقد انتهت الكرة السورية بل شُيّعت إلى مثواها الأخير نتيجة التخطيط غير المبرمج من قبل القائمين عليها، فاتحاد الكرة كانت مساهمته واضحة في تدهور أوضاع الكرة من خلال عدم إقامته لدوري الفئات العمرية، وشاهدنا الانتكاسات المتكررة لكرتنا للمنتخبات الوطنية جميعها و عدم امتلاك لاعبينا اللياقة البدنية كان عنوان الانتكاسات.
عموماً أمور كثيرة ساهمت في تردي أوضاع كرتنا لكن القسم الأكبر منها اختفاء الساحات الشعبية وتواجد آلاف الساحات الشعبية والمدارس الكروية.
أتمنى أن يكون هناك تخطيط مبرمج من قبل اتحاد الكرة في إقامة دوري للفئات العمرية من أجل بروز المواهب الكروية وبالتالي في نهضة كرتنا بعد أن غرقت في بحر الانتكاسات.