متابعة – أنور الجرادات: خطت كرتنا المحلية خطوات لا بأس بها نحو القارية في الفترة الأخيرة.. أصابت وأخطأت، حاولت.. تقدمت وتراجعت، تجربتها ثرية جدا وهي منارة من المنارات الكروية العربية البارزة لتاريخها الطويل، وريادتها على صعيد المنتخبات الوطنية والأندية، التي حققت العديد من الإنجازات الرائعة عربياً وقارياً.
سقنا هذه المقدمة لنتحدث عن أهم عناصر العملية الكروية.. الأندية وإداراتها، وهي المعنية في الأصل بتطوير الكرة السورية والمساهمة في تقدمها فنياً وإدارياً واقتصادياً، فهل أنديتنا قادرة على لعب هذا الدور حاليا ؟
غياب التخطيط
إن الدرجات السالبة في أي تقييم تؤدي إلى عدم الرضا عن أي إدارة، وعدم الرضا عن إدارات الأندية يأتي دائماً من ثلاث جهات، الجماهير التي تمثل القاعدة العريضة للعبة ولديها من الوعي ما يجعل موقفها نابعاً من داخلها، والنقد الرياضي السليم والموضوعي، والجهات الادارية العليا وفقدان الثقة من الجهات الثلاث أو معظمها، إنما يعني فقدان الشرعية التي تستمد الإدارة كيانها منها.
ونحن بالتأكيد لا نسعى لإفقاد الإدارات شرعيتها وقدرتها على إدارة دفة الأمور وخدمة اللعبة في ظل الأوضاع الصعبة والصناديق الخاوية، خاصة أن هذه الإدارات جاءت عن طريق انتخابات أو بالتزكية في أحيان عقدتها الجمعيات العمومية، ولكننا نهدف لوضع النقاط فوق الحروف، لقياس جدية هذه الإدارات ومدى قدرتها على التطوير من خلال الاعتماد على الذات في ظل انحصار الدعم الرسمي والخاص.
وهنا تبدو الحسابات والوقائع في غير صالح الأندية، التي نصّب رجال إداراتها من أنفسهم خبراء ومخططين ومنفذين أيضا.. في الوقت الذي لا توجد لديهم سجلات منضبطة ولا لجان تحترم قراراتها.. ولا خبراء معترف بهم يمكن التعامل معهم، فافتقدت الإدارات بذلك أهم عناصر التخطيط، أما التنظيم فلم يكن وللأسف أفضل حالاً وقد رصدنا العديد من حالات الارتجال في مواقف الكثير من الاندية وقراراتها، فهل مفهوم التطويرعند بعض الأندية توقف عند عملية التعاقد مع مدرب أو لاعب؟
التنمية الاقتصادية صفر !
إن أهم معيار من معايير التطوير هو التنمية الاقتصادية، ذلك إنه المؤشر الأوضح لنجاح أي إدارة، على اعتبار أن هناك علاقة مباشرة بين الإمكانات المادية والمستوى العام.. فماذا نجد؟
لقد مر العديد من أنديتنا وخاصة أندية المقدمة في ( بحبوحة) مالية خلال سنوات التسويق الكروي، لكن للأسف وجدنا أن هذه الأندية أو البعض منها، عجز عن الاستثمار الأمثل لأمواله وقد كان الأجدى استثمار هذه المبالغ في مشاريع تعود على النادي بالنفع وليس المقصود بالطبع الاتجار بها.
نجد أيضاً أن بند الإيرادات للأندية متذبذب وغير مستقر، وذلك انعكاس طبيعي لعدم انضباط مواعيد البطولات وغياب الموارد المالية الثابتة، ونجد ايضا وبكل أسف ظاهرة التبديد المالي من جراء التعاقد مع مدربين ولاعبين من خارج النادي(دون المستوى) زادوا من أعباء الأندية مالياً وفنياً.
تخبط إداري وفساد مالي
هناك إشاعات تتردد بين الفينة والاخرى حول وجود فساد مالي عند بعض الأندية، وهذا فيه شيء من الصحة كما فيه شيء من المغالاة، لأننا لسنا مجتمعاً من الملائكة، فهناك أخطاء وعيوب، ويجب أن نستفيد من تلك الأخطاء والعيوب ونصلح الأوضاع ونعيد الأمور الى وضعها ونغلق كل الطرق التي تؤدي الى الفساد، وقد بدأت بعض أنديتنا السير في الطريق الصحيح من خلال اللوائح المالية، ونجحت الى حد ما في القضاء على الفساد من خلال المتابعة ومنع حصول أي مسؤول على مكافآت مالية.
وكما نعلم أن الاندية الرياضية هيئات مشهرة تقودها مجالس إدارات منتخبة، وهناك تسهيلات في مجالات التمويل الذاتي للأندية، وإن المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي المكلف رسمياً بمراقبة الأندية ومتابعتها، يحرص على عدم التدخل في الأمور اليومية لإدارات الأندية، لكن من غير المعقول أن تُترك بعض الأندية تتصرف وفق أهواء أشخاص معينين وتنزف الأموال ثم يكون الفشل!؟ المطلوب من الجهات ذات العلاقة مراقبة الأندية التي لا تضع لنفسها سياسة معينة، حتى لا توضع رقبة النادي في يد أشخاص يتصرفون وفق أهوائهم ويسقطون حساباتهم الشخصية على كل كبيرة وصغيرة في النادي.
وعلى الصعيد الإداري فإن الخلافات وتضارب المصالح بين أعضاء الهيئات الادارية عصفت بالعديد من الأندية العريقة التي تراجعت على الساحة الكروية، بل إن بعضها قد اختفى في خضم الفوضى رغم أن الجميع يتذرع بالخوف على مصلحة النادي، وتبرير الاعمال التي يقدمون بها بالحرص على المصلحة العامة للنادي، حتى لو كان ذلك على حساب الفرق الرياضية التي تعتبر الواجهة الحقيقية لأي نادٍ وليس الشخصيات الموجودة في الادارة، والتي يفترض أن تكون جنوداً مجهولة لا تبحث عن الكراسي والشهرة بقدر البحث عن مصلحة النادي وتطويره والوصول به الى أعلى مستوى.