دمشق – مهند الحسني: يبقى الكلام عن التحكيم السلوي في المواسم السابقة ذا شجون كبيرة، والمسيرة التحكيمية لم تنقلب بين يوم وليلة، ونحن شاهدون على عصر تحكيمي رائع، ومتطور،
خرّج لنا الكثير من الحكام المتميزين الذين أعلوا صافرتنا السلوية في جميع البطولات العربية والقارية، ولن نرجع بذاكرتنا إلى الوراء كثيراً، بل سنمر بذاكرتنا على مواسم ليست بالبعيدة حيث كان التحكيم يومها في وضع جيد، ولم نلمس تلك الأخطاء الفاضحة التي برزت الموسم الفائت على أقل تقدير، والتي كانت كافية للإشارة إلى أن قاعدتنا التحكيمية باتت هشة بعد عزوف أفضل الحكام عنها.
مضى الموسم الفائت على حكام السلة دون أن يتبعوا أي دورة صقل عالية المستوى، ولا حتى فحوصات الكوبر التي تجري قبل بدء كل موسم بغية الاطمئنان على جاهزيتهم ولياقتهم البدينة، وبات الحكام في ضوء هذا الواقع المرير يلهثون وراء التعديلات الجديدة بقانون اللعبة عبر جهودهم الشخصية، دون أن يكون لهم مرجع فني في اللجنة، أما عن تجهيزاتهم، فحدث ولا حرج لكونها ما زالت غير ملبية للطموح، ولا ضير من إقامة اختبارات، ودورات صقل لتعزيز وتطوير ثقافتهم التحكيمية بما يتناسب مع تطور مستوى اللعبة.
بداية جديدة
ارتأى اتحاد كرة السلة ضرورة إجراء تغييرات عديدة وشاملة في لجانة الفنية، وكان للجنة الحكام النصيب الأكبر من هذه التغييرات، فتم تولي رئاسة اللجنة لحكم دولي شاب مفعم بالحيوية والنشاط، وتم اختيار أعضاء كانوا عند حسن الظن بهم، من حيث تقديم أفكار جديدة لتطوير آلية عمل اللجنة بما ينعكس إيجابا على الواقع التحكيمي بشكل عام، وبدأت لجنة حكام السلة تتلمس أولى خطواتها الصحيحة التي من شأنها أن تصب في مصلحة جميع الحكام، وتطوير ثقافتهم التحكيمية بعد سلسلة من المنغصات عكرت أجواء الواقع التحكيمي في الفترات السابقة، ولم يتمكن القائمون عليها حينها تطوير علمها قيد أنملة، فكانت النتائج أكثر من سلبية، وتراجع أداء اللجنة، ولم تنجح في رفد القاعدة التحكيمية بأي شيء جديد، ومع التغيير الأخير الذي شهدته اللجنة مؤخراً، وتولي الحكم الدولي ماهر أبو هيلانة رئاستها، بدأت الأمور تتضح، والخطوات باتت أكثر ثقة في البحث عن السبل الكفيلة لتطوير القاعدة التحكيمية لدينا، فبدأت النتائج تظهر شيئاً فشيئاً على أرض الواقع، وبات الحكم يشعر بأن وراءه من يبحث عن مصالحه، ويدافع عن كرامته، ووضعت اللجنة الجديدة ضمن أولوياتها العديد من الأمور تأتي في مقدمتها، شرح آخر تعديلات قانون اللعبة الجديد، والعمل على تصحيح الأخطاء عبر شرح بعضها من خلال عرض أشرطة الفيديو للاطمئنان على جاهزية الحكام، وتلافي أكثر عدد من الأخطاء في مباريات الدوري المقبل، وبجميع الفئات.
معسكر جديد
لم تقم اللجنة السابقة أي معسكر داخلي للحكام منذ سنوات ، ومن أولى ثمار هذه لجنة الجديدة كان المعسكر الداخلي الذي أقامته للحكام لجميع الفئات في مدينة الفيحاء الرياضية بدمشق واستمر لثلاثة أيام متتالية، ضم المعسكر حوالي 33 حكماً وحكمة من جميع الدرجات، وإضافة إلى ذلك كان هناك دورة ترقية للحكام من الدرجتين الثانية والثالثة على هامش المعسكر الذي تضمن العديد من المحاضرات النظرية والعملية، وتم شرح ميكانيكية تموضع ثلاثة حكام في الملعب خلال المباراة، وتركز الجانب الأكبر أيضاً من المعسكر على التعديلات الجديدة التي طرأت على قانون اللعبة، والكشف عن أخطاء الحكام، والعمل على تلافيها، وهناك حكام شباب جدد سيكون لهم بصمات جيدة في الدوري المقبل، وقام بشرح هذه المحاضرات أهم خبراتنا التحكيمية( وفيق سلوم، مزاحم حويج، ماهر أبو هيلانة).
رفد القاعدة التحكيمية
جميعنا يدرك أن ناقوس الخطر بدأ ينذر القاعدة التحكيمية منذ سنوات طويلة مضت، نتيجة عزوف عدد كبير من الحكام، وعدم رفد القاعدة بحكام جدد، لكن اللجنة الجديدة وضعت هذه القضية الهامة ضمن ألوياتها، وأقامت العديد من دورات الترقية في جميع المحافظات، ونجحت في رفد القاعدة التحكيمية بخمسة وعشرين حكماً جديداً( حكام وافدون) وستقوم على تأهيلهم عبر تدرج الفئات لديها، وضمن برامج علمية مدروسة على أن يكونوا خلال السنوات الثلاث القادمة من أفضل الحكام السوريين، ولن تقف اللجنة عند هذا العدد من الحكام لكون طموحها أكبر من ذلك بكثير، ولن تتوانى عن إقامة أي دورة ترقية جديدة من أجل البحث عن مواهب تحكيمية واعدة في المستقبل القريب.
عقد رعاية وأجور
قدمت لجنة الحكام مقترحاً لاتحاد السلة يتضمن إمكانية رفع أجور الحكام في دوري السيدات والرجال، بحيث تصبح سبعة آلاف ليرة، وبما يتناسب مع موجة الغلاء التي تجتاح البلاد، فيما أجور الحكام في باقي الفئات ستبقى كما هي لكون اتحاد السلة متكفلاً في دفعها، وهناك عقد رعاية جديد تعمل اللجنة على تأمينه في المرحلة القادمة بهدف تأمين الأجواء المثالية للحكام، بما ينعكس بشكل إيجابي على مستواهم وثقافتهم التحكيمية.
تأمين صحي
وتسعى اللجنة أيضاً إلى البحث عن السبل الكفيلة لتأمين عقد صحي للحكام في حال وقوعهم فريسة لبعض الأمراض المزمنة، ويشمل هذا العقد أيضاً الحكام المعتزلين تقديراً لجهودهم التي بذلوها خلال تواجدهم باللجنة.
لابد
لابد من الاعتراف بأن حكام كرة السلة ركن من أركان نجاح اللعبة، ونجاحهم داخلياً يعني نجاح مسابقتنا المحلية، ونجاحهم خارجياً يعني بصمة مشرقة للسلة السورية في المحافل الإقليمية، ولا يمكن أن يكتسب التحكيم هيبته وحضوره، والحكم يفكر بسندويشة اليوم، وتوفير أجور النقل، والتكدس مع عشرة من زملائه في غرفة تتسع لشخصين، وفي غياب مقومات الراحة المادية والمعنوية، سيغيب العطاء الفني، لذلك فإن معضلة الحكام باتت مزمنة، وحلها واجب لأن فيه الخير للحكام الحاليين، وتحفيزاً لاستقطاب جيل جديد من الحكام، وكلنا أمل في اللجنة الجديدة بتذليل جميع المنغصات التي قد تعترض عملية تطوير الواقع التحكيمي الذي بات بحاجة ماسة لتضافر الكثير من الجهود في سبيل بناء قاعدة تحكيمية متينة وقوية.