منتخبات السلة بين شعارات الاتحاد ونقد المنظّرين

مهند الحسني..يسارع اتحاد السلة بعد كل انتكاسة إلى رفع شعاراته بأنه سيعود لنقطة الصفر، والعمل على بناء منتخب للمستقبل، وما أن ينسى عشاق اللعبة نتائج المنتخب، حتى ينسى الاتحاد شعاراته، ويضعها في جزء مهمل من ذاكرته،


لكن والحق يقال هناك رؤية جديدة بموضوع المنتخب الأخير الذي شارك في التصفيات الآسيوية، لكون غالبية لاعبيه من الشباب، وقد وضع الاتحاد هدفاً له، وهو تصفيات آسيا المقبلة، وبدأ يعمل ويستعد لها حتى يصل بالمنتخب إلى مرحلة كبيرة من النضوج الفني بين لاعبيه، لذلك علينا أن نقف مع هذا المنتخب، وندعمه بكل ما يحتاجه عسى ولعل أن يكون بمثابة اللبنة الأساسية لمنتخب وطني يعيد البسمة لعشاق السلة السورية في قادمات الأيام.‏



ويلات وهجرة‏


لا نغالي كثيراً إذا قلنا بأن سلتنا الوطنية عانت الكثير من الويلات منذ بداية الأزمة ، وشهدت نزيفاً كبيراً بكوادرها من لاعبين و مدربين و حكام، غير أن اتحاد السلة نجح في الخروج من النفق المظلم وبأقل الخسائر، لا بل قام بفرض حلول واقعية ، ونجح في المحافظة على بقاء اللعبة، وضمان استمراريتها، وأقام مسابقاته في أصعب الظروف والمنغصات، لكنه أخفق في إعداد منتخب في ظل (الأزمة)، فكانت هذه المرحلة الحساسة بحاجة إلى تضافر لجهود جميع كوادر اللعبة، غير أن البعض ممن أجادوا فن التنظير طالبوا الاتحاد بإخراج الزيز من البير، وهو في أصعب الظروف والمحن، وبدلاً من تكاتفهم معه، والوقوف إلى جانبه، بدؤوا يشهرون أسهم النقد، وكأن سلتنا تعيش في أجمل الظروف، ولديها كل مقومات التألق.‏


مبررات‏


ما زالت هناك أسئلة كثيرة بلا إجابات لدى عشاق ومحبي السلة السورية، هل اعتلت سلتنا في السنوات العشرين الأخيرة منصات التتويج الآسيوية والعالمية، واليوم لم نعد نصعد هذه المنصات، وهل تأهلنا لكأس العالم، واليوم بات عصياً علينا، وهل نسي أصحاب التنظير، والانتقاد المجاني أن سلتنا وما حققته في السنوات الماضية كان بسبب تواجد كوكبة من اللاعبين النجوم الذين تركوا بصمات مشرقة في المحافل العربية والقارية، ابتداء من بيير مرجانة، وشامل داغستاني إلى محمد أبو سعدى، وأنور عبد الحي، وانتهاء باللاعب ميشيل معدنلي آخر المواهب الفردية السلوية في سلتنا، طبعاً نحن لا نقلل من شأن باقي نجوم سلتنا السورية.‏


وفي كل منتخب تحقق انجاز عربي أو قاري كان بفضل جهد جماعي توج بإمكانيات فردية لأحد اللاعبين النجوم الذين غابوا عن شمس سلتنا منذ فترة ليست بالقصيرة، وندرك جميعاً أن إعادة النجوم لأنديتنا ومنتخباتنا لابد أن يتطلب توفر منظومة جماعية من الأداء والتدريب واللعب، وهذه المنظومة تبدو معقدة، و صعبة في الظروف الحالية، لكونها تتطلب توفر أبسط عناصر اللعبة، ابتداء من الصالات التدريبية، والمدربين الأكفاء، و الإدارات المتمكنة والمشاركات الخارجية.‏


غيض‏


هذا غيض من فيض غياب العناصر اللازمة وأبسط مقومات العمل لبناء منتخب قوي ينافس من حوله، فماذا تركت لنا أزمتنا التي لو شهدتها السلة الأمريكية المصنفة الأولى على مستوى العالم لتأثر مستوى منتخباتها وأنديتها، لأن الأزمة لم تترك لنا سوى النذر اليسير القائم على جهد بعض المخلصين.‏


رحيل‏


علينا أن نعترف وبكل صراحة أن منتخبات السلة في عهد الاتحاد الحالي ليست بخير، وهي لا تعيش حالة مثالية، لأنها تمر في أسوأ مراحلها، ولم تكن هناك حلول جذرية وجدية، لكنها بنفس الوقت حظيت ببعض المخلصين ممن بذلوا جهدهم بما توفر إليهم من مقومات العمل وأبسطها، فبدت عملية الحفاظ على ما تبقى من أشلاء السلة السورية أشبه باستخراج الماء بعصر الصخر.‏


فكانت الخسارات المؤلمة والقاسية عناوين قاتمة لمشاركات جميع منتخباتنا الوطنية، الأمر الذي جعل أصوات البعض تعلو مطالبين بمنتخب في ظل الظروف الصعبة أن يفوز على منتخب لبنان المدجج بأفضل وأقوى اللاعبين، وأن نفوز على منتخبي إيران والأردن، وننافس منتخبات نيوزيلندا واستراليا، وسارعوا إلى المطالبة بحل الاتحاد في الفترة الماضية محملين إياه مسؤولية الخسارات ، وتناسوا أو نسوا أن من أهم نجاح إعداد أي منتخب هو العمل الاحترافي الصحيح الذي تسير به الأندية، والسؤال هنا: هل أنديتنا تعمل على صناعة اللاعب ليكون جاهزاً للعب مع المنتخب بتوفر كل عناصر المهارة الفردية، والتكتيك العالي واللياقة البدنية؟‏


وإذا كان خلاص منتخبات سلتنا، وإعادتها لمرحلة الألق والنتائج الجيدة برحيل الاتحاد الحالي، فإننا سنقف إلى جانب المطالبين بهذا الرحيل بشرط واحد هو تقديم خطط بديلة قابلة للتنفيذ، وقادرة على إحداث نقلة نوعية بمفاصل سلتنا، و قبل كل شيء، لا بد لمن يملك الخطة البديلة لإنقاذ سلتنا ومنتخباتها، أن يعززها بتجارب ناجحة، قبل أن يتولى زمام الأمور، لا أن نكتفي بالوعود، و الكلام المعسول، و الخطب الرنانة.‏


خلاصة‏


أيها السادة… اليوم كل من يعمل لأجل كرة السلة السورية مطالب بأن يرمي خلافاته مع اتحاد كرة السلة وراء ظهره، و أن يلتف الجميع حول المنتخب الوطني في استحقاقاته القادمة، ولنؤجل انتقاداتنا إلى ما بعد محطاته الأخيرة من التصفيات العالمية، و التي ستكون الفرصة الأخيرة لتقييم وجهة عمل اتحاد كرة السلة.‏

المزيد..