ليس سهلاً على أي لاعب كرة اتخاذ قراره بهجران اللعبة، والاعتزال في القمة ميزة قد لا ينعم بها إلا قلة قليلة من العباقرة، وقد يكون اللاعب حكيماً بإعلانه الاعتزال الدولي مع بقائه في ناديه.
فبلاتيني وصل ذروة مستواه في يورو 1984 ومونديال 1986 ولكنه لم يعلن الاعتزال الدولي إلا بعد ثلاث مباريات من تصفيات يورو 1988 التي لم يبلغها الديوك بسبب الخسارة والتعادل أمام السوفييت وألمانيا الشرقية، على حين جاءت نهاية زيدان مثالية عقب المستويات المذهلة والسحر الذي تنفس بين قدميه خلال مونديال 2006 مع الإشارة إلى أنه أعلن الاعتزال عقب يورو 2004 بيد أن الضغوط التي مُورست عليه والحاجة الماسة لخدماته في المباريات الأربع الأخيرة خلال تصفيات مونديال 2006 عندما كانت خطوات المنتخب الفرنسي متثاقلة أجبرته على العودة، وبالفعل حصد الديوك عشر نقاط في المباريات المذكورة ليقوده في المونديال، وبغض النظر عن النطحة وتوابعها إلا أن متابعي المستديرة يقرون بأن زيزو اعتزل في القمة، وكان ممكناً أن يقضي موسمه الأخير مع الملكي لكنه فضل الهجران والتفرغ لمهنة التدريب الأصعب بداية من الألف باء وها هو يختمها بالوصول إلى الياء بكامل الحنكة والدهاء.
بيليه اتخذ من مونديال 1970 الذي تربع على عرشه نهاية لمسيرته الدولية مع بعض المباريات الودية المتناثرة على بعد عام مع أنه بقي مع ناديه سانتوس ثم منهياً في الدوري الأميركي، وعلى النقيض جاءت نهاية مارادونا ملطخة بعقوبات الفيفا ودخانها الأسود القاتم مع أن مستواه داخل المستطيل لا تشوبه شائبة.
طوني أدامس قائد إنكلترا وآرسنال اتخذ من الفوز بثنائية الدوري والكأس موسم 2001/2002 النهاية لمسيرة تروى عند محبيه، وكلوزه بلغ ذرا المجد في مونديال 2014 فعزف لحن الوداع الخالد، وقبل أيام أعلن نادي روما أن أيقونته فرانشيسكو توتي سيكتب أغنية الرحيل عن الذئاب بعد مسيرة ربع قرن حقق خلالها ما لذ وطاب، ولكن قراره الحكيم الذي لا ينسى يوم أعلن الاعتزال عقب التتويج بكأس العالم 2010 وما أكثر المطالبات بعودته عن قراره مدة أربع سنوات تالية من دون فائدة.
الأمثلة كثيرة بين السلب والإيجاب والمؤلم أنه في ملاعبنا ما من لاعب يتخذ الزمان والمكان المناسبين للاعتزال.