منذ أن تم البدء بمسألة الاحتراف في رياضتنا السورية وبكرة القدم على وجه الخصوص قبل أكثر من عشرة أعوام، لم تهضم الأطراف التي تعيش الاحتراف خواصه، ولا متطلباته، ولم يعرف كل طرف ماله وما عليه، ولم يلتزم كل جانب بواجباته،
وكل ما في الأمر أنهم فهموا انه عقد وراتب و “شوية لعب” ومع ذلك حتى في هذه البساطة لم يلتزم اللاعب في التقيد بها ولم يقم بواجباته المطلوبة، فاللاعب لايزال غير متفرغ للعبة، ويعتبر التمرين مجرد ساعتين وكفى، ويعرف انه بنهاية كل شهر يجب أن يستلم ما تبقى من راتبه، لأنه يأخذه على شكل سلف قبل نهاية الشهر بكثير، وهو دائم البحث عن أي مكافأة، أو وجبة طعام، أو أي مكسب مادي، ويطالب بالمكافأة حتى لو “خسر بشرف” وبالمقابل يزعل لو تم تطبيق اللائحة الانضباطية عليه، ويمتعض لو تم خصم الفي ليرة لأنه لم يلتزم بمواعيد التمرين أو لم يلبس “الكساريات” ويرغد ويزبد إن دفع قيمة الغرامة المالية لأنه صرخ بوجه الحكم، ولم يتقيد بالتعليمات الانضباطية، وهذه هي الحقيقة دون مواربة.
كما أن الإدارة لا تطبق الاحتراف إلا ضمن هذه الخصوصية البسيطة، ولا تعتبر نفسها محترفة، لأن القيادة الرياضية تطلب منها أن تعمل بالمجان أو “تدبر راسها” وتقود جوقة محترفين، وبالتالي “تضيع الطاسة” لأنهم بالأصل لم يخضعوا لدورات تأهيل في الإدارة، ولايملكون من المال إلا مايقتاتون به من معونات الاتحاد الرياضي، أوما تجود به أيادي المتبرعين، وهو وسيلتهم الوحيدة لتطبيق ما يتيسر لهم من احتراف لا يستطيعون تطبيق ولو 25 بالمئة منه على لاعب قد يحرد، ويترك فريقه في دوامة أو حتى يتخاذل في المباراة ليخسر فريقه إن لم تلب مطالبه، وهذه حقيقة أخرى، تعيشها كل أنديتنا، وهناك حقائق أكثر مرارة.
ولايزال الاحتراف بعيدا عن بقية مفاصل اللعبة، فالحكام هواة أيضا في عملهم، وكذلك المعالج، وبقية المفاصل التي تدير اللعبة، وحتى ممن هم في داخل اتحاد اللعبة ليسوا محترفين بكل الكلمة من معنى، ومطلوب منهم إخراج دوري محترفين لن يتمخض سوى عن نشاط لا يسمن ولا يغني عن جوع، فما جدوى احتراف لا يرتد بالفائدة على منتخب الوطن ولا يطور اللعبة..؟
بسام جميدة