الموقف الرياضي _ أنور الجرادات :
يُعد الاستثمار جانباً مهماً في عالم الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكلٍ خاص ، لا سيما في ظل ارتفاع قيمة المصروفات، والحاجة لمزيد من مصادر الدخل للإنفاق على الفرق واللاعبين، وفي مختلف الدول المتقدمة في عالم كرة القدم وخاصة أوروبا، يأتي الاستثمار كدخلٍ أساسي للناديّ، بل هو البنك الذي ينفق منه الجميع…
وينقسم الاستثمار إلى شقين: الأول هو استثمار في كرة القدم نفسها، لا سيما تذاكر المباريات التي تعتبر أهم المدخولات، في ظل الإقبال الجماهيري الكبير، وكذلك الرعايات الرياضية، وبيع قمصان اللاعبين المشاهير، وكل ما يتعلق بالفريق من ملابسٍ وأحذية وهدايا تذكارية، وأيضاً البث التليفزيوني، وهو الأساس في استثمارات الأندية، ويأتي النوع الثاني منه وهو الاستثمار في ممتلكات النادي، مثل الأراضي والمنشآت والبناء عليها وبيعها أو إيجارها، ويُعد النوع الثاني مُكملاً للأول.
ووصلت قيمة بيع التذاكر فقط في الأندية الكُبرى بالموسم، إلى ما يقترب من 150 مليون يورو، كما هو الحال مع برشلونة الذي تصدّر القائمة بقيمة 145 مليون يورو، وتبعه غريمه ريال مدريد بأقل بمليون ونصف، وثم مانشيستر يونايتد بقيمة تقترب من 120 مليون يورو، وهناك أرقام كبيرة من بيع قمصان وهدايا الأندية التذكاريّة ..
في أنديتنا، تسير الأمور في الاتجاه المعاكس، أو بشكل أدق ، بشكلٍ خاطئ !
حيث إن الغالبية العُظمى لا تمتلك استثمارات من الأساس، وهناك شركات استثمار مجرد (حبر على ورق).
في أنديتنا، اعتقد الكثيرون أنهم شركات عقارات أو شركات ترفيه، ببناء منشآت وتأجيرها سواء كانت سكنية أو ترفيهية، اعتقاداً أن ذلك هو الاستثمار الرياضي، لكن في الحقيقة هو ليس كذلك، خاصةً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن مُعظم الأندية التي تمتلك منشآت عقارية عليها أقساط للبنوك التي قامت ببنائها، ودخلُها لا يذهب بالكامل لخزينة النادي.
إن بعض الأندية أغفلت نموذج العمل الرياضي الترفيهي، وتحولت إلى شركات عقارية ترعى فريق كرة قدم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من مجهود الأندية، ولا يمكن أن نُنكر بأن هناك استثمارات ناجحة ولكن لا يمكن أيضاً أن نترك الجانب الأساسي، وهو تنمية الاستثمار في الكرة نفسها، من خلال البحث عن حلول لتفعيل الاستثمار بشكل حقيقي، حيث لا بد من البحث عن حلول حقيقية من الأندية، ليكون لديها دخل جيد من بيع تذاكر المباريات، حيث إن هذا الأمر لا يتمّ وضعه في الاعتبار إطلاقاً، مع أنه أساس المشكلة، فلا يوجد كرة قدم من دون جماهير، ولا يوجد راعٍ يأتي إلى نادٍ مُدرجات مبارياته فارغة لا تملؤها الجماهير !
ونعرف جيداً أن الحلول صعبة، لكن المشكلة أن الأندية نفسها لا تسعى للتطرق للحل، وأن البداية يجب أن تكون من المدرجات، والتركيز على بناء قاعدةٍ جماهيرية من جميع فئات المجتمع، ومن ثم تنتقل إلى منافذ بيع منتجات الأندية والرعايات وكذلك البث التليفزيوني، ولا شك أن الاستثمار العقاري ساهم بخلق مدخول إضافي للأندية، لكنه لا يغطي مصاريف الأندية المُبالغ فيها…
ونتمنى من الأندية الإسراع في البحث عن حلول حقيقية لهذه المشكلة، والتفكير بشكل علميّ وعملي في أزمة الجماهير، كونها الأساس في كل شيء، ثم بعد ذلك البدء في الخطوات الأخرى .
وبكل تأكيد، فإن الاستثمار الحقيقي يبدأ من الملعب والمدرجات، فإذا كان لديك فريق قوي فيمكنك أن تمتلك جمهوراً كبيراً، وبعدها سوف تتمكن من إيجاد دخلٍ ماليّ حقيقي للنادي..
ونتمنى أن تبدأ الأندية فعلياً، من خلال فرق عملٍ متخصصة في هذا المجال، لا أشخاص غير مُلمين بالأمر، ولا يعرفون شيئاً عنه.