متابعة – مهند الحسني:مضى حوالي عشرة أعوام على تسلم اتحاد السلة الحالي لمهامه في قيادة اللعبة، وأعتقد بأنها فترة كافية لمعرفة مدى نجاحه في إعداد منتخباته الوطنية التي لم تشهد في عهده أي إشراقات أو تطور،
رغم محاولاته الجادة، غير أنه ما زال يفتقد للكثير من عوامل النجاح التي تساعده في تطوير منتخباته الوطنية، يأتي في مقدمتها.
الإمكانات المادية
لا نريد أن نجري مقارنات بين ما يقدم لمنتخبات السلة لدينا أسوة بباقي منتخبات دول الجوار، وذلك لإيماننا بأن المقارنات تظهر المفارقات، ومنتخباتنا الوطنية ستبقى أسيرة الظروف، وشح الموارد المالية، لذلك دعونا نعترف أن الحماس والتصفيق لا يصنعان منتخباً قوياً، لأن الرياضة أصبحت صناعة، وهي تتطلب توفر كل مقومات العمل، فإذا أردنا إعداد منتخب يقارع كبار القادة فعلينا رسم استراتيجية واضحة المعالم، ولها أهداف مع توفر الإمكانات المادية الجيدة التي تسمح بوضع خطة إعداد مثالية للمنتخب، وإذا كنا حتى الآن ننتظر الهبات والعلاقات الشخصية لإقامة معسكراتنا التحضيرية، فمتى سنصبح مبادرين في هذا الشأن، وننتقي ما يناسبنا من معسكرات، ومباريات تتلاءم مع مسيرة الإعداد.
غياب الإستراتيجية
توسمنا خيراً قبل عدة أشهر عندما قرر الاتحاد وضع استراتيجية لإعداد المنتخبات الوطنية، وتم الاتفاق على وضع خطة لمدة ثلاث سنوات، وبدأت رحلة المنتخب لكن الكثير من المنغصات عكرت أجواء المنتخب كان أبرزها الظروف العامة، ورغم ذلك تحامل اتحاد السلة على نفسه وتجاوز عثراته واستمر بالمنتخب، لذلك وجدنا أنه من الضروري اليوم أن نفتح ملفاً مهماً يخص اتحاد السلة، وفيه الكثير من التساؤلات التي تدور حول طبيعة الآراء والتعامل مع المفصل الأهم المتعلق بإعداد المنتخبات الوطنية التي أصبحت في عهد هذا الاتحاد عملة صعبة ونادرة باستثناء بعض الطفرات والشذرات هنا وهناك، والتي لم تلب الطموح بل على العكس زادت، على أمل أن يستمر الاتحاد سائراً بخطا صحيحة في هذا الاتجاه لأنه لابد من أن يجني ثماره اليانعة في المستقبل القريب.
الدعوات المجانية
لابد أن تتوافر الإمكانات المادية لتنفيذ الخطط والبرامج التدريبية والمعسكرات الخارجية للمنتخبات، والتي تتطلب صرف الكثير من الأموال، وهذه الأمور لن تتوفر طالما أننا مازلنا نتطلع للدعوات المجانية التي لا ترد في عرفنا الرياضي مهما كانت المقدمات والنتائج والإعداد العشوائي وغير المبرمج، وباتت السمة الأساسية لمنتخباتنا ، لذلك لا بد من أن نبتعد عن الدعوات المجانية وأن تكون لمعسكراتنا أهداف واضحة الغاية منها الفائدة الفنية لمنتخباتنا بعيداً عن أي شيء آخر.
تطوير عمل الأندية
ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن لكل نتيجة أسبابها ومسبباتها، فإن مشكلة تباين نتائج منتخباتنا الوطنية تأتي انعكاساً لما يحدث في أنديتنا التي تفتقد معظمها لعوامل الاستقرار بكافة نواحيه المالية والإدارية والفنية، فالأمراض المنتشرة في هذه الأندية من غياب الخطة والمخططين ونقص العناصر الفنية المؤهلة، وضعت سلتنا في دائرة المراوحة والتراجع، لذلك يجب دعم الأندية وتوفر العناصر الفنية القادرة على العطاء والتطوير ويجب أن تكون من أهم أولوياتنا، وما تنتجه الأندية لابد أن يصب في بوتقة المنتخبات الوطنية.
التجنيس والإمكانات
منذ سنوات طويلة مضت وسلتنا تحاول تحقيق بصمة سلوية قارية أو على الصعيد العربي على أقل تقدير لكن محاولاتها مازالت بائسة وخجولة على صعيد منتخب الرجال، حتى بتنا نقتنع بأن هذه هي حدودنا، وإذا أردنا أن نصل بسلتنا الوطنية عبر نقلة نوعية تحقق نتائج إيجابية على الصعيد الآسيوي فهذا يتطلب أن تتوفر كل مقومات العمل، وهذا لن يتحقق بالحماسة والتمني فعند بناء وإعداد أي منتخب وطني لابد أن نصطدم بالكثير من العقبات القانونية والإدارية التي تعرقل خطة الاتحاد أو مدرب المنتخب، ولأن المنتخب قضية وطنية فعلينا العمل على تذليل كل العقبات أمامه لا أن نضعها ونتمسك بالقشور بحجة أن القوانين لا تسمح والميزانية غير متوافرة حتى أصبحت مثل حكاية ألف ليلة وليلة، وبات التجنيس الذي امتهنته أقرب دول الجوار إلينا واقعاً مفروضاً علينا لا مفر منه، وقد كانت لنا تجارب قريبة في موضوع التجنيس في تصفيات كأس العالم الحالية، لكننا لم نكن على مستوى هذا التجنيس الذي يتطلب أموالاً كبيرة من أجل التعاقد مع لاعب يكون بمثابة بيضة قبان المنتخب، فكانت تجربتنا خجولة، وتتطابق مع المثل الشعبي (على قد بساطك) لذلك لن تنجح فكرة التجنيس طالما أننا ما زلنا على هذه الدرجة من الضعف المادي، وعدم قدرتنا على تأمين لاعب جيد للمنتخب.
شروط بسيطة
ممكن أن نرى منتخباً قوياً منافساً إذا تحققت الشروط التالية، بداية لابد العمل على توفير استقرار الأندية فنياً ومالياً، كي تستطيع إفراز لاعبين موهوبين ومميزين للمنتخبات، و تحقيق أكبر قدر من المشاركات الدولية على صعيد المنتخبات الوطنية في كل الفئات، إضافة إلى تأمين مدربين من مستوى عال لتحضير المنتخبات، وتوفير معسكرات خارجية لها بشكل مستمر، والاستعانة بكافة اللاعبين السوريين في كل أنحاء العالم، إذا سمح وضعهم القانوني مع القانون الدولي، وتنظيم مسابقات محلية على مستوى فني عالٍ، والسماح بدخول لاعب أجنبي، أو أكثر إلى صفوف أنديتنا، والاستمرار بالعمل في كل ما سبق لمدة لا تقل عن خمس سنوات دون انقطاع، إضافة إلى ضرورة توفر عوامل أخرى مساعدة مثل: التسويق والإعلام، والحضور الرسمي في كافة المحافل الدولية، كل ما سبق توفيره بات ضرورياً كي نحقق منتخباً منافساً.
لابد
إذا أردنا منتخبات قوية ومتطورة، فلهذا الأمر شروط يجب توافرها كالتي ذكرناها، وإذا أردنا أن تبقى منتخباتنا الوطنية سهلة المنال تستبيحها جميع المنتخبات من كل حدب وصوب، فأعتقد أن الوضع الراهن كفيل بتراجعها أكثر لتصل إلى حد الهاوية.