صفقات الانتقال في زمن الاحتراف.. نعمة على الأندية الكبيرة ونقمة على الصغيرة

مهند الحسني: بدأت صفقات الانتقالات تأخذ منحى جديداً هذا الموسم بين الأندية،


فبعد أن كان اللاعبون النجوم عرضة للأندية الكبيرة فقط، جاء قرار الاتحاد الذي أصدره في مؤتمره الأخير بتوزيع أعمار اللاعبين ضمن كل فريق، ليسمح للأندية الصغيرة البحث عن لاعبين جدد، الذين كانوا في الفترة الماضية حكراً على الأندية الكبيرة، واليوم نرى أندية الوحدة والجيش والاتحاد تسارع إلى إعادة ترتيب أوراقها من جديد تماشياً مع قرار الاتحاد، وبدأت صفقات الانتقال تنهال على الأندية الصغيرة عكس ما كان يجري في الفترة السابقة، ففي كل موسم ما إن تبدأ نغمة الانتقالات بين الأندية، حتى تفرض سطوة المال نفسها بقوة على هذه الصفقات، فتأخذ ما تشاء من لاعبين، وتترك الفتات للأندية الصغيرة من دون مساءلة أو محاسبة من قبل القيادة الرياضية التي لم تتمكن من كبح جماح لغة المال التي تتمتع بها الأندية الكبيرة على حساب الأندية الأخرى، فنظام الاحتراف أعطى هذه الأندية الحق بطرق متنوعة في كسب ود أفضل اللاعبين، وتجميعهم في ناد أو اثنين، الأمر الذي أفقد الدوري تلك النكهة التنافسية التي كنا نتمتع بها كمتابعين لمباريات الدوري، وباتت المباريات الطابقية السمة الأبرز له، ولا نغالي كثيراً إذا قلنا إن بعض القائمين على السلة السورية والعاملين في مفاصلها، ومداخلها، ومخارجها، يتمتعون بموهبة استثنائية تؤهلهم للظفر بجميع ألقاب مسابقات المواهب المعروضة على القنوات الفضائية، بمعنى آخر لو قدر لهؤلاء الموهوبين تجاوز شرط السن الذي يحول من دون مشاركتهم لفعلوا، بعد أن أكل الزمن على أفكارهم البالية، وقدرتهم على بيع الأوهام، والظهور بمظهر الطاووس في الاستعراض، والقدرة على الاستباحة والتحريم وفق مقتضيات مصالحهم الضيقة في الفترة السابقة.‏



ما مال الهواء…‏


فعل القائمون على أمور سلتنا الكثير منذ توليهم لمهامهم، وهم يسيرون حسب مصالحهم وأهوائهم، فعندما تكون أمورهم ميسرة ووفيرة يميلون ما مال الهواء باتجاه الاحتراف، وتحرير العقود واللاعبين، وضرورة ترسيخ حرية التعاقد والانتقال والذي منه، ما دام فقر الأندية في مصلحتهم، وفجأة من دون سابق إنذار يخلعون ثوب المصلحة الشخصية، ويرتدون ثوب المصلحة العامة، وحماية الأندية التي سبق لهم إفقارها، وجذب لاعبيها بكل أنواع الإغراءات حتى شمل لاعبي الفئات العمرية، ولما ظهر لهم رغبة البعض في العمل ببعض الأندية الفقيرة، ونفض غبار التخلف والتعفن عن مفاصل كرة السلة، بدؤوا بحملاتهم الجحفلية في أروقة ومكاتب أصحاب القرار لعرقلة ذلك، بهدف إبقاء أنديتهم في المقدمة حتى لو كان ذلك على حساب الباقي، وعلى مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان، وبهذه العقليات لم ولن تتطور سلتنا الوطنية.‏


مصالح ومحسوبيات‏


لا بد أن تطل المصالح المتحركة على علاقات هؤلاء، ولأن أعداء الأمس أمسوا أصدقاء اليوم، وما دامت المصلحة مشتركة، والوافد الجديد منافساً مشتركاً، فلا مانع أن نتجاهل حروب داحس والغبراء التي قامت بيننا، والاتهامات المتبادلة بقرصنة اللاعبين، واغتنام الموهوبين، لأن صفحة جديدة ستفتح ملفات الكسل والترهل، والوافد الجديد سيفضح نشاطه وحيوية ترهلنا، ويفقع بالوناتنا الوهمية التي ظهرنا بها أمام المسؤولين بأن تاريخ كرة السلة يبدأ وينتهي من عندنا.‏


فوضعوا شعارات وبدؤوا يسيرون عليها، فحلال علينا أن نغري هذا الناشئ أو ذاك، وندمر نادياً صغيراً إذا اقتضت المصلحة ذلك، وحرام على غيرنا، وحلال علينا أن تكون المنح المدرسية والجامعية فرصة لاقتناص لاعبي ولاعبات الأندية، وضمهم لصفوف ناديهم، ولكن حرام على غيرنا، ولا مانع من أن نغري لاعبي فرق الرجال بالدراهم ليتركوا أنديتهم، ولكن حرام على غيرنا أن يقدم عرضاً للاعب انتهى عقده مع ناديه، وحلال علينا أن ننتقد عمل اتحاد السلة الذي يعمل ضمن الظروف المتاحة، ونجح إلى حد كبير في المحافظة على اللعبة، وحرام أن ننتقد عمل هؤلاء ضمن أنديتهم بعدما فشلوا في تأمين رواتب لاعبيهم، وبناء قواعد اللعبة على أسس سلمية.‏


فصام‏


هذه التصرفات لا بد أن توصلنا لنتيجة حقيقية مفادها أن هؤلاء الأشخاص لديهم فصام في طريقة تعاطيهم مع طريقة العمل التي تدار بها أنديتنا، نعم أيها السادة إنه التناقض بحد ذاته، وإنه الفصام الذي أودى بالرياضة السورية إلى الدرك الأسفل، ما دام هذا الكرسي العام يجيّر لمجد شخصي، أو لمصلحة ضيقة.‏


خلاصة..‏


لذلك لا بد للمياه الراكدة أن تتحرك بهمة الطامحين الشباب مهما حلمت الطحالب والطفيليات بأن تبقى هذه المياه راكدة، ما ذكرناه ليس سراً نود إفشاءه، ولا هو حادثة مغالى فيها، وإنما حقيقة ماثلة وملموسة ومسرحية هزلية تحصل فصولها حالياً في أورقة السلة السورية، والمعنيون والمسؤولون بوضع حد لهذه الفوضى، ما زالوا غير مبالين رغم أنها قضية مهمة قد تكون سبباً في إيصال السلة السورية إلى حد الهاوية لا سمح الله.‏

المزيد..