مهند الحسني:في كل موسم يتكرر السيناريو دوري السلة، ولم تتمكن أندية الوسط من الاقتراب من المنافسة،
فيما بقيت الأندية الكبيرة محافظة على مواقعها مع تغيرات بسيطة في مواقعها على اللائحة بين موسم وآخر، وما إن انتهى دوري السلة حتى علينا أن نضعه في ميزان النقد، لمعرفة ماذا قدمت الأندية من مستويات ونتائج، حيث بدا واضحاً أن هناك تفاوتاً بالمستويات بين جميع الفرق حتى الكبيرة منها، ومعها بدأت أوراق التوت بالتساقط عن الكثير من أنديتنا لتكشف عوراتها وأخطاءها المتراكمة على مدار السنوات السابقة، فانكشفت الفقاعات التي عاشت بها بعض الأندية، وثبت بما لا يدعو للشك سوء التخطيط، وضعف الرؤية الإستراتيجية لدى القائمين على أمور كرة سلة في جميع الأندية، وخاصة بما يتعلق بفرق القواعد التي ظهرت بمستوى متواضع، وأكدت بالدليل القاطع أن المال وحده لا يبني رياضة سليمة.
نجاح وفشل
يبدو أن قرار اتحاد كرة السلة بخصوص تحديد أعمار اللاعبين بفرق الرجال، قد أثبت نجاحه في بعض الأندية، وفشله في أندية أخرى، فبعض الأندية التي تسعى لكسب أكبر عدد من الإنجازات حتى لو كان على حساب قواعدها، وجدت في هذا القرار إجحافاً لكونه يتضمن إشراك لاعبين اثنين تحت الأربعة والعشرين مع الفريق، وبذلك ظهرت هزالة عمل هذه الأندية، وبأن منقذها وطريقها لحصد البطولات هو الاحتراف الفضفاض بضم أكبر عدد من اللاعبين لصفوفها، وتحقيق الانجازات دون أن تمتلك الرؤية الإستراتيجية الصحيحة لمستقبل اللعبة لديها، وسنمرر سريعاً على تجربة سلة نادي الجلاء التي وصلت إلى منصات آسيا في الفترة الماضية، وحققت نجاحات باهرة، ومع أول هزة تعرضت لها البلاد وصلت لحد الهبوط للدرجة الثانية لو طبق قرار تصنيف الأندية حينها، فتجميع اللاعبين له فوائد فنية لابد أن تنعكس إيجاباً على الفرق بشرط أن يكون ضمن شروط معينة لا تأتي بعواقبها على لاعبي النادي الحقيقيين.
غياب
إذا قلنا بأن المشاكل التي تعترض تطوير اللعبة في أنديتنا هي مالية بحتة، فإن الأندية الثلاثة الوحدة والجيش والجلاء لا تعاني في حقيقة الأمر هذه المشكلة، وإنما من مشكلة أخرى جلها يتعلق في غياب و انعدام إستراتيجية الأمد الطويل، والبحث عن الألقاب المسلوقة، ووحده نادي الاتحاد بات بمنأى عن هذه المشكلة بعدما عاد لرشده هذا الموسم، وبدأ ببناء جيل سلوي للمستقبل، وما شاهدناه منه هذا الموسم يبشر بالخير بأن سلة الاتحاد عائدة لا محالة لمنصات التتويج، إذا لم يكن هذا الموسم ففي المواسم القادمة من المؤكد أنه سيتعملق على منصات التتويج، أما ما يتعلق بسلة الوحدة والجيش فما زالتا تحصدان ثمن احترافهما الخاطئ في السنوات العشر الأخيرة، وأكبر دليل نتائج الوحدة التي تركت أكثر من إشارة استفهام هذا الموسم بعد سلسلة من التفاوت بالمستوى من مباراة لأخرى، أما نادي الجلاء فيبدو أن أخطاءه الأخيرة قد وضعها خلفه بعدما أعاد رتيب أوراقه وقدم هذا الموسم مستويات جيدة، وكان قاب قوسين أو أدنى من الفوز باللقب.
كومبارس
أما في أندية الوسط فيمكن أن نطلق عليها (أندية الكومبارس) لكونها لم تتمكن من التغيير في خارطة اللعبة ومستواها منذ سنوات، حيث بدت غالبيها هزيلة، وغير ناضجة، أثبتت فشلها في تعاطيها مع هذا القرار باستثناء بعضها التي أكدت بأن تعمل على قواعدها، يأتي في مقدمتها نادي الثورة الذي يلعب بطريقة جميلة، ويحقق نتائج جيدة، وسيكون في المواسم المقبلة من الفرق التي يشار لها بالبنان فيما لو استمر على سياسته الحالية باهتمامه بأبنائه، أما نادي اليرموك فما زال يتغنى بلاعبيه الكبار الذين تجاوزوا عمر الاعتزال، وباتت اللعبة في آخر اهتمامات الإدارة ونتائج الفريق هذا الموسم أكبر دليل، أما سلة الحرية فعلى الرغم من أنها تمتلك فرق قواعد جيدة تعد الأفضل بين الأندية، ومع ذلك لم ينعكس بشكل إيجابي على فريق الرجال الذي بات من المهددين بالهبوط هذا الموسم، أما نادي الكرامة فيبدو أن صحوته هذا الموسم كانت متأخرة، وهو بحاجة للوقت حتى تنضج ثمار عمله الذي بدأه هذا الموسم بعدما نجحت الإدارة بالتعاقد مع المدرب نضر الشيخ زين وخلفه المدرب نبيل فياض، وأخيراً استقرت على المدرب هيثم جميل، أما سلة الساحل متذيلة الترتيب فمشاركتها كانت رفع عتب لا أكثر لكون النادي لا يمتلك أي شيء جديد يهم اللعبة، وكذلك الحال بالنسبة لسلة نادي النصر التي ما زالت بحاجة للكثير حتى تنضج وتتطور.
خلاصة
لابد أن تدرك إدارات أنديتنا بعد هذه التجارب بأن تطوير كرة السلة أشبه بعملية البناء كلما كانت أساساته قوية ومتينة ارتفع وارتقى البناء، غير أن أموال أنديتنا باتت تنفق على طوابقها الأخيرة القائمة على أساسات مهترئة بسبب الآفاق الضيقة للقائمين عليها.
فهل من الممكن أن تعود أنديتنا لرشدها وصوابها وتنسى الألقاب المسلوقة قليلاً؟