المحسوبيات والعلاقات تتقدم على الكفاءة في اختيارهم… إداريو المنتخبات الوطنية والأندية.. هواة يديرون المحترفين!
متابعة – أنور الجرادات: تلعب الإدارة الرياضية وخصوصاً المتصلة مباشرة بفرق الكرة بالأندية والمنتخبات دوراً كبيرا ومباشراً في تحقيق الانتصارات والنجاحات الميدانية، فمهامها لا تقل أهمية إن لم يكن أهم من الجهاز الفني في إعداد فريق قوي من حيث التهيئة النفسية وتعزيز الدوافع المعنوية بما يعين اللاعبين على الصمود في مواجهة المنافسات وتقديم العمل المتميز على أرض الملعب مما يقود إلى تحقيق التطلعات والأمنيات، وبالنظر للدور الحيوي المهم لهذا الجهاز فيجب أن تتوافر في الإداري معايير وشروط دقيقة بحيث يكون محترفاً يقود محترفين وليس هاوياً يدير نجوماً كالحال في أغلب أنديتنا واتحاداتنا!
فما هي المعايير العلمية والعملية الواجب توافرها في الإداري، وهل تحتاج أنديتنا ومنتخباتنا لإداري متفرغ ومحترف أم مجرد موظف أو لاعب سابق يمكن أن يشغل هذا المنصب، وعلى أي مقاييس نختار هذا ونستبعد غيره؟
أمر مهم
إن الاهتمام بالمعايير والشروط الواجب توفرها في الإداري أمر مهم ينبغي على الجميع أن يتعامل معه بجدية لأجل تطوير الرياضة عامة وكرة القدم على وجه التحديد، وإن هناك معايير وشروطً عدة ليس من السهل أن تتوفر في شخص واحد فقط ولكن يجب الاعتماد على الذين تتوفر لديهم أغلب هذه المعايير والصفات، ويوجد منها ما هو هبة فطرية مثل الذكاء والكاريزما، والقبول، وقوة الشخصية، والصبر، والحنكة الإدارية، ومنها ما هو مكتسب من الحياة من خلال التجربة والاحتكاك وغير ذلك.
لاعب سابق
ومن الأفضل أن يكون الإداري لاعباً سابقاً يتمتع بمواصفات القيادة ولديه الخبرة، ولو كان لاعباً دولياً وصاحب اسم يكون الخًيار الأفضل لأن ذلك سيساعده أكثر في عملية الإقناع، ومثل هذا الإداري مكانه المنتخب قبل الأندية لأنه يفترض أن يكون أصلاً صاحب خبرة اكتسبها من النادي الذي عمل به، وعلى الأندية أن تحرص على أن يتمتع الإداري بأفضل الصفات قبل أن تستقدمه للعمل، مثل الأخلاق والشخصية القوية والقبول والذكاء والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، والتغافل أحياناً إذا تطلب الأمر عن بعض الأخطاء والمشاكل الخفيفة لأنه أحياناً السكوت عن مشكلة بسيطة يجنبك مشاكل أكبر، وكذلك يجب أن تكون لديه خبرة لمعرفة متطلبات اللاعب ومشاكله وأهم من كل ذلك أن يسعى بقوة على تطوير نفسه بالدورات والكورسات والاحتكاك والقراءة والاطلاع ومتابعة المباريات والاستديوهات التحليلية، فالعلم بحر واسع ويمكن أن تستفيد وتتعلم كل يوم جديد.
التطوير
وبكل صراحة لدينا من الإداريين من يتمتع بالمقدرات العالية كاللاعبين القدامى وهم يبلون بلاء حسناً في عملهم وبالمقابل يجب على بعض الإداريين أن يحرصوا على تطوير أنفسهم لأن المسؤولية كبيرة وهي تتعلق بمستقبل كرة القدم وليس مجرد نتائج وقتية، كما يجب على الإداري أن يبحث عن الحل وليس عن المشكلة، وذلك بتبسيط وتسهيل الأمور وزرع الثقة والتفاؤل في اللاعبين، وأن يكون حلقة وصل جيدة بين اللاعب والمدرب، والمدرب ومجلس الإدارة، وأن يحاول بقدر الإمكان نقل الأخبار الإيجابية والتحفظ على السلبية أو غض النظر عنها إذا كان يرى أنها ربما صنعت مشاكل أكبر بالفريق، وأن يحرص على مصلحة البلد إذا كان إدارياً للمنتخب، أو النادي إذا كان يعمل في فريق، لكن بالطبع فالتمادي في الخطأ لا يجب أن يسكت عنه بل يواجهه بكل شجاعة ويتخذ القرار المناسب حياله، وأن يسعى لتكون العلاقة بينه واللاعب علاقة صداقة مبنية على الثقة.
خبرات
ويفضل أن يكون الإداري لاعب كرة قدم سابق لأنه في هذه الحالة سيكون مشبعاً بالخبرات كونه سبق وأن مر بتجارب المباريات وتعرض للمواقف والمشاكل داخل الملعب، خصوصاً في ما يتعلق بحالات الإنذارات والطرد وكذلك هو حتماً ملم بطبيعة المعسكرات الإعدادية وما يحدث فيها ويعرف كيف يتعامل مع الأمور المتعلقة بهذه المعسكرات من اختيار ملاعب التدريب، ونوعية أرضيتها، ومدى قربها وبعدها من محل الإقامة، وغيرها من التفاصيل الدقيقة ولكنها مهمة جداً.
قوة عاملة
وإن أهمية التخصص شرط من شروط الإداري الناجح ويجب على جميع المؤسسات أن تعتمد في القوة العاملة لديها على كوادر متخصصة وأصحاب شهادات أكاديمية ماعدا الرياضة والتي تعتمد على المجاملات ومجرد الأسماء متجاهلة هذه المعايير المهمة والواجب توفرها من أجل التطور والنهضة، و بالإضافة للتخصص والمؤهلات الأكاديمية فلابد من توفر شرط الأخلاق والسيرة الذاتية الحسنة، إذ لا يستقيم أن يكون الإداري مثلاً لاعباً معتزلاً صاحب سلوك غير قويم في السابق نال الكثير من الانذارات وبطاقات الطرد ولا يتمتع بأخلاق حسنة مع زملائه ويتم اختياره كإداري على فريق لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك فيجب على الأندية أن تستعين بمختصين لاختيار قادة الفريق.
الجيل القديم
وأيضاً يجب أن يكون الإداري مواكباً للعصر ومستجدات الحياة ليصنع جسر تواصل بينه واللاعب، فمثلاً إذا استقدمنا إدارياً من الجيل القديم منذ عهد الورقة والقلم فهذا سيجد صعوبة كبيرة في التعامل مع لاعبين من الجيل الذي يتعامل بالتكنولوجيا ولذلك نجد في أوروبا وأمريكا هناك معاهد ومؤسسات تعليمية متخصصة في الإدارة الرياضية يتخرج منها إداريون لأنهم يؤمنون بأهمية أن يكون الإداري مؤهلاً وملماً بكل التطورات، ولكن لا يوجد لدينا مثل هؤلاء الإداريين باستثناء القليلين منهم وحتى هؤلاء لديهم شهادات من الاتحاد الآسيوي وهذا لا يكفي لصناعة إداري ناجح وشامل، ومواكب للمستجدات في الحياة ولذلك نجد بعض الإداريين فشلوا لأنهم يتعاملون بعقلية قديمة مع جيل جديد، ولابد أن تكون هناك صعوبة في تواصل إداري من مواليد ١٩٦٠ مع لاعب من مواليد ٢٠٠٠ ولذلك لابد أن يتعلم هذا الإداري كيفية التعامل مع هذه العقليات وأفكار الجيل الجديد.
ويفضل أن يكون من شروط تعيين المدير التنفيذي في أية مؤسسة رياضية بما فيها الأندية مرهوناً بشهادة الدكتوراة أو الماجستير في الإدارة الرياضية، لأن غالبية الأندية تعتمد في الوقت الحالي على لاعبين معتزلين ليس لديهم شهادات وللأسف تدرجوا حتى وصلوا إلى مناصب عالية، وإذا أردنا التفوق والتميز في الرياضية فعلينا بالتخصص وليس الاعتماد على الفطرة والحماس والمجاملة، ويجب أن يكون هدفنا محدداً واتجاهنا واحداً ومعروفاً إما رياضة من أجل المنافسة أو لمجرد الترويح وهذا يتطلب وضع استراتيجية ومخطط واضح وهذا غير متوفر لدينا، وأتمنى أن نستفيد من أصحاب الخبرة والشهادات الأكاديمية ونستشيرهم في وضع أساس قوي ومتين لبناء المستقبل.
معايير مطلوبة
ونشدد على أهمية وضرورة وجود ثلاثة معايير نعتبرها مهمة لنجاح الإدارة وهي أن يكون الإداري ذا خبرة وكفاءة ومتفرغاً وأن يكون لاعباً سابقاً خاض التجارب لأنه في هذه الحالة سيكون على دراية تامة بما وراء الكواليس بالنسبة للاعب بما يجعله قادراً على التعامل معه، على عكس الإداري الذي يشغل هذه الوظيفة لمجرد حبه للعمل الرياضي، فاللاعب السابق يستطيع أن يمنح اللاعبين من خبراته السابقة وهو قادر على توصيل المعلومة بالصورة المثالية، كما أن التعامل مع سلوكيات وأعمار مختلفة يحتاج شخصاً صاحب مواصفات خاصة يجب أن تتوفر في الإداري، وكذلك يجب الحرص على تلقي الدورات التدريبية وحضور ورش العمل الإداري، وأفضل من ذلك هو تفريغ الإداري خصوصاً في المنتخبات لأن المعسكرات والمباريات الخارجية التي يخوضها المنتخب أكثر وتحتاج لإداري متفرغ تماماً.
عوامل النجاح
ونرى أن قدامى اللاعبين هم أفضل شريحة يمكن أن يتم الاختيار منهم لأن العمل الإداري هو أهم عوامل نجاح كرة القدم فإذا توفرت المعايير المطلوبة من كفاءة وخبرة ومؤهلات أخرى مطلوبة فهذا يضمن التطوير وتحقيق النتائج والأهداف المرسومة، ولأن مهمة الإداري كبيرة جداً في تهيئة اللاعبين وتعزيز دوافعهم وتوجيههم وتعليمهم وتثقيفهم رياضياً بالملعب وخارجه، إذ يتوجب على اللاعب أن يعرف ماذا ومتى يأكل، ومتى ينام، وكيف يتعامل مع زملائه ومدربه وإدارته، وكيف يتعامل مع الإعلام خارج الملعب والحكام داخله، وهذا الأمر يتطلب من الإداري أن يكون خبيراً، ولذلك فاللاعب السابق هو الخيار الأول لشغل وظيفة الإداري.