الموقف الرياضي:لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن نخرج من عام 2021 بهذا الكم من الإخفاقات والفشل بل بهذا الكم الكارثي من المشكلات والملفات التي ستعصف بالاتحاد القادم في آذار وفق الموعد المزمع الذي اعلنته اللجنة المؤقتة لاتحاد كرة القدم لعقد جلسة انتخابية لمجلس جديد يدير شؤون كرتنا التي اهتزت أركانها في هذا العام على صورة غير مسبوقة.
ما بني على باطل فهو باطل
البدايات الخاطئة والباطلة لايمكن أن تعطي إلا نهايات توازيها وتشابهها ومن هنا كانت بداية انهيارنا الكروي مع إعلان اتحاد الكرة التعاقد مع المدرب التونسي نبيل معلول لقيادة دفة المنتخب الوطني في مشوار التصفيات الآسيوية خلفاً للمدرب الوطني فجر ابراهيم الذي تصدر مجموعته بخمسة انتصارات لم تكن كافية لإقناع اتحاد الكرة بالمحافظة على الجهاز الفني الوطني فكانت الاستعانة بالمعلول الذي فرض شروطه على الاتحاد ووقع عقداً فضفاضاً معه بشروط الأخير بدءاً من مكافأة التأهل غير المستحقة مروراً بالتدريب عن بعد والاكتفاء بمعسكرات شكلية مكلفة ومباريات ودية لم تحمل لجمهورنا وكرتنا سوى الصدمات فتتالت الخسارات وتهاوت شعارات الاتحاد التي أعلنها فور استقباله كل مرة للمعلول بالورود والمواكب الفخمة.
أوهم الاتحاد عشاق منتخبنا واستثمر عاطفته بحشد التأييد لجهوده بالتمسك بالمعلول وتحدى رئيس الاتحاد المستقيل المنطق وأبقى على المعلول رغم الخسارات وتفكك جسم المنتخب حتى دقت ساعة الحقيقة وسقطت ورقة التوت مع تتالي اخفاقات المنتخب ودياً ورسمياً ومع تذيلنا لترتيب مجموعتنا أبلغ المعلول اتحاده «السياحي» المتقن لدور الاستقبالات بالورد عبر «الواتس آب» نيته المطالبة بحقوقه المالية والتي تذرع بها ليغادر تاركاً مهمته التي أنجزها برأينا فالمنتخب وصل لحال يرثى له وماتت في جنباتها الروح وأصبح نسراً بلا مخالب.
البحث عن رافعة للاتحاد
الاتحاد المتخبط والمسكون بالغرور سارع لطي صفحة المعلول والبحث عن مدرب جديد والخيار وطني بالنظر للحال المادي السيء الذي يعانيه الاتحاد والبوصلة مدرب يتمتع بشعبية جماهيرية «وفيسبوكية» فكان الخيار المدرب نزار محروس وبدلاً من طاقات الورد التي أجادها الاتحاد تعلم الاستقبال بالعراضات الشامية التي لم تنفع الاتحاد بشيء فاستمر واقع الاتحاد تحت ضغط الجمهور وكوادر اللعبة التي اكتشفت أنها خدعت نفسها وضحكت على حالها حول قدرة الاتحاد على فعل شيء يذكر على الرغم من خطط الرؤية والروية والأحلام الوردية ومع تعثر المحروس في المباريات الرسمية للتصفيات وتذيلنا للترتيب على الرغم من محاولات ترميم جسد المنتخب واتخاذ قرارات فنية اسعافية قد تحسن الواقع لكن لا المعسكرات الخارجية أتت بجديد ولا الاستعانة بنجوم التصفيات السابقة ولا محاولات التحفيز المادي جاءت بجديد.
استقالة متأخرة
اتحاد الكرة لم يجد خياراً أمامه سوى الاستقالة الحتمية لكن المتاخرة والتي جاءت برأينا طبيعية قياساً بحجم الأخطاء المرتكبة فنياً وإدارياً ومالياً وهذا تم بعد الخسارة أمام المنتخب اللبناني في التصفيات ليصار كالعادة في العقد الأخير للجوء للجنة مؤقتة تقود مرحلة انتقالية لكنها هذه المرة كارثية وهذا ما جاء على لسان أمين عام الاتحاد العائد ليهندس كواليس طريق الأمان الكروي توفيق سرحان مقراً بإفلاس الاتحاد مالياً ومديونيته وخافياً حجم الملفات المالية «التفتيشية» التي سرعان ما فتحت .
رئيس الاتحاد الرياضي العام كان له مؤتمر صحفي أكد على تشكيل لجنة تدقيق «تفتيش» لتبيان حقيقة عمل الاتحاد المستقيل بانتظار جلاء حقيقتها والإعلان عن نتائجها التي نجزم بأنها لم ولن تعلن.
لجنة مؤقتة
الإعلان عن اللجنة المؤقتة شابه خطأ بتمسية الرئيس سرعان ما تم استدراكه بتكليف نبيل السباعي برئاسة اللجنة وعضوية توفيق سرحان وعبد الحميد الخطيب وأحمد قوطرش ورضوان الأبرش بعد اعتذار ياسر لبابيدي.
اللجنة أخذت على عاتقها المحافظة على الواقع «الهش» والحد من هدر مال البعثات الكروية ومحاولة استرجاع بعض الأموال المجمدة في الاتحادين الاسيوي والدولي.
إخفاقات المنتخب لم تنته وكان على اللجنة اتخاذ قرار لكنها تأخرت تحت مسوغات واهية وأبقت على المرحوس وكتيبة الجهاز الإداري المعلولي لحد خسارة منتخبنا أمام ومعها تمت إقالة الجهاز الفني ومخاطبة مدربين وطنيين للتعاقد مع أحدهم قبل انطلاقة كأس العرب وقبل استكمال مشوار التصفيات الصعب.
اللجنة لم تغير من عقل إدارة كرة القدم الإعلان شيء والنوايا أشياء أخرى فكان الحديث والنقاش مع المدربين الوطنيين والتعاقد مع الروماني تيتا القديم الجيد لمنتخبنا بعد تجربة آسيا 2011.
كأس العرب والفوز على تونس
تكليف تيتا بالمهمة لم يكن عادياً بالنسبة للظروف والطريقة ومع ذلك أقلع العمل وسافر إلى الدوحة للتحضير للكأس العربية التي بدأها بخسارة أمام الامارات ومن ثم بفوز «تاريخي» على تونس أيقظ النسور وبث الروح في جسد المنتخب لنعود إلى الواقع بخسارة أمام موريتانيا أعادت الأمور إلى حقيقتها التي تؤكد حاجتنا للاعتراف بحجم التخريب الذي أصاب كرتنا.
الكأس العربية أضافت لتجربة تيتا الكثير فسارع إلى طلب تغيير مدير المنتخب والاستعانة بجهاز فني مساعد والطلب من اللجنة تأمين دعوة وحضور خمسة من اللاعبين المغتربين وهذا ماكان وتم اسناد مهمة المدير لياسر لبابيدي دون تغيير بجسد «العلة» الإدارية .
مسابقاتنا على حالها
وفي سياق متصل لابد من الاعتراف بأن نتاج المنتخب لايخرج عن واقع مسابقاتنا المحلية دورياً وكأساً وهنا الطامة الكبرى فالأندية تعاني ضائقة مالية وملاعبنا وضعها مأساوي وفئاتنا العمرية بأسوأ أيامها وهنا السؤال كيف يمكن أن نتطور كروياً وكل مايمت بصلة للمستديرة يئن بل بحالة موت سريري.
الاتحاد المستقيل أنهى الموسم السابق وفيه توج تشرين باللقب للمرة الرابعة وجبلة ببلقب الكأس للمرة الثانية في تاريخه وتوجت سيدات فريق الخابور بالدوري السوري لكرة قدم السيدات وذلك للمرة الأولى بتاريخ النادي.
واليوم تعاني مسابقاتنا من غياب أركان نجاحها فالملاعب نقطة ضعف ظاهرة في جسد دورينا وتأهيل حكامنا وتأمين تجهيزات التحكيم الحديثة التي استقال الاتحاد السابق ولم يف بوعوده على الرغم من مناشدات رئيس لجنة الحكام حينها بضرورة التجهيزات»اللاسلكية» وهنا لابد من الإشارة لمشكلة رعاية الدوري والأموال التي تدعم خزينة الأندية والتي لم يمنح حتى الحظة.
فشل رباعي
منتخبنا الوطني يتذيل ترتيب مجموعته بنقطتين من تعادلين وأربعة خسارات وترتيبه على لائحة فيفا يتراجع شهراً بعد الآخر حتى وصل للمركز86 وتنتظره مباريات للتعويض والبحث عن بطاقة الملحق المونديالي.
منتخبنا الأولمبي لم يكن أفضل حالاً وفشل بالتأهل إلى بطولة كأس آسيا تحت عام 23 وتابعها بالنتائج المخيبة الذي ظهر بها في بطولة غرب آسيا الماضية ليأتي قرار اللجنة المؤقتة بحل الجهاز الفني للمنتخب الأولمبي السوري بقيادة المدرب رأفت محمد.
المصير ذاته للجهاز الفني الوطني لمنتخب الشباب بقيادة أنس مخلوف الذي فشل في بطولة غرب آسيا ومثله الجهاز الفني الوطني لمنتخب الناشئين بقيادة مهند الفقير.
وداع
كرتنا تودع 2021 على أمل أن يحمل لها شهر آذار اتحاداً جديداً قادراً على إعادة الروح والثقة بكرتنا ومنتخباتنا الوطنية .