رعاية الأنديـــة.. ما زالت في ظل العشوائية ؟!

متابعة – أنور الجرادات: في زمن الاحتراف باتت كرة القدم العالمية سلعة مطلوبة وتجارة رائجة تجني الأندية من ورائها الملايين ويربح الرعاة أموالاً طائلة، بعد أن تحولت الأندية إلى شركات تجارية طبقاً لمتطلبات الاحتراف في السوق العالمي لكرة القدم، وباتت الشركات الراعية تلهث خلف الأندية العالمية الكبيرة من أجل الوصول إلى حقوق الرعاية، بل إن الشركات دخلت في مزايدات مع شركات مماثلة للوصول إلى صك الرعاية .



أما في كرة القدم عندنا، فإن الوضع مختلف تماماً، فالأندية تلهث خلف الرعاة والمردود قليل بل يكاد يكون معدوماً، والرعاة يهربون من الرعاية لأن المردود من سلعة كرة القدم في أنديتنا غير مجدٍ، والمفروض في الرعاية أن المنفعة متبادلة.‏


فمن يصدق أن الساحرة المستديرة التي تخطف الأضواء والقلوب في العالم لا تجد سوقاً رائجة في أنديتنا، وأن الرعاة يهربون منها..؟!‏


فشل‏


أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا دون أن تجد إجابة أو ربما تجد إجابة مطاطية لا معنى لها ولكننا في النهاية لابد أن نعترف أن أنديتنا بعد سنوات من التجربة الاحترافية فشلت في صياغة ( صك الرعاية ) وحتى لو نجحت بعض الأندية في جلب الرعاة، إلا أنها لا تساوي جزءاً من المصروفات على التعاقدات والمعسكرات والمباريات.‏


علاقات شخصية‏


وما بين مطرقة العشوائية في التعامل مع المشكلة وسندان الواقعية الذي تصطدم به، تعيش أنديتنا بين عقود بالملايين وأندية مساكين.‏


و الأسباب التي تؤكد أن الرعاية تمثل عقبة كبيرة أمام أنديتنا، أولها أن العقود تأتي من خلال العلاقات الشخصية والمجاملات وأيضاً من خلال الاتصالات وتوقيع كبار الشخصيات، وبالتالي تتعامل الشركات مع الأندية في مثل هذه الأمور بمبدأ المجاملة لشخص معين دون أن تنظر إلى الفائدة التي ستعود من الشراكة مع النادي وهو عكس ما يحدث في أوروبا.‏


والسبب الثاني لهذه القضية، هو أن الشركات لا تتعامل مع الأندية بمبدأ النتائج، والدليل أن أندية كثيرة تحقق نتائج وبطولات ورغم ذلك فإن أسهم الرعاية لديها منخفض وبالتالي العلاقة بين النادي والراعي لا ترتبط بالنتائج.‏


أما السبب الثالث، فيتمثل في أن الرعاة لا ينظرون إلى الأندية بحجم جماهيرها والدليل أن هناك أندية ذات شعبية كبيرة ورغم ذلك فعدد الرعاة لديها أقل من أندية دونها شعبية وحضوراً جماهيرياً في المباريات، وبالتالي فإن الجمهور ليس مقياساً في قضية الرعاية.‏


أما السبب الرابع، فهو أن الأندية لا تجيد تسويق لاعبيها النجوم بالشكل المثالي والصحيح وبالتالي فهذا الجانب مفقود لدى أنديتنا رغم أن هناك صفقات في الأندية تفوق الرعاية بمراحل، بل إن صفقة لاعب في ناد معين تتجاوز العائد من كل الرعاة.‏


معايير مفقودة‏


ترى هل تتعامل أنديتنا مع تطبيق الاحتراف بتوفير معايير الاتحاد الآسيوي دون أن تفكر في تطبيقه بشكل عملي على أرض الواقع مثلما تفعل اليابان وكوريا والتي تستقطب أكبر الشركات العالمية لأنديتها، وما حقيقة الأمر عندنا ؟‏


الإجابة مثلما هو حال الواقع متشعبة ومتباينة من ناد إلى آخر.‏


و يستطيع أي شخص أن يعرف ما إذا كان النادي لديه رعاة أم لا من خلال فانيلات اللاعبين في الملعب، بعض الأندية لم تجد ما تضعه على فانيلات اللاعبين وظهرت من دون إعلانات، والبعض الآخر وضع إعلاناً واحداً، والنوع الثالث يزين بها صدر اللاعبين.‏


الشركات تبحث عن الناجح‏


إن جلب الرعاة لا يتم بالعلاقات الشخصية وإنما لحاجة الراعي للترويج، وإن نتائج الفريق الأول لكرة القدم دائماً تجلب الرعاة، نظراً لأن الراعي يبحث عن الكيان الناجح الذي يستطيع من خلاله الترويج عن منتجاته بصورة مثالية.‏


وإن مفهوم التسويق في الأندية بات غائباً، وإن كان يختلف من شخص لآخر، حيث يبحث النادي عن الرعاة الذين هم بحاجة إلى ترويج منتجاتهم، وهذا النوع الآخر من التسويق يتمثل في مشاركة الدوائر والمؤسسات في الفعاليات المجتمعية ودخول بوابة النادي عبر دوائرهم أو مؤسساتهم، كما أن الخطة التسويقية يجب أن تسير وفق النهج المرسوم من أجل تحقيق النجاح المنشود حتى تنعكس إيجاباً على مسيرة الفريق الأول في دوري المحترفين.‏


بالمختصر المفيد‏


إن رعاية الأندية تقوم بشكل أساسي على العلاقات الشخصية وليس على نتائج الفرق والإنجازات التي تحققها، حيث إن كل ناد يحصل على عقود رعاية، بناء على مكانته ونفوذه وعلاقاته مع الشركات الكبرى، لأن أغلب المعلنين يسعون إلى إرضاء أطراف معينة وليس تحقيق الاستفادة الرياضية.‏


و إن واقع التسويق في بلادنا لم يصل بعد إلى التأثر بالنتائج والمشاركات الداخلية والخارجية، حيث إن أغلب الشركات الكبرى لا تقتنع برعاية الفرق والأندية إلا بناء على رسالة تتضمن توقيعاً من كبار الشخصيات.‏

المزيد..