مهند الحسني:لا نغالي كثيراً إذا قلنا بأننا بعد سلسلة من القرارات التي باتت تحكم سلتنا الوطنية، وصلنا لحقيقة مفادها أنه لن يستطيع أحد تطوير سلتنا أو إخراجها من ضياعها في حال بقيت الأمور على ما هي عليه، ولا نغالي كثيراً إذا قلنا بأننا ابتلينا بواقع سلوي مرير جلدنا بالتكهنات والتأملات كثيرا، نضحك على أنفسنا، وعلى الآخرين، والحصيلة اليوم كما كانت في الأمس، وكما ستكون في قادمات الأيام، ولا شيء جديد هناك.
أسئلة بلا إجابات؟
هناك نوع من الأسئلة باتت الإجابة عليها من صنف السهل الممتنع، ومهما كانت إجابتك عليها سيؤكد لك السائل أنها خاطئة، فلو سألنا اتحاد السلة المعني عن أمور اللعبة عن أسباب تراجع أداء اللاعب المحلي رغم دخول الاحتراف، فإن الإجابة لن تكون مقنعة حتى لو جاءت من أصحاب الخبرة الفنية، وحتى لا يقال إننا نتحدث عن أوهام مفترضة أو عن عموميات لا معنى لها، فإننا سوف نضطر للإشارة إلى بعض النقاط ، بات من المؤكد أن اتحاد السلة قد توصل لحقيقة مفادها أنه لا سبيل لتطوير مستوى السلة السورية إلا بالعودة للعمل بقواعد اللعبة بطرق علمية سليمة تؤسس لفضاءات أوسع وأشمل بكرة السلة، بعد سلسلة من المهازل التي بدت واضحة في أداء ومستويات ونتائج منتخباتنا الوطنية وأنديتنا في مشاركاتها العربية والقارية، وبدا واضحاً أن المشاكل المزمنة لسلتنا الوطنية لا تمكن ضم لاعب أجنبي، وأن مشكلتها الأساسية في البناء الخاطئ لقواعد اللعبة، ولجيل كامل من اللاعبين منذ سنوات طويلة.
أوراق التوت
بدأت أوراق التوت بالسقوط عن الكثير من أنديتنا لتكشف عن عوراتها وأخطائها المتراكمة على مدار السنين السابقة، فانكشفت الفقاعات وثبت بما لا يدعو للشك سوء التخطيط وضعف الرؤية الاستراتيجية لدى القائمين على كرة سلة في هذه أندية، وبأن ما تحققه من نتائج لا يتعدى حدود الطفرات أو الشذرات، وذلك لعدم وجود خطة ممنهجة تسير عليها هذه الأندية منذ زمن بعيد، ما أدى إلى تفاقم الأخطاء حتى وصلت لمرحلة من الصعب تجاهلها حيث بات من الواجب التوقف عندها مطولاً على أمل طي الصفحة المظلمة لسلتنا الوطنية والبدء بمرحلة جديدة أكثر إشراقاً.
واقع صعب
إذا كان تطور كرة السلة لدينا سيبدأ من القواعد، فإن المعطيات الموجودة غير مطمئنة أبداً في جميع الأندية، وخصوصاً طريقة التعاطي مع فرق القواعد التي أثبتت بأن مستواها مازال متفاوتاً، وغير مبشر بالخير، وما يحز في النفس أن كافة التحذيرات والمعطيات والتنبيهات التي أشار إليها خبراء اللعبة حول الأخطاء التي وقعت فيها أنديتنا في تعاطيها مع فرق القواعد، لم تلق آذاناً صاغية لكون هذه الأندية بات جل اهتمامها فريق الرجال لما يحققه من نتائج ستسجل في سجل هذه الإدارات الراغبة في تحقيق انجازات مسبقة الصنع حتى لو كانت على حساب قواعد اللعبة، فكان ما كان، وأصبح الكابوس الذي كنا نخاف منه واقعاً، وتحولت الأندية الكبيرة التي كانت بمثابة الرافد الأهم للمنتخبات الوطنية إلى أندية مستهلكة تستقطب الأندية، وتقوم على تجميعهم تحت اسم الاحتراف بهدف جمع الألقاب واعتلاء منصات التتويج ،غير مدركين أن الوضع له تأثيرات سلبية كبيرة على السلة السورية، بدأنا في هذه المرحلة جني ثمار أخطائنا السابقة، لتدخل السلة السورية في نفق مظلم لا يبشر بأي انفراج طالما الأمور بقيت على حالها دون حلول ناجعة وجذرية.
إعادة دراسة
الارتقاء بالمسابقات المحلية (الدوري والكأس )، وارتفاع مستوى الأندية فردياً وجماعياً لا بد من أن ينعكس إيجاباً على المنتخبات الوطنية، فالدوري القوي لابد أن يفرز منتخباً قوياً، إلا أن هذا الأمر لم يحدث لدينا بعد مضي عشر سنوات على دخول الاحتراف على أجواء سلتنا، والدليل تراجع منتخباتنا وأنديتنا في جميع الاستحقاقات وخروجها من الأدوار التمهيدية دون أن تحقق أي نتائج توازي هذا الاحتراف، ما يوصلنا لنتيجة مفادها أن احترافنا غير ناضج، وبحاجة لإعادة تقييم بما يتماشى مع الواقع المزري الذي تعيشه سلتنا في ظل احتراف أعرج بقدم واحدة.
خلاصة
على اتحاد السلة العمل على مخاطبة أنديته من أجل بيان مدى إمكانية تعديل نظام دوري الرجال، والعمل والتعاون على بناء جيل سلوي واعد، ولا ضير من تولي أبرز مدربينا الوطنيين قيادة فرق الشباب والناشئين من أجل خلق حالة من التنافس بين هذه الفرق، وزيادة عدد مبارياتها بما ينعكس عليها بالفائدة الفنية التي نتمناها ونتطلع عليها، وعلينا الصبر لمدة موسمين أو ثلاثة حتى نتمكن من إعادة دوري الرجال بلاعبين من مستوى عال ونجوم من الطبيعي أن يتألقوا في سماء سلتنا.