متابعة – مهند الحسني: لم تكن جلسة مناقشات هموم وشجون كرة السلة ومنتخباتها استثنائية بقراراتها ومجمل مناقشاتها، رغم أنها ضمت أفضل خبراتنا السلوية،
فلم تكن المناقشات هادفة كما هو متوقع بل عابها الكثير من المجاملات والمصالح الشخصية، ولم يكن موقف القيادة الرياضية متوازن بين طرفي النقاش، حيث سمحت ميلان كفة على حساب أخرى دون أن يكون هناك ضوابط حتى على مستوى اختيار ألفاظ النقاشات، فالبعض تحدث عن أمور لا يمكن أن تحدث وتنفذ حتى في أحلامنا بطريقة تركت الكثير من إشارات الاستفهام، فيما دارت بعض المناقشات حول حقيقة وضع سلتنا الوطنية ومنتخباتها، حيث طالبوا بالعمل من جديد بهدوء وترو ونسيان نتائجنا السابقة، واتفق المجتمعون على اللقاء مجدداً بغية وضع تصورات جديدة ومساعدة اتحاد السلة في إعادة بناء منتخباته على أسس سليمة بغية حصد نتائج مثمرة في المستقبل القريب، لكن نسي الجميع وتناسوا أن تطور كرة السلة لن يقف عند حدود مناقشات كلامية أهدافها مفضوحة ومكشوفة، بعدما طالبوا الاتحاد بأن يخرج الزير من البير دون أن تكون هناك أي مقومات ومناخات وأجواء مريحة لبدء رحلة العمل، وكأن الرهان على مقدرات الأشخاص دون توفر ما يساهم في عملية البناء بات ميزة واضحة في المنظومة الرياضية.
أيها السادة الرياضة بشكل عام أصبحت صناعة وهي بحاجة للعديد من العوامل لإنجاحها وتطورها، وهناك الكثير من العوامل الواجب تأمينها قبل التحدث عن تطوير اللعبة، ويأتي في مقدمتها.
الإمكانات المادية
عند إعداد أي منتخب قاري لابد من أن نغدق عليه الكثير من الإمكانات المادية تماشياً على ما يقدم في الدول المجاورة ،فالإضافة إلى تنظيم عقود المدربين الوطنيين بالطريقة التي تضمن حقوقهم يجب توفر الإمكانات المادية الوفيرة والتي تمكننا من تنفيذ ما تم تخطيطه لتحضيرات المنتخب من معسكرات خارجية ومباريات احتكاكية بعيداً عن المعسكرات المجانية الني باتت ماركة مسجلة في عرفنا الرياضي ،لذلك دعونا نعترف أن الحماس والتصفيق لا يصنعان منتخباً، فإذا أردنا إعداد منتخباً يقارع كبار القادة فعلينا رسم استراتيجية واضحة المعالم ،وإذا كنا ننتظر الهبات والعلاقات الشخصية لإقامة معسكراتنا فمتى سنصبح مبادرين في هذا الشأن وننتقي ما يناسبنا من معسكرات ومباريات تتلاءم مع مسيرة الإعداد، ولا ضير من البحث عن شركات وطنية راعية تدعم معسكرات المنتخبات الوطنية، وهناك الكثير من هذه الشركات القادرة على دخول على خط الدعم، لأن المرحلة الحالية التي تعيشها الرياضة السورية بشكل عام باتت بحاجة لأموال كثيرة وكبيرة، وإمكانات القيادة الرياضية لا يمكن أن تلبي إقامة معسكر خارجي نظراً لموجة الغلاء الفاحشة، واتحاد السلة عليه أن يسعى بكل طاقاته لتوفير المناخات الملائمة والمناسبة لمنتخباتنا، وإلا الزمن لن يرحم تراجعنا وسيأتي يوم لن تفيدنا أي محاولة لأن سلتنا وقتها ستكون في الهاوية وهذا ما لا نتمناه ولا نريده.
مناخات جديدة
لا أرغب في المقارنات بين ما يقدم لسلتنا الوطنية من إمكانات مادية، وبين ما يقدم لسلة أقرب منتخبات دول الجوار لدينا، لإيماني بأن المقارنات تظهر المفارقات، و المقارنة خاسرة، لكن ذلك لا يمكن أن يجعلنا نستسلم للواقع، بل لابد من ايجاد السبل الكفيلة لدعم منتخبات السلة، وتأمين المناخات الاستعدادية لها بعيداً عن الحجج وشح الإمكانات والأعذار الواهية التي لم تعد تنطلي على أحد.
غياب النجوم
يبدو أن وصفات اتحادات السلة السابقة لم تنفع في علاج الأمراض المزمنة للسلة السورية، ويبدو أن المشكلة لم تكن في الطبيب، وإنما في المريض الميؤوس من حالته، والذي تضافرت عليه عوامل الهرم والمرض فبات علاجه صعباً، وإمكانية العودة إلى وضعه الطبيعي أمر أشبه بالمستحيل، فسلتنا ومنذ سنوات طويلة لم تستطع أن تتقدم قيد أنملة على صعيد المنتخبات، لا بل تراجعت أكثر لمرحلة بتنا نخسر أمام منتخبات كانت تتمنى أن تلعب معنا للاستفادة من فرصة الاحتكاك، لكن سلتنا انكشفت عورتها وبدت عرجاء بعد أن غادرها جيل من اللاعبين العمالقة، أمثال( انور عبد الحي، جاك باشاياني، طريف قوطرش، عمر حسينو، محمد ابو سعدة) وغيرهم كثر، ولم تتمكن هذه الاتحادات من ايجاد البدائل لهؤلاء النجوم الذين أوصلوا سلتنا لمنصات التتويج على كافة الأصعدة، نتيجة اهمالهم لقواعد اللعبة، واهتمامهم بفرق الرجال كونها تأتي بنتائج تعود للإدارات الأندية التي ترغب بتسجيل هذه الانجازات في سجلها، وقد ساهم الاحتراف الخاطئ في تراجع أنديتنا بشكل كبير كون جميع هذه الأندية صبت جل اهتمامها بفرق الرجال.
إضافة إلى أن كرة القدم ما زالت تغنج بالحصة الأكبر من ميزانية أي ناد، فهي اللعبة الأكثر شعبية، وانجازاتها ستجل في تاريخ الإدارة القائمة على أمور النادي، ما ساهم في توفير النسبة العظمى من ميزانيات الأندية على عقود ومقدمات لاعبي كرة القدم، فتحولت مجالس الإدارات الأندية إلى مجالس إدارات لكرة القدم فقط، ولم تعد كرة السلة تجد من يهتف لها وباسمها أو يطالب بحقوقها، ما ساهم في تراجع شعبيتها في السنوات العشر الأخيرة.
خلاصة
على ضوء ما تقدم يتبادر للأذهان الكثير من الأسئلة إلى متى ستبقى منتخباتنا الوطنية أسيرة الظروف وأمزجة البعض ،وإلى متى ستبقى قياداتنا الرياضية تتعامل بهذه الطريقة مع منتخبات السلة ،أسئلة كثيرة لم نجد إجابات شافية لها..؟!