مهند الحسني:إذا كان شعار تطوير كرة السلة السورية يبدأ من الفئات العمرية وفرق القواعد، فإن المعطيات الموجودة على أرض الواقع غير مطمئنة أبداً في جميع الأندية، وخصوصاً طريقة التعاطي مع فرق القواعد
التي أثبتت بأن مستواها مازال متفاوتاً، وغير مبشر بالخير، وما يحز في النفس أن كافة التحذيرات والمعطيات والتنبيهات التي أشار إليها خبراء اللعبة حول الأخطاء التي وقعت فيها أنديتنا في تعاطيها مع فرق القواعد، لم تلق آذاناً صاغية لكون هذه الأندية بات جل اهتمامها فرق الرجال، لما تحققه من نتائج ستسجل في سجل هذه الإدارات الراغبة في تحقيق انجازات مسبقة الصنع حتى لو كانت على حساب قواعد اللعبة، فكان ما كان، وأصبح الكابوس الذي كنا نخاف منه واقعاً، وتحولت الأندية الكبيرة التي كانت بمثابة الرافد الأهم للمنتخبات الوطنية إلى أندية مستهلكة تستقطب الأندية، وتقوم على تجميعهم تحت اسم الاحتراف بهدف جمع الألقاب واعتلاء منصات التتويج ،غير مدركين أن الوضع له تأثيرات سلبية كبيرة على السلة السورية، وبدأنا في هذه المرحلة جني ثمار أخطائنا السابقة، لتدخل السلة السورية في نفق مظلم لا يبشر بأي انفراج طالما الأمور بقيت على حالها دون حلول ناجعة وجذرية.
أوراق التوت
لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن أوراق التوت بدأت بالسقوط عن الكثير من أنديتنا لتكشف عوراتها وأخطاءها المتراكمة على مدار السنين السابقة، فانكشفت الفقاعات التي عاشت في هذه الأندية، وثبت بما لا يدعو للشك سوء التخطيط وضعف الرؤية الإستراتيجية لدى القائمين على كرة سلة في هذه أندية، وبأن ما تحققه من نتائج لا يتعدى حدود الطفرات أو الشذرات، وذلك لعدم وجود خطة ممنهجة تسير عليها هذه الأندية منذ زمن بعيد، ما أدى إلى تفاقم الأخطاء حتى وصلت لمرحلة من الصعب تجاهلها حيث بات من الواجب التوقف عندها مطولاً على أمل طي الصفحة المظلمة لسلتنا الوطنية والبدء بمرحلة جديدة أكثر إشراقاً.
فوضى
كانت وما زالت ويبدو أنها ستبقى غالبية أنديتنا تعيش حالة من الفوضى الاحترافية، وخاصة فيما يخص تواجد شريحة كبيرة من اللاعبين الكبار حتى لو كانوا على دكة الاحتياط، لأن غايتهم تبقى في إفراغ الأندية الصغيرة من لاعبيها الشباب، ما أحدث شرخاً كبيراً في أنديتنا، من الصعب رأبه، وبات معها شعار الدوري المباريات الطابقية، والفوارق الرقمية، الشيء الذي أفقده تلك المنافسة القوية التي كنا نريدها ونتمناها، وباتت ألقاب المسابقات محصورة بين ثلاثة أندية أو أربعة لا أكثر، ومن يتأمل في هذه المعضلة يدرك تماماً أن هناك سيطرة شبه مطلقة من قبل بعض اللاعبين على غالبية الأندية، فلولاهم لن تأتي الألقاب، ولن يقف الفريق على منصات التتويج، وهذا ما سيؤثر على سمعة إدارات هذه الأندية التي بات همها تحقيق انتصارات مسبقة الصنع بأي طريقة كانت.
أوهام
يبدو أن الهالة التي واكبت عدداً من نجوم السلة السورية، أو الذين أحاطوا أنفسهم بتلك الهالة، قد أخذت تنقشع، ولن تعد ألاعيب هؤلاء اللاعبين، وأساليبهم الطفولية تنطلي على أحد، خاصة بعد صدور قرار تحديد أعمار اللاعبين الأخير، وبدا وضحاً بأن البعض منهم لا هم له سوى جني المال، سواء كان يستحق هذا المال أم لا يستحقه، وسواء أكان مستواه الفني يجيز له المطالبة بهذه المبالغ أم لا، حتى إن البعض من اللاعبين ممن كانوا يظنون أنفسهم نجوماً، قد لا يؤهلهم مستواهم حالياً للجلوس حتى على مقاعد البدلاء، وكما غمرت السعادة بعض الأندية، وإداراتها عندما غمز بعض النجوم هذا الموسم في قناة رغبتهم من الانتقال من النادي، حيث تعاملت هذه المرة الإدارات مع الأمر بوعي وجدية، ولم تضع نفسها تحت وطأة الابتزاز التي يمارسها بعض هؤلاء اللاعبين، فانكشف المستور، وظهر جلياً بأن بعض اللاعبين لا مكان لهم حتى في أروقة الدرجة الثانية، وبأنهم باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً لا خلاص منه إلا بإطلاق أيديهم، والسماح لهم بالرحيل، لأن في رحليهم حياة، وفي بقائهم موتاً للنادي وللمواهب الصاعدة، وإذا كان من نعمة وحيدة لاحترافنا الحالي أنه قد زاد من خبرة إدارات الأندية في تعاملها مع هؤلاء اللاعبين.
ضعف
هؤلاء النجوم الذين كانوا يهتفون بالانتماء، ومحبة النادي، والإخلاص للقميص الذي يرتدونه، ومع أول قرار حاسم لاتحاد السلة، كادت ألسنتهم أن تلامس ركبهم، وهم يلهثون وراء المال، وقبض مقدمات العقود، بعدما تأكدوا بأنهم سيكونون خارج هذه المنافع، والرواتب المغرية، وإن كان ذلك على حساب مصلحة السلة السورية .
خبرة جديدة
ما زالت أنديتنا تتمسك ببعض اللاعبين، فهناك أمثلة حية على ذلك، كيف أن أحد الأندية بالعاصمة كاد أن يهبط للدرجة الثانية بعد قرار التصنيف الجديد لأنه تمسك بلاعب كان مشروع نجم لأنهم أصروا على لعبه، ومنحوه حظوة في الفريق كادت تصل إلى أنه لو كان مستلقياً في سريره، فإنهم سيحملونه، وهو فوق السرير ليشارك في مباريات فريقه، وناد آخر سرّح بعض لاعبيه الذين وصلوا إلى سن التقاعد الفني والعمري، فحصد العنب بعد أن ذاق الحصرم سنين طويلة، وهو الذي كان يظن أن غياب هذا اللاعب سيمحيه من خارطة كرة السلة السورية، فكان غيابه خيراً لفريقه ولزملائه الذين أحسنوا اللعب، وحققوا الانتصار، وتبقى الغصة للاعبين الشباب الذين لم يجدوا تلك الفرصة التي تؤهلهم لإثبات جدارتهم وذاتهم، لأن عواجيز السلة السورية كانوا يسيطرون على فرقهم وإدارتهم.
جديد
وبعد صدرو قرار مؤتمر السلة الأخير، و تطبيق القرار على أرض الواقع بما يتماشى مع جميع الأندية، من المتوقع أن يأخذ اللاعبون الصغار الفرصة المواتية لإثبات جدارتهم وتأكيد علو كعبهم، ما يؤدي إلى ظهور حقيقة مستواهم، وسيكون لهذا القرار في حال تم تنفيذه على أرض الواقع بشكل جيد انعكاسات ايجابية على جميع مفاصل السلة السورية، وسوف نرى جيلاً سلوياً مشرقاً ينسينا شر الهزائم والنكبات المريرة.