من حق المدير الفني لمنتخبنا الكروي أن يذهب إلى جرعة «مضاعفة» من التفاؤل بعد تحقيق التعادل مع المنتخب الإيراني القوي, ومن حقه أن يعمل على رفع معنويات لاعبيه
في كل وقت, ولكن هل يحق لنا أن نرفع إشارة استفهام حول المبالغة الزائدة التي يمكن أن تكون سلاحاً ذا حدين وخاصة أن شبه إجماع بين الكثير من الفنيين والمتابعين على «حدود» المستوى التي لم تصل بمنتخبنا لما نريد، رغم أن الحديث عن المستوى الفني في هذا اللقاء محدود الجدوى بسبب الأرض الموحلة التي كانت صعبة على المنتخبين, وكنا نتمنى أن نشاهد مباراة في ظروف طبيعية..!
نظن أنه ليس من المنطقي ولا الموضوعي أن نبالغ في استثارة مشاعر الناس في موضوع واضح, فمنتخبنا كان قوياً في دفاعه كالعادة, ونجمه المتألق هو العالمة, فيما كان الميزان الفني مختلفا في الشوط الثاني حيث ارتفع اداء المنتخب الإيراني و ظهر التعب على كثير من لاعبينا..أما خط هجومنا فمازالت معاناته مستمرة وحضوره محدوداً.. والدفاع الذي تحمل عبئاً مضاعفاً منذ مطلع الشوط الثاني, يؤكد على ضرورة النظر بموضوعية للوقائع بحيث توضع في إطارها الصحيح دون أن نبخس حق اللاعبين في العطاء والجهد البدني الكبير, وهو محسوب لهم بالدرجة الأولى..؟!
وبالنظر إلى المباراة أكثر فقد كان واضحاً أن الفكر الكروي الذي يقف وراء شكل اللعب وأسلوب التحرك, في الكثير من التفاصيل, هو الفكر نفسه الذي ظهر به منتخبنا في مباريات سابقة, وهنا لانلقي باللوم كثيراً على الجهاز الفني الذي يؤمن- كما بات واضحاً- أن نقطة التعادل هي الأمان الذي يتم البحث عنه, والتشبث به, في مواجهة المنتخبات الكبيرة عموما، فكيف وأنت أمام متصدر المجموعة وأقوى المشاركين دفاعاً, وهذا كله من الطبيعي أن يؤخذ بعين الحسبان, لكن ليس من المفهوم بالشكل العام- فقدان حس المغامرة الهجومية على طول الخط تقريباً.. على الرغم من أن الأرض فعلاً زادت الطين بلة, في هذه المباراة, قولاً وفعلاً..؟!
أما إذا كان القصد من القول إن منتخبنا كان أفضل من نظيره ينطلق – في العمق- من أن نقطة التعادل إيجابية المفعول في هذا الوقت وتبقينا في دائرة المنافسة وتؤكد أن منتخبنا ليس رقماً سهلاً, فهذا كله صحيح، فيما يمكن الحديث بشكل مختلف عن المستوى الفني ومجموع الفرص المتاحة للمنتخبين في ميزان المقارنة ولا نظن أنها كانت في مصلحتنا.. والتأكيد على أن منتخبنا كان يستحق الفوز أمر ندركه ونفهمه ونتفهمه, وكنا نتمنى تجسيده قولاً وفعلاً في الميدان, فهذه آمالنا الدائمة..؟!
بالتأكيد ليس من الخطأ أن تكون جرعة التفاؤل مضاعفة في معرض التصريحات ولكن من الضروري أن نصارح أنفسنا بالواقع كما هو عندما نريد أن ننظر بمرآة حقيقية لتكون الفائدة حقيقية أيضاً..
ومع كل ماسبق وبالقياس إلى ماوصل إليه منتخبنا وجهازه الفني, في ميزان المقارنات مع الآخرين، فإن المنتخب يستحق التحية على أنه مازال رقماً ليس من السهل تجاوزه.. وسنرى حقيقة هذا الرقم الصعب في القادمات..!!
غسان شمة
gh_shamma@yahoo.com