لازالت خطوات سلتنا الوطنية غير واضحة وعرجاء رغم أن الطريق ممهدة ، غير أن ثمة منغصات عديدة باتت تشكل العقبة الكأداء في وجه سلتنا رغم أن الاحتراف طرق أبوابها منذ زمن بعيد، غير أنه لم يتمكن من تطويرها قيد أنملة، بل على العكس ساهم في تراجعها وخاصة على الصعيد المنتخبات الوطنية التي لم يكن لها أي إشراقات جديدة منذ زمن طويل،
ومن المعروف أن المنطق لا يسمح لك ببحث النتيجة بعيداً عن أسبابها، كما أن الحس السليم يصر على أن تضع الحصان أمام العربة إذا كنت تريد الوصول إلى هدفك في نهاية الطريق ، حلمنا بدخول الاحتراف على سلتنا والحمد لله دخل من أوسع أبوابها، ولم يمض سوى سنة أو اثنتين على دخوله حتى بدأنا نطلق الآهات على أيام الهواية، وأسمحوا لي أن اسميها أيام تخلفنا الرياضي عندما كنا نلهث بأقدام هاوية وراء كرة لا تملك من مقومات حضورها أكثر من الهواء الذي يحشو جوفها، والحب الذي يكنه لها أبناؤها، والسؤال هنا ماذا فعل الاحتراف بسلتنا.
تراجع مستوى الأندية
بعد دخول الاحتراف وجدت أنديتنا الفرصة مواتية لفتح باب تعاقداتها على مصراعيه بعيداً عن أي تقييم فني ووضع خطة واضحة لهذه التعاقدات التي وضعت الأندية تحت وطأة الأعباء المالية، ما حول الأندية الكبيرة التي كانت تشكل الرافد الأكبر لمنتخباتنا الوطنية إلى أندية مستهلكة جل همها استقطاب اللاعبين وزجهم بصفوف النادي على أمل تحقيق نتائج تسجل في سجل هذه الإدارات، وهذا الوضع ساهم في خلق حالة من عدم الاستقرار في غالبية الأندية ، هاتوا لي نادياً واحداً لم تثقله الأعباء المالية ،اذكروا اسم لاعب لم يعلن حرده في ناديه بسبب فهمه الخاطئ للاحتراف، أشيروا لي على فريق حافظ على مستواه لموسمين متتاليين بعد دخول الاحتراف، الأمر الذي يضعنا أمام حقيقة مفادها أننا أدخلنا الاحتراف رغم أننا نفتقد للنضج السلوي، وبأننا لم نتخلص من أميتنا السلوية، وبأن العديد من عناصر اللعبة يفتقد لأبجدياتها.
لن نظلم الاحتراف
نظام الاحتراف الحقيقي ا هو السبيل الوحيد لتطوير أي رياضة لكونه يبني اللاعب على أسس رياضية علمية بحتة، لكن احترافنا والحقيقة لم يكتمل وجاء منقوصاً وباهتاً، وساهم في تراجع أنديتنا ورياضتنا دون أن ندري، ومن يمعن النظر في طريقة إدارتنا وتعاطينا للاحتراف، يدرك بأننا لم نعرف من الاحتراف سوى تنظيم عقود اللاعبين والمدربين برواتب خيالية، وابتعدنا عن الثقافة الاحترافية الصحيحة، فبات هم اللاعب ملء جيوبه بالأموال دون أن يعرف ما له وما عليه، وتم تنظيم عقود تحت اسم الاحتراف والتطوير للاعبين بمبالغ تفوق الخيال مع بعض اللاعبين نظراً لنجوميتهم، الشيء الذي جعل أنديتنا تئن تحت وطأة الأعباء المالية نتيجة تجاوزاتها للأنظمة المعمول بها في نظام الاحتراف، لذلك لن نظلم الاحتراف فنحن ما زلنا نؤكد على أن الاحتراف الصحيح هو الطريق الوحيد للارتقاء بمستوى سلتنا والوصول بها إلى المستوى النوعي الذي يمكنها من مجاراة المستويين العربي والقاري، لكن احترافنا كان أشبه بمن اشترى سيارة أحدث موديل دون أن يجيد قيادتها، فالأنظمة والنصوص التي وضعت في نظام الاحتراف كان معظمها خبراً على ورق لافتقادنا للأرضية المناسبة لزرع نبتة الوافد الجديد، والأهم من هذا كله عدم توفر الإمكانات المادية، والتي من شأنها الارتقاء بالاحتراف لتأتي فوائد يانعة على مستوى رياضتنا، ولازلت عند رأيي وقناعتي بأن احترافنا لن ينجح وسلتنا لن تتطور في ظل وجود إدارات هاوية، وغير ناضجة احترافياً وهذا ينطبق على كل مفاصل اللعبة.
خلاصة
لابد من الإسراع من إعادة تقييم رحلتنا الاحترافية منذ دخوله وحتى وقتنا هذا، ومعرفة فيما إذا طورنا الاحتراف أو ساهم في تراجعنا، والعمل على تأمين جميع مقومات العمل الرياضي الاحترافي، وصب جل اهتمام أنديتنا بالعودة للعمل بقواعد اللعبة ضمن الإطار الاحترافي، لأن حصادنا المثمر سيكون نتيجة لزرعنا المفيد، وغير ذلك سنبقى ندور في حلقة مغلقة دون أن نجد حلولاً ناجعة لتطوير سلتنا الوطنية بشكل عام، الزمن لن يرحم تأخرنا وعلينا البدء بوضع خطة جديدة ننقذ خلالها ما تبقى من احترافنا الأعرج، وإن كنت على يقين بأن كلامنا لن يلقى أي آذان صاغية لهموم سلتنا التي باتت عصية عن الشفاء في حال بقي الوضع على ما هو عليه.