متابعة – مهند الحسني: تمر منتخبات السلة منذ سنوات طويلة في طروف صعبة جلها بأخطاء متراكمة من الاتحادات المتعاقبة على اللعبة، والتي ساهمت في غياب أهم مقومات تطوير عمل هذه المنتخبات ونتائجها على الصعيدين العربي والقاري،
وقد حاول الاتحاد الحالي تجميل الصورة، لكن يبدو أن محاولات العطار لن تصلح ما أفسده الدهر، فواقع منتخبات السلة لا يبشر بالخير، وخاصة بعد الأزمة التي تشهدها البلاد، حيث كان لها تأثير سلبي على طريقة الإعداد وتوفير الإمكانات المادية المتاحة، فبقيت هذه المنتخبات
ومشاركاتها تدور في دائرة مغلقة دون أن يكون هناك بصيص أمل للخروج من عنق الزجاجة التي وجدت نفسها فيها.
علامة الصفر
عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، مقولة زرعها في أذهاننا أباؤنا كونها تحمل اختصار لكثير من الحكم والنصح، وإذا أردنا أن نطبق هذا القول على اتحاد السلة فأننا نمنحه علامة الصفر في امتحاناته القارية دون تردد أو خجل، وما يحز بالنفس أن كافة التحذيرات التي أشرنا إليها لم تلق أذاناً صاغية، فكان ما كان وأصبح الكابوس الذي كنا نخشى منه واقعاً، واستيقظ الاتحاد على واقع مرير حاكته الظروف وحالة من التخبط وسوء التقدير.
وإذا كانت محطات التقييم متدرجة فأن أعلى مراحل عمل الاتحادات هو منتخباتها الوطنية، فالمنتخب حصيلة استراتيجية ورؤية فنية بعيدة، وأنظمة تصيب العمق المطلوب للارتقاء باللعبة، وبذلك فأن الاتحاد أثبت فشله ليس بسبب نتائج منتخباتنا في عهده، فالرياضة تتساوى فيها احتمالات الفوز والخسارة لكن أن تكون منتخباتنا لقمة سائغة وصيد سهل لباقي المنتخبات فتلك هي الطامة الكبرى.
لن نعيد ما ذهبنا إليه في مواضيعنا السابقة ولكن سنمر سريعاً على معطيات الفشل في إعداد المنتخبات الوطنية، فالاتحاد يفتقر إلى الفنيين وبعض أعضائه ليسوا رياضيين ما جعله يحلق بأجنحة غير فنية فكانت النتيجة سقوطه في أكثر من محطة قارية، فالخسارة واردة إلا أن محطات التقييم بعد كل بطولة لم تكن ناجحة لدى الاتحاد الحالي، فظروف الإعداد هي هي، واللاعبون هم هم وطرق الإعداد البدائية ما زالت على حالها بالمقابل ازدادت الحجج والأعذار وتعددت الأسباب والموت واحد.
استحالة وضعف
لا نغالي كثيراً إذا قلنا بأن الإمكانات المادية المتاحة للاتحاد لم تسمح له منذ سنوات طويلة بالتعاقد مع مدرب أجنبي عال المستوى، وكل تعاقداته السابقة كانت مع المدربين أجانب كانت (ضحك على اللحى) بمدربين أشبه بمدرسين مادة التربية الرياضية في بلادهم، ومع ذلك كنا نتغنى بهم، ونعتقد بأنهم سيأتون بحلول لمشاكل منتخباتنا والانجازات قادمة على يدهم لا محالة.
والحقيقة كانت دائماً مريرة، فنتائج منتخباتنا لم تتغير ولم تتطور لا بل تراجعت، و في المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد، ويبدو أن التفكير بالتعاقد مع مثل هؤلاء المدربين بات أشبه بضرب من المستحيل بعد موجة الغلاء، فكيف هو الحال بالتعاقد مع مدرب كبير لقيادة منتخباتنا الوطنية، لذلك وجد اتحاد السلة نفسه أمام حقيقة لا مفر منها، وهي الاعتماد على مدربيه الوطنيين ما يعني أن عجلة تطور سلتنا ستبقى تعاني من نفس الظروف والمنغصات، ولنا تجارب كبيرة مع مدربينا الوطنيين الذين فشلوا في تحقيق نتائج ايجابية، أو حتى تقديم منتخباتنا بطريقة جيدة، كان أخرها منتخب الرجال الذي شارك في بطولة غرب آسيا بالأردن وعاد بخفي حنين.
شروط
ما تحدثنا عنه يخص اتحاد اللعبة الذي عمل واجتهد حسب إمكاناته، لكن علينا بالمقابل تسليط الضوء على مقدرات اللعبة، وما خصص لها من ميزانيات مالية مخجلة قياساً على أقرب دول الجوار، ويبدو أن حجة ضعف الإمكانات المالية ستبقى ماركة مسجلة في رياضتنا، ويبقى السؤال هنا، هل يستطيع أي اتحاد مهما كانت قدرات أعضائه من إضافة شيء جديد ضمن هذه الإمكانات المادية الشحيحة، وغياب المدرب الأجنبي القادر على وضع تصورات لمرحلة سلوية جديدة، بالتأكيد ستكون الإجابة بالرفض لأن ما يقدم لمنتخبات دول الجوار من إمكانات مادية ولاعبين مجنسين لا يمكن أن نضع أنفسنا معهم في ميزان المقارنة، لذلك إذا كنا نريد منتخبات قوية ومتطورة فلهذا الأمر شروط يجب على القيادة الرياضية أن تسعى لتأمينها ودعمها، وإذا كنا نريد مشاركات لمجرد المشاركة، فالوضع الحالي كفيل بتحقيق أسوأ النتائج وأكثرها مرارة، ووقتها لن نطلب منكم سوى أن ترحمونا من شعاراتكم واقوالكم التي لا تتعدى زوبعة في فنجان مقلوب.