لا يمكن أن نتخيل مونديالاً دون مفاجآت ولا يمكن أن نتخيل مباريات كرة قدم يفوز فيها المنتخب الأكبر كروياً
على الدوام لأن ذلك يقطع بذور أي أمل عند المنتخبات الصغرى ، فالمفاجآت هي بهارات كرة القدم والنكهة اللذيذة لأي بطولة والمادة الدسمة لوسائل الإعلام والحديث الأثير للمتابعين والمباريات الأكثر حفظاً في بطون التاريخ والاكثر تداولاً في الكتب المختصة.
مابين الفخر والإذلال
المباريات التاريخية مونديالياً والتي انتهت بمفاجآت مدوية مازال المنتصرون يتغنون بها معتبرين إياها من الملاحم التي تضاف إلى الملاحم التي سطرها أبناء البلد، وعلى الجانب المغاير تعتبر تلك المفاجآت من الأحداث التي يجب سلخها من الذاكرة، ولذلك لم يكن غريباً محاولة إنكلترا بكل مفاصلها التقليل من هول هزيمتها أمام أميركا في مونديال 1950 لدرجة ان الصحافة اعتبرت ان اللاعبين المجنسين وراء ذلك ودارت بين صحفيي البلدين حرب ضروس، فالاميركان تغنوا بأنهم قهروا أسياد اللعبة ومخترعيها والإنكليز رأوا أن لكل جواد كبوة وأن فوز أميركا لا يعدو كونه ضربة حظ.
وما زلنا كعرب وليس جزائريين فحسب نتذكر بكثير من الفخر الانتصار التاريخي لبلومي وماجر وعصاد وبن صولة وسرباح وقريشي وقندوز وغيرهم من النجوم على ألمانيا الغربية في مونديال 1982 وكيف تحولت الأجواء الالمانية إلى جحيم ولم يكن من بد للألمان حينها إلا التآمر مع النمسا لإخراج الأشقاء في واحدة من أقذر المؤامرات الكروية على مر التاريخ.
ومن منا ينسى الفوز التاريخي للمغرب على اسكتلندا في مونديال 1998 بثلاثة أهداف مرغت الكبرياء البريطاني وأنوف اللاعبين الاسكتلندين بالوحل.
وهل تمحى من الذاكرة الهيبة التي أظهرها الكاميرونيون عندما أسقطوا الأرجنتين بقيادة مارادونا في افتتاح مونديال 1990؟..
وهل ينسى المتابعون الالمان الشرقيون أهم نتائجهم الكروية يوم قهروا الغربيين في مونديال 1974 في اللقاء الوحيد الذي جمع ألمانيا بشطريها يوم اعتبروا أنفسهم فازوا بالكأس المونديالية، ولم يكن من بد عند الغربيين سوى التبرير بأنهم تعمدوا الهزيمة كي يذهبوا لمجموعة أسهل ومع ذلك مازال كل ألماني غربي يعتبر المباراة تلك غصة في حلقه وشوكة في جسده وجرحاً نازفاً في قلبه.
ومن منا لم يرفع القبعة للسنغال في افتتاح مباريات مونديال 2002 يوم هزمت أبطال أوروبا والعالم؟..
وهل يغيب عن بالنا كيف عقد البرلمان الإيطالي جلسة طارئة لدراسة الآثار التي خلفتها الهزيمة التاريخية أمام كوريا الشمالية على المواطنين الطليان في مونديال 1966في الوقت الذي مازال فيه الكوريون يتغنون بذاك الفوز إلى أيامنا هذه، وهل ينسى الإيطاليون كيف بدؤوا مونديال 1994 بالخسارة أمام جمهورية إيرلندا في الوقت الذي مازال فيه الإيرلنديون يحتفلون بذاك الفوز لكونه الأول مونديالياً لهم؟
وإلى الآن يتذكر البرازيليون بكثير من الحزن والأسى الهزيمة في ماراكانا أمام الاورغواي في مونديال 1950في مباراة شهدت عدة حالات انتحار وأجبرت الحارس البرازيلي ساربوسا على السجن في بيته، حيث لم يكن باستطاعته الخروج من منزله لأن أصابع الاتهام تتجه نحوه كمرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، وعلى الطرف المقابل مازال الأورغويانيون يفتخرون بتلك المباراة على أنها أهم ملاحمهم الكروية، وإلى اليوم يرفع المشجعون الاورغويانيون لافتة في مباريات المنتخبين تذكر بنهائي 1950الذي لا يحب البرازيليون تذكره.
مفاجآت مونديال 2010
غاب المستوى عن مباريات هذا المونديال وشحت الأهداف في الجولة الأولى والجميع أرجع الأسباب للكرة من جهة والإرهاق الذي أصاب اللاعبين بعد موسم شاق وطويل من جهة ثانية، والبعض يرى أن الاجواء المناخية أثرت والبعض الآخر يرى أن المنتخبات الصغرى تطورت،وبدورنا نرجح تأثير الكرة بدليل أن الاهداف كثرت بعد التاقلم عليها.
سقوط إسبانيا أمام سويسرا يعتبر مفأجاة ضخمة لدرجة أن إحصائية نشرت تقول:
لاول مرة منذ مونديال 1966 فاز المنتخب الأقل حيازة على الكرة من بين كل المباريات ويزداد هول المفاجأة إذا علمنا أن إسبانيا لم تهزم أمام أي من منتخبات مجموعتها قبل دخول المونديال، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يهضم الشارع الإيطالي التعادل المخيب أمام نيوزيلندا في واحدة من النتائج الغريبة على مر التاريخ المونديالي ولكن ماأخف وطأة التعادل مقارنة بالخسارة أمام سلوفاكيا التي كانت تعني وداع المونديال من الباب المظلم.
وقامت الدنيا ولم تقعد في إنكلترا إثر التعادل الانتصار للأشقاء الجزائريين حيث وقع كابيللو ولاعبوه تحت ضغط الصحافة وسخريتها من الحالة المزرية التي ظهر عليها الإنكليز.
الهزيمة الالمانية أمام صربيا تدخل باب النتائج غير المتوقعة لكن البطاقة الحمراء جعلت الأمر متوقعاً ومن هذا المنطلق ندرك هول النتائج الأخرى حيث لم تلعب إيطاليا وإنكلترا وإسبانيا منقوصة ولو لدقائق معدودة.
الاداء الفرنسي بشكل عام كان مفاجئاً جداً ولذلك لن تمر التجربة الفرنسية في جنوب إفريقيا مرور الكرام.
الأن الجميع يراهن على المنتخبين اللاتينيين الأرجنتين والبرازيل لكن من يدري؟
فقد يخرجان بوقت أسرع من المتوقع، والنتخبات الاوروبية التي لم تظهر بحالتها الطبيعية قد تنهض وتمضي بعيدا فكرة القدم علم غير صحيح ولا أحد فوق النتائج الغريبة ومازلنا في بداية الطريق والإمكانية مازالت قائمة لنشاهد نتائج بعيدة كل البعد عن المنطق.
المفاجآت الكبرى موندياليا
الولايات المتحدة × إنكلترا 1/صفر عام 1950.
كوريا الشمالية × إيطاليا 1/صفر عام 1966.
الجزائر × ألمانيا الغربية 2/1 عام 1982.
الكاميرون × الأرجنتين 1/صفر عام 1990.
السنغال × فرنسا 1/صفر عام 2002.
ألمانيا .ش × ألمانيا .غ 1/صفر عام 1974.
إيرلندا الشمالية × إسبانيا 1/صفر عام 1982.
كوريا الجنوبية × إيطاليا 2/1 عام 2002.
جمهورية إيرلندا × إيطاليا 1/صفر عام 1994.
بلغاريا × الأرجنتين 2/صفر عام 1994.
م. قرقورا