اللاذقية – د. ثائر توفيق حسن: كل الزوايا واللقاءات والتحقيقات
تحتاج إلى مقدمات قبل الدخول في غاياتها وتفاصيلها، ولكن القصة المثارة هنا مرعبة إلى حد يجعلها أكبر من الرتوش والمقدمات… بل هي سابقة خطيرة وجديدة لم تعهدها اللاذقية من قبل، اللاذقية التي اعتادت راغبة على غضب البحر وأمواجه العاتية، رفضت متمنعة بكبرياء واعتزاز موجة الاغراء القادمة من بحر الدولارات الأسود… وبحر اللاذقية الأبيض يرفض أن يكون معبراً للمس بسمعة الوطن، فرجال نادي تشرين إدارة ومدربين ولاعبين
جسدوا مقولة (قاسم أمين) (الوطنية تعمل ولا تقول) لذلك لن أطيل وسأنتقل مباشرة إلى التفاصيل.
البداية: كانت من المهاجم النيجيري (إيفيه) المحترف في نادي تشرين منذ الموسم الماضي عندما اتصل بمدافع تشرين (محمد اسطنبلي) وأخبره بأن أحد المعجبين دعاهما إلى العشاء في فندق الميريديان في اللاذقية.. وفعلاً قبل (الاسطنبلي) الدعوة وتوجه مع (إيفيه) إلى الميريديان ليتفاجأ هناك بوجود شخصين من سنغافورة، قدموا نفسيهما بأنهما يعملان في مكاتب المراهنات وأن ثقتهما بالاسطنبلي تعود كما أخبرهما عنه النيجيري إيفيه، ثم استرسلوا في حديثهم
للاسطنبلي إذا كنت تريد أن تصبح من الأغنياء عليك التعاون معنا من الآن، والبداية ستكون مباراتكم مع الكرامة التي راهنا على أن الشباك ستهتز أربع مرات في هذا اللقاء سواء كانت النتيجة ثلاثة أهداف لهدف أو هدفين لهدفين أو أربعة أهداف مقابل لا شيء أي بمعنى آخر مجموع الأهداف المسجلة أربعة أهداف تماماً عندها ستقبض خمسة آلاف دولار أسوة بإيفيه… وطالبوا الاسطنبلي العمل على توسيع شبكة المتعاونين معهم بحيث يساعدهم في الإقناع والتواصل مع مجموعة لاعبين هم (أديب بركات والغرير والتوغولي آغيدي والحارس مصطفى شاكوش) أي يصبح افتراضياً تحت سيطرتهم أكثر من نصف الفريق إذا أضفنا إلى هذه القائمة (إيفيه والاسطنبلي) على أن يقبض كل لاعب من هؤلاء (ألفي) دولار قبل المباراة و(ثلاثة آلاف) دولار بعدها إذا تم الاتفاق أي نصيب اللاعب المساهم معهم حوالي ربع مليون ليرة سورية عن كل مباراة… انتهى لقاء الاسطنبلي الحافل بالمفاجآت مع أعضاء شبكة
المراهنات ولكن حسرته رفضت أن تنتهي، لـذلك اتجه إلى مدربه الكابتن هيثم جطل وأخبره بتفاصيل ما جرى ونظراً لخطورة الواقعة وأهميتها أدرك المدرب بأن الأمر لا يحتمل التأجيل إلى الغد لذلك انطلق برفقة الاسطنبلي إلى رئيس النادي السيد معاوية جعفر وأطلعاه على تفاصيل ما جرى، عندها اتصل على الفور بمسؤول الإعلام السيد علي نجيب ووضعه بصورة ما حدث تماماً وكانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف ليل الثلاثاء الواقع في 1/12/2009 ثم غادروا إلى منازلهم بعد أن غادر النوم عيونهم بعد أن اتفقوا على السرية الكاملة للواقعة الخطيرة حفاظاً على أجواء الفريق المتفائلة قبل لقاء الكرامة وحتى يتمكنا من حل لوغارتيم شبكة المراهنات ومن وراءها.
النهاية: في صبيحة اليوم التالي اتصل مسؤول الإعلام بمدافع تشرين أديب بركات وأخبره بضرورة إخطاره فوراً إذا تلقى دعوة عشاء أو أي اتصال من أشخاص غير مألوفين، وفي المساء حدث المتوقع وتمت دعوة البركات للقاء نفس الشخصين، فأبلغ البركات مسؤول الإعلام بذلك، فطلب منه أن يتصل بهم لتحديد موعد اللقاء ولإبلاغهم بأنه أي البركات سيأتي بصحبة صديقيه لمساعدته على الترجمة ولثقته الكبيرة بهما، وفعلاً تم تحديد اللقاء مساءً، ولكن في منتجع روتانا هذه المرة… نسق السيد علي نجيب مع عضو الإدارة الآخر السيد (عبد الله اسرب) كونه يجيد الإنكليزية واتفقا على مرافقة البركات إلى اللقاء المرتقب في روتانا بصفتهما صديقين له لا أكثر ولا أقل.. وفي الموعد المحدد تم اللقاء وبدأ الحديث المثير بين البركات وبينهم عبر ترجمات الاسرب المستمرة بينما السيد علي نجيب كان يدعي الحديث على تلفونه الخاص لاظهار عدم قبالاته من جهة وحتى يتمكن من تسجيل الجلسة العجيبة عبر الصورة والصوت دون أن ينتبها له…
ومن جملة عروضهم تقديم لعبتي الوحدة والمجد لنادي تشرين إذا تم الاتفاق بشكل كامل وذكروا أسماء لاعبين بعينهم قائلين إنهم تحت السيطرة، وأعلنوا أن نادي تشرين اتفق معهم من خلال أي وسطاء سيدفعوا أرقاماً فلكية وسيرعوا النادي بطريقتهم… وحتى لا يبقى الكلام كلاماً، طالب الاسرب إظهار المبالغ المالية التي تثبت صحة كلامهم… فاستجابوا مباشرة وأخرجوا من خزنتهم (100) ألف دولار رغم أن المبلغ المتبقي في الخزنة والظاهر للجميع هو أضعاف هذا المبلغ، ثم غادر الثلاثة اللقاء وحيرتهم لا تقل عن حيرة الاسطنبلي الذي غادرهم في المرة الأولى أو اللقاء الأول.
التساؤلات المتدافعة والمتلاحقة التي غزت رأس مسؤول الإعلام دفعته للتوجه إلى الأجهزة الأمنية المختصة بعد مباركة الخطوة من رئيس نادي تشرين خاصة وأن السنغافوريين قادمين من الأردن وبحوزتهما مبالغ مالية كبيرة تستدعي الريبة والتوقف، وبالفعل تم التنسيق مع أحد الأجهزة المختصة التي تابعت التسجيلات والشهود وتمكنت من القبض على المتهمين في أحد مطاعم اللاذقية في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف من ليل الأربعاء الواقع في 2/12/2009.
وعند سؤالنا مسؤول الإعلام عن سر سعادته الزائدة بعد أن تم القبض عليهم.. قال صراحة الوطن أولاً وهؤلاء لا نعرف ارتباطهم ولا دوافعهم الخفية والحقيقية لذلك أشعر بأن النوم الآن سيكون عميقاً..
وقبل أن أرسل هذا الملف توقفت عند بعض الأسئلة:
– ماذا لو أن هؤلاء اخترقوا بعض اللاعبين في الأندية السورية..؟؟
– أو ماذا كان سيحدث لو أن الاسطنبلي تجاوب معهم ولم يخبر إدارته…؟؟
– وما أدرانا أن يتطور تأثيرهم إلى ما هو أبعد من الأندية إذا لم يتم لتحقيق معهم على أعلى المستويات وبالجدية القصوى..؟؟
– ولماذا لا يكون للحكام دوراً هاماً في مراهناتهم خاصة والدوري الماضي أثبت الكثير…!!
– ثم هل لهم حماية من أحد.. الأيام القادمة ستثبت ذلك..!!
أخيراً وقبل أن أختم تذكرت المثل الصيني الشهير الذي يستحق أن يكون زبدة الكلام «بالنار امتحان الذهب، وبالذهب امتحان الرجال».