شكلاً فإن كرة القدم الطرطوسية في طريقها إلى أيامها الخضراء والأجمل ، أما مضموناً فهي تلتقي مع كل ألعاب المحافظة من حيث المعاناة المادية والإدارية وتتخبط كغيرها في مستنقع الفوضى والعشوائية…
كرة القدم في أي مكان – شئنا أم أبينا- هي الواجهة التي يمكن أن تخفي خلف نجاحها كل ما هو سلبي في الرياضة، وهي التي تفتح بإخفاقها كل نوافذ التشاؤم وإن كان هناك ما يدعوللتفاؤل!
قبل أن أغوص بالتفاصيل ، أو يقاطعني أحد باستغرابه ودهشته من هذه المقدمة أصارح نفسي وأصارح الأحبة في نادي الساحل على وجه التحديد فأقول: حتى لو صعد فريق الساحل إلى مصاف أندية الدرجة الأولى بكرة القدم فإن هذا لا يعني أن كرة القدم بطرطوس بخير، أو أن كرة القدم في نادي الساحل بخير، وهذا ليس تقليلاً من الجهود المبذولة في هذا النادي على الإطلاق وليس استخفافاً بأي حبة عرق بذلها لاعب أو مدرب أو إداري، وإنما كما أسلفت فإن هذا لايعدو عن كونه مصارحة ولو جاءت في غير وقتها!
أقبل ما تحققه كرة الساحل وفق المعايير الآتية:
أولاً: الظروف المادية، هذه الظروف التي تحكمت وتتحكم بنوعية اللاعبين الذين استقدموا لتمثيل فريق الساحل.
ثانياً- طريقة تفكير القائمين على رياضة طرطوس بشكل عام، هذا التفكير الذي كرس عقدة النقص لدى رياضيي المحافظة، وبالتالي فإن مجرد وجود الساحل ومصفاة بانياس في الدرجة الثانية كروياً يعتبره الأكثرية إنجازاً.
ثالثاً- كنتائج، فإن النتائج الرقميةلكرة الساحل جيدة جداً، وهي تقترب من الدور النهائي وإذا ما نجحت بتخطي ذلك الدور وقرعت أبواب الدرجة الأولى فستكون المرة الأولى لهذه المحافظة التي يكون لها ممثل بين أقوياء كرة القدم السورية وهذا أكثر من حلم جميل…
وأرفض ما تعيشه كرة طرطوس بشكل عام وكرةالساحل بشكل خاص وفق معايير ثلاثة أخرى:
أولاً- سأبدأ بالمقلوب أي من صعود كرة الساحل إلى الدرجة الأولى فيما إذا تحقق ذلك وهنا أسأل أي شخص معني بهذا الامر: هل فكرتم ولو للحظة كيف ستقفون تحت أضواء الاحتراف وأنتم العاجزون عن توفير 10٪ من الحد الأدنى لمقومات الاحتراف؟
لايكفي أن يصعد الساحل إلى الدرجة الأولى ، بل الأهم من ذلك هو التفكير بهوية هذا الفريق في أول تجربة احترافية تبدو ممكنة إلى حد ما؟
ثانياً- لست ضد الفكرة أبداً، ولكن ما حك جلدك إلا ظفرك، هذه الحقيقة أقتنع بها كثيراً وأسأل هنا: هل لدى نادي الساحل الكادر القادر على النهوض بأعباء الاحتراف من داعمين ومدربين ولاعبين أم أن المسألة هي مجرد تسجيل اسم النادي في سجلات الاحتراف؟
ثالثاً- هل استطاعت إدارة نادي الساحل خلال الفترة الماضية أن تقنع أي داعم دسم بأهمية ما تحققه كرتها؟
أعرف أن هناك القليل من الدعم، وأن هناك الكثير من المحاولات لكسب ود داعمين جدد، ومع هذا يبقى السؤال حائماِ: من أين سيغذيه نادي الساحل كرته في حال نالت درجة الاحتراف؟
أترك نادي الساحل قليلاً وأقترب من نادي مصفاة بانياس ، وهذا النادي الذي تحسده الكثير من الأندية وتعتقد أنه يعوم على بحر من المال ولكن الحقيقة غير ذلك ولا يعني هذا انه لا توجد ميزانية مخصصة للرياضة في شركة مصفاة بانياس ولكنها ليست بالمغرية إلى الدرجة التي يتوهمها البعض.
نادي مصفاة بانياس فيما لواستطاع في السنوات القادمة تحقيق حلم الصعود إلى الدرجة الأولى فإنه سيكون بمقدوره دعم ذلك مالياً وبصراح إن كرة القدم في سورية لن تتخلص من مزاجية الداعمين إلا إذا نجحت بفرق مثل هذه الشركات…
كرة مصفاة بانياس هذا الموسم وعلى عكس المتوقع منها لم يحالفها التوفيق كثيراً وما زالت حتى الآن تحاول تثبيت أقدامها في الدرجة الثانية مع أن الفريق فنياً ليس سيئاً…
الحضور الآخر للكرة الطرطوسية يقتصر على الدرجة الثالثة فمرة يحضر فريق بانياس وأخرى فريق صافيتا وعلى الدوام يغيب أكثر من /15/ نادياً طرطوسياً عن منافسات هذه اللعبة وهذا وحده يكفي للقول إن كرة القدم في طرطوس ليست بخير.