كانت فترة استراحة دوري المحترفين الطويلة نسبياً والتي فصلت ذهابه عن إيابه كافية لأن تقيِّم الأندية أحوالها وترممّ النقص الذي ظهر في صفوفها بغية تحسين المستوى، وخاصة في الأندية التي لم تحصد في الذهاب سوى القليل من النقاط، والتي لا تؤهل بعضها إلى المنافسة، ولا تعطي لأخرى أملاً في البقاء بدوري المحترفين.
قبل أشهر من الآن، حين بدأ قطار الدوري رحلته في موسمه الحالي كان لدينا الكثير من الأمنيات في أن نرى الدوري نظيفاً خالياً من الأخطاء التحكيمية ومن شغب الملاعب، وأن نرى لاعبين موهوبين تفرزهم الأشهر الطويلة من المباريات والاستحقاقات الخارجية، وأن نرى مباريات ترقى إلى درجة الكمال الرياضي، ولكن أياً منها لم يتحقق!.
هذه الأمنيات لن تجد طريقها إلى التحقيق ما لم تنتهِ أندية المحترفين من أزمتها المالية، التي ما إن يجد محبو الأندية حلاً وقتياً لها حتى تتأزم ثانية مع رحيل مجموعة من اللاعبين المحترفين ومجيء آخرين، وما لم تنتهِ الأندية من الطفيليات الكثيرة التي تقتات على حساب رياضتها، وتطوّر ألعابها. وما لم تتخلص الإدارات من أعضائها (المتنفعين) ومن سماسرة اللاعبين الذين لا همّ لهم من العقود التي يبرمونها مع هذا النادي أو ذاك سوى ما يحققوه من أرباح، دون النظر إلى ما يمكن أن يقدمه اللاعب الأجنبي المحترف من إضافات فنية إلى دوري المحترفين الذي بدا ذهابه باهتاً في ألوانه وفاتراً تكاد تخلو مدرجاته من الجمهور الذي يلهبه حماساً (كما هي العادة).
اللاعبون المحترفون المستقدمون من هنا وهناك لم يكونوا على قدر المسؤولية، وكذلك مدربو الأندية أصبحوا أيضاً يخضعون لمعادلة الأندية التي أفقدها الاحتراف بتطبيقاته الخاطئة توازنها، وأصبحنا نجد المدربين يقدّمون استقالاتهم مع أول أزمة مالية تعصف بهذا النادي أو ذاك، ويتراجعون عنها مع عودة الاستقرار الإداري والمالي للنادي.
إن الاستقرار الذي ينشده اللاعبون ومن ورائهم المدربون والإداريون هو من العوامل المهمة في الارتقاء بمستوى فرق الأندية والدوري الكروي بشكل عام، ومن غيره سوف تظل الأندية رهينة الظروف غير المستقرة التي يفرضها أشخاص لا علاقة لهم بالرياضة من قريب أو بعيد، وحلولها سوف تظل حديثاً عادياً بين اثنين من الرياضيين يسافران على متن حافلة مكتظة بالركاب، لا يأبه أي منهم لذلك الحديث.
نتمنى التوفيق لكل الأندية في رحلة إياب دوري المحترفين، ونأمل أن تكون إدارات الأندية قد استفادت من الاستراحة، وقامت بما يترتب عليها تجاه فرقها المحترفة، وأن يسعى اتحاد الكرة إلى ضبط أخطاء (الصافرات) وتصويبها، وأن ينتقل اللاعبون جميعهم من حالة الدفاع إلى الهجوم، وأن تختفي الموشحات (المسيئة) عن مدرجاتنا، حتى تصح تسمية الدوري بدوري المحترفين حقاً.
esmaeel67@ live.com