لم يعد خافياً على أحد بأن لعنة الاحتراف أصابت كرة أندية اللاذقية في الصميم بعد أن فرضت على أنديتها واقعاً جديداً لا ينسجم مع واقعها البدائي والذي يظهر جلياً في تركيبتها الإدارية والاستثمارية وعقليتها الأقرب إلى الهواية منها إلى الاحتراف
الذي يحتاج تطبيقه إلى مقومات أثبتت السنوات السبع الماضية بأنها غير متوفرة في ناديي حطين وتشرين لأنهما يعيشان تحت خط الفقر وعلى الشحيدة من بعض الداعمين لدفع تكاليف سفر وإقامة وأجور تحكيم مبارياتهما ورواتب لاعبيهما ومدربيهما،
ولهذا السبب فإن مكانهما الطبيعي في دوري المظاليم وليس دوري المحترفين والذي يحتاج إلى المال الكثير، وذلك في ظل استمرار غياب الدعم الرسمي وغياب المنشآت الاستثمارية عن مقراتهما، ولهذه الأسباب فقد ابتعد الناديان عن المنافسة على الألقاب والبطولات وسجلا انجازاتهما الكروية في زمن الهواية الجميل أما انجازاتهما في زمن الاحتراف فقد اقتصرت على البقاء في جنة الأضواء..؟!
إنجازات زمن الهواية
عندما كان يلعب فريقا تشرين وحطين بدوري الدرجة الأولى في زمن الهواية فقد كانت جميع الفرق تحسب ألف حساب لهما عندما تلتقي معهما في اللاذقية وتخشى ملاقاة نجومهما ما أكثرهم في الثمانينات والتسعينات أما الآن فقد أصبحا صيداً سهلاً للفرق الصغيرة قبل الكبيرة ونتائجهما بالدوري حتى الآن أكبر دليل، فتشرين توج ببطولة الدوري مرتين عامي 82 و97 وجاء ثالثاً عام 2000 ووصل لنهائي كأس الجمهورية ست مرات وحطين نافس على بطولة الدوري عامي 96 و2000 وأحرز مركز الوصيف وجاء ثالثاً عام 2000 ووصل لنهائي كأس الجمهورية ست مرات وحطين نافس على بطولة الدوري عامي 96 و2000 أما الآن وفي زمن الاحتراف فإن أفضل إنجاز للناديين كان لتشرين عام 2004 عندما حاز على المركز الثالث أما في بقية المواسم فقد كان هم واهتمام الجميع إدارة ومدربين وداعمين وجماهير في الناديين ينحصر في كيفية الهروب من شبح الهبوط والذي هددهما في السنوات الخمس الأخيرة كثيراً ولم يحسما مسألة البقاء بدوري المحترفين إلا ي الأسابيع الثلاث الأخيرة من كل موسم وذلك بعد تدخل القدر وأشياء أخرى..؟!
الاحتراف أبعد النجوم
يقول المثل الشعبي (مصائب قوم عند قوم فوائد) فزمن الاحتراف أبعد نجوم حطين وتشرين عن ناديهما من أجل الحصول على المال وأفاد الأندية السورية الأخرى وأصبحت عملية الهجرة معاكسة فاحترف أبناء الناديين الموهوبين في أندية عربية ومحلية لأن معظم الإدارات المتعاقبة فشلت في دفع مقدمات العقود التي تتناسب مع إمكانياتهم الفنية لعجزها المادي وأكبر دليل الانتقالات التي حدثت في تشرين خلال المواسم الثلاثة الأخيرة فرحل عنه (الكيلوني والدكة والنحلوس والديب والفيوض والصباغ والمحمود) وهؤلاء يلعبون كأساسين مع فرقهم الجديدة فما افتقدهم فريق تشرين ولم يكن حال حطين أفضل من تشرين، فقبل موسمين بلغ عدد اللاعبين المحترفين خارج النادي الأزرق فريقاً بأكمله عاد بعضهم إلى حطين في الموسم الماضي أما أبرز الراحلين هذا الموسم إلى أندية أخرى كان العابدين والعكرة والآغا والظرطيط أما مأساة الفريقين فقد زادت عندما ضلت الإدارات طريقها لضعف خبرتها وبدل أن تتعاقد مع لاعبين محترفين من الطراز الجيد لرفع مستوى فريقهما تعاقدت مع محترفين من الصف الثاني والثالث مع بعض الاستثناءات القليلة والمحدودة جداً والسبب دخول الكثير من رؤساء وأعضاء هذه الإدارات والمدربين على خط (السمسرة) وأكبر دليل توقيع لاعبين محترفين حاليين على عقود بمئات الآلاف من الليرات السورية فيما مستوياتهم لا تؤهلهم للعب في دوري الدرجة الثانية وبعضهم لم يلعب إلا القليل القليل لضعف مستواه.
خلاصة الكلام
الفقر المادي لغياب الاستثمارات، والتدخلات والمحسوبيات وسوء اختيار الإدارات ودخول المتطفلين عليها وابتعاد الخبرات الرياضية وهجرة المواهب الكروية واستقدام لاعبين محترفين مستوياتهم ضعيفة، والتعاقد مع مدربين عاديين تلك أبرز أسباب ابتعاد حطين وتشرين عن المنافسة على الألقاب وجعل أكثرية المفاصل الرياضية الكروية في اللاذقية تطالب بالعودة إلى الزمن الجميل زمن الهواية زمن المنافسة على الألقاب والبطولات والذي يتناسب مع إمكانياتهما المادية المتواضعة جداًو أما عزاء جمهور الناديين كان بنيل فريق تشرين للناشئين لقب بطولة سورية لعام 2008 فيما اكتفى فريقا الرجال بدوري المحترفين في لعب دور (الكومبارس) على أمل أن تتحسن الصورة ويستعيد الناديان مكانتهما الطبيعية بين الأندية السورية عام 2009 علماً أنني لا أرى بقعة ضوء في نهاية النفق المظلم لواقعهما الأليم في ظل التطنيش الرسمي الرياضي عن دعمهما وفي ظل ابتعاد الخبرات والداعمين والفعاليات الاقتصادية والجمهور لفقدان الثقة بينها وبين إدارات الناديين وإن إعادة بناء هذه الثقة من جديد يحتاج لعدة سنوات ولهذه الأسباب فإننا لن نسمع في الناديين في الأشهر القادمة سوى الآهات ثم الآهات ثم الآهات ومسألة استمراريتهما بدوري المحترفين يحتاج إلى منجمين ووو….؟!