الموقف الرياضي – مالك صقر :
سبق أن أشرنا إلى حالة الضياع التي وصلت إليها كرة اليد السورية لأكثر من ثلاثة عقود متتالية، وأكدنا بأن كرة اليد هي أقرب ألعابنا الجماعية للمنافسة وتحقيق الإنجازات القارية والعربية، وحتى بالوصول إلى العالمية ..
لكن نتيجة ظروف كثيرة واحتدام الخلافات والانقسامات بين كوادر اللعبة، بسبب الصراع على تسلم دفة قيادة اللعبة، إضافة إلى عدم المتابعة والاهتمام من القائمين عليها ، كل هذه العوامل وغيرها تسببت في تشتت اللعبة وانهيارها..
ولكن بعد زوال الحكم البائد أعلنت هيئة الرياضة السورية عن تشكيل اللجنة المؤقتة التي ستقوم بعملها لإدارة اتحاد كرة اليد السورية، وهدفها ترميم البيت الداخلي ونشر اللعبة، وإعادة تنظيم الاتحاد والعمل على تطوير اللعبة.
إهمال ومحسوبيات!
في حديثه لصحيفة للموقف الرياضي، أكد الكابتن رافع بجبوج أن تراجع كرة اليد السورية خلال العقود الثلاثة الماضية، فتعرضت الرياضة للإهمال وعدم الاهتمام نتيجة (الوساطات) المحسوبيات في تعيين المسؤولين الرياضيين، ما أدى إلى استبعاد الكفاءات الحقيقية، وأضاف:
إن الأشخاص الذين كانوا يشغلون مناصب قيادية في الرياضة، تمّ اختيارهم بناءً على اعتبارات حزبية أو أمنية، وليس على أساس الكفاءة، ما دفع العديد من الكفاءات الرياضية للهجرة إلى الخارج.
وأشار بجبوج إلى أن غياب الدعم الكافي للرياضة، واعتماد الاتحاد على شخصيات غير مؤهلة في أماكن حساسة، بالإضافة إلى عدم وجود دورات تدريبية لتطوير المدربين والإداريين، كلها عوامل ساهمت في التراجع المستمر لكرة اليد السورية.
إعادة البناء …
وأضاف بجبوج: نحن في اللجنة المؤقتة بدأنا العمل على إعادة بناء الاتحاد، حيث اكتشفنا عند تسلمنا الإدارة أن جميع الأجهزة والمستندات الرسمية مفقودة، مما يتطلب العمل من الصفر، من خلال إعادة تسجيل قوائم الحكام والمدربين واللجان الفنية في المحافظات والأندية، لضمان تنظيم العمل داخل الاتحاد..
أي أن عملنا سيركز في الفترة المقبلة على تنظيم البيت الداخلي أولآ، ومن ثم العودة إلى المشاركات الخارجية لتطوير اللعبة، ومعرفة مستوى سوريا مقارنة بالمنتخبات العربية والآسيوية، كما سيتم الاهتمام بالفئات العمرية الصغيرة مثل الأشبال والناشئين، حيث سيتم بناء جيل جديد قادر على إعادة بريق كرة اليد السورية.
تطوير كرة اليد النسائية
وأضاف رئيس اللجنة : إن تطوير كرة اليد النسائية سيكون جزءاً أساسياً من الخطة المستقبلية، حيث سيتم دعم الأندية النسائية، وتشجيع زيادة المشاركة في المسابقات المحلية، لبناء منتخب وطنيّ قويّ قادرٍ على المنافسة عربياً وآسيوياً.
وبالنسبة للفترة المقبلة، ستشهد تغييرات كبيرة في هيكلة الاتحاد، وخاصة في اختيار أعضاء اللجان، حيث سيتم الاعتماد على الشباب وتطويرهم فنياً وإدارياً، مع الحفاظ على دور الكفاءات والخبرات القديمة للإشراف والتوجيه.
كما سيتم العمل على تشكيل فريق عمل منسجم، بحيث يكون هناك توافق بين الأعضاء، لتجنب التعارض في وجهات النظر الذي قد يعطل العمل.
الاهتمام بالمدربين والحكام ..
أما بالنسبة للمدربين والحكام، فقد أشار إلى أنهم الأولوية في المرحلة القادمة، حيث سيتم تنظيم دورات تدريبية وتحكيمية مكثفة، بالتعاون مع الدول المتقدمة في كرة اليد، من خلال إرسال المدربين السوريين إلى الخارج للاستفادة من الخبرات، واستقدام مدربين أجانب لتنظيم دورات تأهيلية محلية..
وكذلك تطوير ظروف عمل الحكام والمدربين سيكون أيضاً ضمن الأولويات، مشيراً إلى أنه مع استقرار الوضع في البلاد، ستتم دراسة إمكانية تطبيق نظام احتراف جديد يضمن حياة كريمة للاعبين والمدربين، لكن هذا يعتمد على الإمكانيات المالية للأندية، حيث أن معظم أندية كرة اليد تُعتبر فقيرة مالياً !
أما فيما يخص البنية التحتية، أوضح أن بعض الصالات الرياضية في المحافظات لا تزال قادرة على استضافة التدريبات، لكنها في بعض المناطق مدمرة تماماً وغير صالحة للاستعمال، حيث تفتقر إلى النوافذ والأرضيات والمرافق الأساسية، مثل غرف تبديل الملابس ودورات المياه، مما يتطلب إعادة ترميم شاملة.
وأضاف بأن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد بعد التحرير ، يجعل إعادة التأهيل في غاية الصعوبة حالياً.
اللاعبون المغتربون
أما بالنسبة للاعتماد على اللاعبين المغتربين، فقد أكد أن الاتحاد سيتابع مستواهم الفني في الخارج، وسيعمل على استدعائهم لدعم المنتخبات الوطنية، كما سيتم تعزيز العلاقات مع الاتحادات الخليجية والعربية، والاستفادة من خبراتهم، لدفع كرة اليد السورية نحو التطور.