متابعة – أنور الجرادات:
أنشد عن الحال هذا هو الحال.. وأنشد عن الاستقرار.. ولكن من أين يأتي الاستقرار.. وأنشد عن الاحتراف ولكن متى يستقر الحال ليكون لدينا الاحتراف، أو ما يحدث من إقالات واستقالات المدربين أصبح شيئآ طبيعيا ولا نستغرب لأن كل جولة بمدربها…. هذا ما سيحدث في دورينا الكروي المحترف القادم الذي تعصف به هل نطلق عليها الاستقالات أم الإقالات.. أم إدارات لا تعرف مبدأ لديها سوى الاقالة والاستغناء عن المدرب.. وكما يقال: (الميدان ياحميدان).
إما أنك تجعل فريقنا يفوز في كل جولة ومع أي إخفاق تذهب مباشرة مع الخسارة.. دون النظر في وضعية الفريق وسيكلوجية اللاعبين، وقدراتهم واستقرارهم النفسي قبل الفني.
ويأتي السيناريو الجديد والذي حدث حصريا في الموسم الماضي على النحو التالي «المدرب» يقول بكل هدوء: أنا قدمت اعتذاري للنادي منذ فترة وأشكر تفهم إدارة النادي، ولا توجد أي إشكالية بيني وبين أي شخص … وترد عليه «إدارة النادي»: السبب في استقالة المدرب في الفترة الحالية الظروف الاسرية التي أجبرت المدرب على الرحيل.
وأصبحنا لا نعرف من الصح ومن المخطىء.. لأن الوضع يقول غير ذلك لأن المدرب يقال من هنا ويدخل في نفس اليوم باب النادي الآخر ! وتستمر الحكاية: بـ ” هجرة المدربين “… الاستقالات لظروف خاصة !
البحث عن صفقات كبرى … إلى متى ستظل أنديتنا المحترفة جسر عبور ومنفذ دخول اللاعبين والمدربين؟ لماذا الأندية تجتهد وتبحث وبعد كل ذاك التعب تتقبل الاستقالات بكل سهولة ويسر وبتراضي الطرفين.
والمضحك في الحكاية تظهر الحقيقة أن المدرب يتعاقد مع ناد آخر بسبب عقد أكبر من سابقه !
بالجملة والمفرق..
وإدارات أندية غشيمة
قبل فترة وجيزة استقال أحد المدربين، وربما في نفس اليوم أو اليوم التالي يتعاقد مع نادٍ آخر واستقال بعده مدرب أخر ليتعاقد مباشرة مع نادٍ آخر, مما فتح آفاقاً كبيرة في تعاقدات المدربين فأين الأسس التي يتم التعاقد على أثرها بين الطرفين, وأين الشرط الجزائي ؟
والغريب أن إدارات الأندية لا تزال تعلو صرخاتها بشح ميزانيتها وفي المقابل تتعاقد بملايين الليرات ، وتترك الأرقام وراءها نسيا منسيا… الآن الكل مطلع وعلى مرأى ومسمح مما يحدث في الدوري من اكشنات ولا تمر مرور الكرام، هكذا في الاستقالات التي قدمها المدربون كانت أعراضها مادية 100% فلماذا تلك المنهجية التي حدثت ؟
موضة الموسم
هذه الموضة العصرية التي ظهرت خلال جولات الدوري من الموسم الماضي فقد اغلقنا صفحة بـالعديد من الاستقالات, وكان ( المدرب ) هو الضحية والشماعة التي تضعها الأندية عند الاخفاق ولو كان المدرب من أفضل المدربين سواء كان مدربا محليا أو اجنبيا !
وعلى الأكيد بعد هذه المواسم , سوف تتطورت تلك الموضة بصيحاتها المتنوعة في الموسم الكروي القادم ، حيث ستكون هناك استقالات واقالات سوف تقدر بــ ( 10 ) وربما أكثر من ذلك, وهو رقم كبير مقارنة بالسنوات الماضية، فمن بداية الموسم سيبقى عدد قليل من المدربين لم يقالوا ولم يستقيلوا من مجمل باقي مدربي الأندية المحترفة في الدوري الاحترافي بموسمه القادم إن لم ينتقل لها فيروس العدوى القاتله إقالة او استقالة المدرب، التي يؤججها الترهل الإداري، إذ انتشر على معظم الأندية وبات ينخر أجسادها, فقد وصلت الإقالات والاستقالات إلى أنها ثقافة تولدت لدى الوسط الرياضي ، وما من ناد يخفق في مباراة أو أكثر إلا ويكون المدرب هـو المتسبب الأول بغض النظر عن جميع الأطراف المشاركين في تسيير النادي, وما من مدرب ينجح فريقه في المباريات إلا ويسبق الثناء للمدرب.. فالمعروف والمتداول من المدارس الكروية العالمية التي سبقتنا بأميال في هذا المجال أن المدرب يحتاج إلى وقت أكبر ليعرف ماذا سيفعل مع النادي الذي تم التعاقد معه, ولكن والدليل أن الدوريات الأوروبية يمكث المدرب في ناديه سنوات طويلة دون أن يحقق أي بطولة لفريقه لمدة طويلة فهم يفقهون بأن بعد الزرع والاعتناء بالثمار تبدأ مواسم الحصاد.
ومثالاً على ذلك السير اليكس فرجسون المدرب السابق لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي حيث لازم الفريق 5 سنوات ولم يحقق بطولة، ونتيجة هذا الاستقرار والتخطيط السليم توالت بعدها البطولات الواحدة تلو الاخرى.
إحصائية مخيفة !
العديد من الإقالات والاستقالات خلال جولات دوري المحترفين السابق تعطينا مؤشرا وحالة غير صحية بالفعل، فمن الملاحظ أن استفحال ظاهرة إقالة واستقالة المدربين من الأندية تعبر عن الوضعية المتأزمة التي تتخبط فيها الكرة المحلية ، فليس من المعقول إقالة المدربين رهينة قرارات متسرعة على ضوء نتائج وقتية بحيث تكفي هزيمة أو هزيمتان للتخلي عن خدمات المدرب…
وليس من المعقول أيضآ تسجيل استقالة المدرب وقبولها من قبل إدارة الأندية هكذا بدون تبرير أو تعليق، لتجد اسمه يلمع في ناد مجاور !
للأسف الشديد إحصائية تبرهن, بل إنها تؤكد على هشاشة الفكر الرياضي لدى أغلب إدارات الأندية، وأن ثمة أخطاء موجودة لا بد من إيجاد حل لها… لأن الدعم المادي الذي تقف عليه الأندية سيكون أرقاما مقلصة كما هو معروف، وبذلك ستكون الميزانية غير منحصرة فقط على تعاقدات المدربين, بل هناك مشاركات مطالب بها النادي محليا وخارجيا والحاصل بين أنديتنا أنها لا تزال تتغنى وترقص على «ضعف الدعم المادي»، وهذا ما يمنع دورينا للارتقاء أسرع, بالرغم من المخصصات المالية التي تمنح للأندية سنوياً، ولكن استفحال موضة إقالات واستقالات المدربين كانت السبب وراء هذه المعاناة المالية حيث تكبد الأندية أموالا كثيرة, وباتت بحاجة إلى أموال إضافية تعينها.
سلبيات بحاجة إلى إيجابيات..
هناك الكثير من الاشكاليات التي تحدث وسببها الرئيسي تغيير المدربين بشكل مستمر خلال موسم واحد له، لذلك ترتبت خلفه الكثير من الاثار السلبية على أنديتنا المحلية وهذا واضح حتى على مستوى الأندية والنتائج خير برهان على ذلك, حيث تدهور حال الفرق التي أجرت أكثر من تغيير في الجهاز الفني من السيىء الى الأسوأ لكن ما يحدث بدوري المحترفين شيء عجيب، إذ قامت بعض الأندية باستبدال أكثر من ثلاثة مدربين في فترة وجيزة, وهذا ما يدل على انعدام ثقافة التغيير، أو بالأصح غياب الفكر الرياضي في إدارات الأندية, يعد المسؤول الأول عن الاخطاء وتتحمل نتائج فرقها السلبية فالامور الفنية لابد من تقييمها عن طريق أشخاص متمرسين ولديهم الخبرة الكافية.
فأعتقد أن الأندية المحلية في الوقت الحالي بحاجة إلى أعضاء لهم المعرفة الكافية باللعبة، ولهم الكم الجيد من المشاركات في رياضة كرة القدم مسبقا سواء كانوا كلاعبين أو مدربين، لأن الأندية المستقرة رغم الظروف التي تعاني منها لم تتأرجح وتقدم مستويات رائعة تؤهلها للمنافسة على اللقب، مدركة بأن الاستقرار الفني له أبعاده الاستراتيجية والفعالة على مستوى الفريق وأداء لاعبيه.
السبب إدارات الأندية
وحول هذا الجانب مما يحدث في الوسط كانت هناك بعض الآراء المتفرقة والتي اختصرها لنا في تحليل مبسط, تتلخص المشكلة في إدارات الأندية فتلك الإدارات مرشحة من قبل أعضاء في الجمعية العمومية وواجب على أي إدارة أن تتحمل أي قرار تصدره أكان سلبيا أو ايجابيا, فعندما يتعلق القرار باستقالة مدرب الفريق فهناك متابعون ومتابعتهم ملموسة، لأن اتخاذ مثل هذه القرارات وسبقها للاعذار لابد أن تكون صريحة أمام الجماهير.
فالمدرب في الدوري الاحترافي وضع الشروط والتي تتألف من الشرط الجزائي والراتب ومقدم العقد، لذلك لا ينبغي أن يعامل المدرب بالعاطفة لأن هناك بنودا وشروطا كانت تندرج عليه قبل أن يوقع عقده, وما حدث من استقالات في الآونة الأخيرة كانت العاطفة هي السبب في قبول استقالة المدربين, فالعقل والمنطق يقول ان المدرب لم يأت الى دورينا حبا أو جذبته عاطفة بل جاء لكي يعمل ويقدم إنجازا للفريق, فهذه الحقيقة يجب أن تعيها إدارات الأندية، فالعاطفة ليس لها مكان في مثل هذه المواقف.
والملاحظ أيضآ أن إدارات الأندية دائمآ تحب أن تضع الأعذار وتغلفها للإعلام والجمهور, وبعدها تظهر الحقيقة وتنكشف أمام الجميع فلماذا تضعون أنفسكم في موقف محرج وأين الشفافية في هذا الجانب ؟ ومن بداية الموسم دائمآ يكون اختيار المدربين لا يوازي الفرق أي أنه إما يكون المدرب أعلى من فكر الفريق أو يكون الفريق أعلى من فكر المدرب !
لذلك يجب أن تكون العقود قبل أن توقع مدروسة والأهداف مرسومة وبشكل صحيح، من قبل لجنة فنية مختصة لها نظرة خاصة بكل تلك الجوانب.
إشكالية المدربين
بعض المدربين لديهم إشكالية في اختيار الفرق، فأنت أيها المدرب عندما امعنت النظر في عقد النادي وقدمت موافقتك لتكون مدربا محترفا للفريق، لابد أن تدرك أنك تضع حقيبتك بجانب الباب فمن الممكن أن تغادر ومن الممكن ان تستمر!
لذلك لابد أن يكون المدرب صريحاً مع الإدارة ولا ينبغي أن يختلق الأعذار, وبالتالي نجده في ناد اخر وهو من فك عقده بطريقة إنسانية يستعطف بها إدارة النادي, فهناك عقد وهناك شرط جزائي لابد من احترامه قبل كل شيء.
بحاجة إلى قوانين صارمة
ويجب على بعض رؤساء الأندية احترام عقود المدربين بمعنى على المدرب احترام كيان ناديه وجماهيره، فما ان يبرم عقده مع النادي يجب أن يحترم نفسه معهم ويلتزم بموجب العقد فيما بينهم وعليه الا يبيع ضميره بالليرات ! وعلى وكلاء اعمال المدربين أن يحترموا انفسهم ويحترموا كيان الاندية التي منحتهم الثقة وعدم التلاعب بين الأندية الأخرى والمدربين الذين تم التعاقد معهم, فالنادي لا تعلم من أين جاء بتلك المبالغ حتى يقوم بالتعاقد على أكمل وجه..
لذلك أتمنى أن يكون هناك قرار حاسم حول ما يحدث في انتقالات المدربين بين الأندية من قبل اتحاد الكرة ، فأي ناد يفاوض أي مدرب وهو على رأس عمله أو من تحت طاولة ينبغي أن ( تلزمه بغرامة مالية ) ! أو يوقف أو يحسم نقاط من رصيده، لأن ما يحدث دليل على موت ضمير بعض المدربين من أجل مبالغ مالية زهيدة.
فهناك سؤال صعب يدور في مخيلة الكثيرين..
هل إدارات الأندية تتأسى بهذا الفكر؟ فهل أضحى قرار الإبقاء على المدرب أو إقالته رهين قرارات متسرعة على ضوء نتائج حينية، بحيث تكفي هزيمة أو هزيمتان للتخلي عن خدمات المدرب في ظل غياب عقلية إقالة أو استقالة من الفريق، فهذه من الاشكاليات التي طفت على السطح خلال الأيام الحالية.
وللأسف إنها تتطور بطريقة غير صحيحة أي أنها لا تخدم الكرة المحلية إطلاقآ، ولن تطورها… نتساءل أيضآ هل اختيار الأندية للمدربين خاطئ ؟ أم أن هناك خللا في النادي ؟ أو أن الإقالات والاستقالات ارتفعت بسبب إدارات الأندية لعدم تخطيطها الجيد وتجعل من المدرب شماعة لإخفاقاتها, ولذلك تقوم بإقالته من منصبه حتى تمتص غضب جماهيرها؟
أو أن الأندية تسعى لإطلاق ظاهرة جديدة في الوهلة الأولى من دوي المحترفين , وذلك باعتبار إقالة المدرب بمثابة موضة لم تكن موجودة في عالم الكرة ؟ لأنه من باب المنطق كثرة تغيير المدربين ليس الحل الأمثل لعلاج مشكلات النادي، وذلك لأنه يؤدي إلى عدم الاستقرار في هذه الأندية، بالإضافة إلى أنه يكلفها أموالاً طائلة، فلا زال الدوري في بدايته ولا نعرف ما سيكون القادم بعد ذلك.