أنور الجرادات :
بدهي أن يكون وضع كرتنا عند حافة الهاوية نتيجة تراكمات وجملة من النتائج المحبطة التي عانت منها كرتنا المحلية لكن المختلف هذه المرة هو اتحاد كرة القدم بمجلس إدارته المنتخب ورئيسه الذي يحمل من التجارب ما قد يساعده على إعادة بريق المنتخبات الوطنية والكرة المحلية عموماً إلى وضعها الطبيعي، ولن تكون عودة المنتخب لمكانته واستعادته لقيمته وهيبته المفقودة من خلال الفوز بمباريات تجريبية أو تحقيق بطولة إقليمية أو المنافسة عليها أو حتى الوصول آسيا بل إن العودة إن حدثت فستكون من خلال بناء وترسيخ قواعد إدارية قوية ومستقلة لا تقبل التدخل والتداخل، وتنظيمات جيدة ووضع أهداف مستقبلية والعمل على تحقيقها، وهنا ربما يبدو الكلام إنشائياً، لكن الحقيقة تقول إن الإدارة تفتقد لأبسط تلك المقومات، فالنفوذ هو سيد الموقف، واتحاد الكرة يعاني من ضغوطات كبيرة يقابلها بضعف غريب، وهنا يبرز أهم وأصعب اختبار يواجه اتحاد كرة القدم الذي يقوده صلاح رمضان الذي قدم برنامجاً جيداً على الورق قبل انتخابه، ولكن المؤكد أنه لم يُنفذ ولن يكون جاهزاً للتنفيذ بسبب العديد من الصعوبات المالية والإدارية والتنظيمية.
مواجهة للنافذين
لايهم الشارع الرياضي كل ما سبق بقدر ما يعنيه البحث ورصد أسباب الانهيار المستمر الذي بدأ في ملامسة أساساته، فالضعف والوهن الذي تعيشه كرتنا لن يزول طالما أن المؤسسة ذاتها لا تواجهه بنفسها وتتقوى بالأنظمة والقدرة على التغيير والاستقلالية وكبح جماح أي نافذ يسعى لتغيير القرارات والتأثير عليها.
فعندما يطرق الفساد أبواب كرتنا وتطفو على السطح التجاوزات والخروقات ، ويُغض الطرف عنها وتُميع بأسلوب فظ لا ينطلي على شارع رياضي نبيه وجمهور واعٍ، وعندما لايُضرب بيد من حديد على المتجاوزين فهذا بمثابة منح الآخرين فرصة الإفساد في الرياضة، ليكون الفاسدون هم المستفيدون من هذا الضعف لتمرير مخططاتهم وبحثهم عن النجاح بالطرق الملتوية وغير المحترمة، وعندما تماطل المؤسسة الرياضية وتسوّف في الكشف عن الحقائق فلن يكون أحد تحت طائلة اللوم سواها.
خطط ورقية
عندما تُعطى الفرصة لإدارة المنتخبات للعبث بالمنتخبات، حتى وإن وضعت برامج وخطط جيدة للفئات السنية على الورق، دون أن يكون هناك مال كافٍ لتنفيذ هذه الخطط ومن ثم توريط اتحاد الكرة بديون كبيرة لا يستطيع الوفاء بها بسبب عدم وجود مال وقلة الموارد وضعف التسويق، فإن ثمة تساؤلاً جديراً بأن يكون حاضراً وهو من المسؤول وأين المؤسسة الرياضية من هذا كله؟
وحين تهضم حقوق الأندية ويتملص اتحاد كرة القدم الجديد عن مسؤوليته في منح الأندية حقوقها ويرميها على من سبقه وأن موضوع حقوق الأندية لا نعرف ألى أين وصل وتوضع الأندية في وضع لاتُحسد عليه، دون أن تجد من يأخذ بيدها ويمنحها أي وعود بإنهاء مشاكلها المالية لتخفيف ما تعانيه الأندية، فمن المسؤول؟.
وعندما تسيء الأندية التصرف بالأموال حتى وإن لم تحصل على حقوقها، وترفع من قيمة عقود اللاعبين الذين لا يستحقون ولو ربع ما يحصلون عليه، وهنا نقول اللهم لاحسد، ويُمارس مسئولو الأندية ما يمكن تسميته بالمراهقة الإدارية من خلال البحث عن التلميع من خلال المزايدات والأرقام التي هم بأنفسهم بدؤوا بالتشكي منها، وعندما يُقدم ناد على انتداب لاعب بأرقام فلكية وهو غارق بالديون دون أن يُقال له قف فمن المسؤول؟؟
وحين تُرمى كل الإخفاقات على شماعة الإعلام ويتملص المسؤول من مسؤوليته عن الخراب الذي أحدثه، ويُوصف الإعلام كله بأنه إعلام أندية، في وقت قدم الإعلام كل فنون النقد والتنبيه عن الخطر الذي يُحدق بكرتنا وعندما لا يتم العمل على وقف خروج بعض من يشخصون الأمور عبر الإعلام وينتصرون لذواتهم ويتراقصون على أحزان الجماهير ليقولوا ” أنا صح ” فمن المسؤول..؟
فقدان الحلول المناسبة
لا يمكن تجاوز كل ما سبق قبل البحث عن الحلول التي تمكّن كرتنا من الوقوف على قدميها من جديد، ولايمكن إلقاء اللوم على الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” مثلاً وهي التي ترصد بدقة أين تذهب الأموال وكيف يُستثمر؟
ولا يمكن تحميل كل ما يحدث للاتحاد الحالي فقط فالخطأ ارتكبه من تعاقد مع مدربين سابقين وحتى حاليين وطاقمهم بمبالغ طائلة دون أن يعرف إن كان هذا مدرباً يعشق البناء والتحدي أم أنه مدرب يبحث عن فريق جاهز ليقوده بشكل تقليدي، فالتعاقد معهم كشف عن شيء واحد وهو إما أن من جلبه لا يدرك ماذا يحتاج المنتخب أو أنه لا يعرف من أي نوع هذا المدرب، وبالتالي تم الارتباط بمدرب لا نحتاجه ولا يحتاجنا أو أن التعاقد لغياات حسابيبة “مالية تسويقية “.
قرارات جريئة
وفي هذا الشأن فإن رئيس اتحاد الكرة مطالب بوقفة حاسمة وستكون استقلاليته وشخصيته أمام أصعب امتحان، فإما أن يتم التعامل مع ما حدث بهدوء واتخاذ قرارات جريئة، وحين نقول جريئة فليس المطلوب الخروج بقرارات انفعالية ولكن قرارات يكون الرمضان وطاقمه نفسه مقتنعاً بها وأهمها إعادة هيكلة اللجان ووقف التجاوزات والتعامل مع الجميع بوضوح وشفافية وعدم الرضوخ لأحد أوأي ضغوطات من أي نادٍ ومن أي شخصية والعمل على كشف جميع الملفات المُغيّبة والتواصل والقرب من الأندية وإقناعها بأي طريقة بالعمل بشكل مقنن على مستوى العقود الاحترافية للاعبين فما يحدث اليوم هو إمعان في تدمير بقايا كرتنا وماعدا ذلك فلن يكون إلا مضيعة للوقت ودوراناً في فلك الإخفاقات، خصوصاً أن الاتحاد الحالي يتمتع باستقلالية ونفوذ ودعم لم ولن يحظ به اتحاد سبقه لذا فالحكم عليه سيكون أصعب والتاريخ لا يرحم أحدا.