أيهما أفضل لكرتنا المحلية.. الهواية المنظّمة أم الاحتراف العشوائي؟

الموقف الرياضي: تعاني كرتنا الوطنية ازمة حقيقية بين واقعها المتردي فنياً وتنظيمياً ومادياً وبالمحصلة نتاجاً وبين طموحها بانتهاج سبل الاحتراف الحقيقي وصولا لكرة قدم حديثة متطورة .


‏‏‏‏


الواقع الحالي للأندية يشير إلى جملة من المعاناة، تتركز بداية على الجانب المالي، حيث لا يخفى على أحد حجم الصعوبات المالية التي تواجهها الأندية لقلة الإيراد الذي يأتي من البطولات قياساً بحجم المصروفات، ولانعدام الدعم الذي أثبت أنه ضرورة لا بد منها، وغياب الاستثمار في الأندية وخصخصتها، وبالتالي انعدام المشاريع التجارية التي تغطّي النفقات الرياضية، وهنا نقول إن الأندية يجب ألا تعتمد كثيراً على ما يأتيها من دعم متوقع عند تطبيق الاحتراف، لأنه سيكون محكوماً بمدة معينة وحجم معين، قد لا يكون منسجماً مع طموحات الأندية، وألا تعتمد على الريع الآتي من البطولات والشركة الراعية، لأن هذا الريع يرتفع وينخفض طبقاً لحجم الحضور الجماهيري والألقاب والمراكز التي يحصل عليها كل فريق في البطولات المحلية.‏‏‏


حدّث ولا حرج‏‏‏


ثم إن الأندية في غالبيتها العظمى تفتقر إلى الإداري المتفرغ والمحترف في عمله، فطبيعة الهيئات العامة والانتخابات التي تجري بصورها التنافسية أو بالتزكية، تحمّل البعض من الأشخاص غير المؤهلين لإدارة هذا الجانب المهم من العمل الإداري الروتيني، ولو تمعّنا بالصورة لوجدناها (حدث ولا حرج)، فالإداري لا يعرف طبيعة اللعبة التي يشرف عليها، ويعتقد أن عمله مقتصر على حضور التدريبات والمباريات وتوجيه الأوامر على شكل (نصائح) للمدربين، بينما في حقيقة الأمر تحتاج أنديتنا إلى دورات إدارية بالتنسيق مع اتحاد الكرة، لتهيئة كادر إداري محترف يستطيع العمل في المرحلة القادمة، فما سيجري يختلف تماماً عن الهواية، فثمة عقود احتراف واستقطاب محترفين، وظهور شركات متخصصة لرعاية انتقالات اللاعبين بين الأندية المحلية وربما إلى الخارج أيضاً.‏‏‏


المعادلة متشابكة‏‏‏


وتبدو المعادلة متشابكة فاللاعب المحترف والإداري المحترف والمدرب المحترف والحكم المحترف وحتى المتفرج المحترف، كل ذلك ينسجم مع بعضه، وقد يتساءل البعض عن معنى المتفرج المحترف، فأقول إن المتفرج وإزاء التطورات المستقبلية، عليه التأقلم والاقتناع والترحيب بفكرة أن يلعب عمر السومة في صفوف الوحدة وأن يلعب المواس في صفوف الجيش وأن يلعب العالمة في صفوف تشرين على سبيل المثال، فالمتفرج الهاوي في طبعه (عاطفي) للغاية، ولا يتقبل بسهولة فكرة انتقال اللاعب من ناد لآخر، ولا سيما إذا كان الانتقال يتم من وإلى فرق أخرى تحديداً، ربما لأن ذلك مرتبط بمنافسة حقيقية وتقليدية ودائمة بين الفرق على الألقاب.‏‏‏


حتى لا تحدث الصدمة‏‏‏


وإذا تمكنا من التوصل إلى معادلة اللاعب المحترف تدريجياً، بما لا يصدم الأندية بواقع مشاكلها المادية، وعدم قدرتها على توقيع الكم الذي تريده من العقود مع اللاعبين، وتحسبها من (خطف) الأندية الأخرى لنجومها، فإننا في الوقت نفسه نحتاج إلى المدرب المحترف المطلع على تطورات عالم التدريب، والمتفرغ لعمله التدريبي بعيداً عن الالتزام في الوظيفة، وحتى نحصل على مثل هذا المدرب القادر على التدريب صباحاً ومساء، علينا أن نوفر له الراتب الذي يستحقه ويكفل له حياة كريمة، فلا يجوز أن يكون الراتب الشهري للمدرب أقل بكثير من راتب اللاعب، ولا يجوز للأندية التعامل بـ (مكيالين) مع المدربين، فهي تدفع بسخاء لغير المحلي وتصاب بـ (البخل الشديد) مع المدرب الوطني، ولا أتصور أن مدرباً محلياً يعمل مع ناديه بعقد واضح المعالم، بل إن العمل يتم وفق التزام كلامي، ومن السهل جداً أن يجد المدرب نفسه على قارعة الطريق، كضحية متوقعة لمزاج إداري أو تغيير في تركيبة مجلس الإدارة.‏‏‏


ومن المهم جداً أن يتوافر لدينا الحكم المحترف أيضاً، فلا يكفي أن يصل حكامنا إلى البطولات العالمية، وتزخر القائمة الدولية بعدد محدود منهم، والغالبية العظمى من هؤلاء الحكام يعملون مدرسي تربية رياضية في المدارس العامة والخاصة، ولا يجدون الوقت الكافي لممارسة عملهم في التحضير للمباريات.‏‏‏


حقيقتان مهمتان‏‏‏


ومن المهم أيضاً أن يتنبه اتحاد الكرة والأندية إلى حقيقتين مهمتين هما:‏‏‏


أولاً: التفاوت الواضح في حجم الرواتب التي يحصل عليها اللاعب المحترف غير ابن النادي، قياساً بما يحصل عليه اللاعب الوافد الجديد، رغم أن الشواهد تؤكد تقارب المستوى إن لم يكن ابن النادي أفضل حالاً ممن يتم استقدامهم كمحترفين من الخارج، وقد لمست الأندية عن كثب حالة من الامتعاض و(التمرد) لدى عدد من اللاعبين على هذا الواقع، لأن اللاعب القادم من الخارج، يحصل على مقدم عقد وراتب شهري إضافة إلى الامتيازات الأخرى، بينما يقتصر حصول اللاعب المحلي على راتب يدفع على شكل (بدل مواصلات) وربما حوافز.‏‏‏

المزيد..