مهند الحسني:لم يكن أشد المتشائمين بمنتخبنا الوطني يتوقع أن يظهر بتلك الصورة المتواضعة والهزيلة في لقائه أمام كازاخستان الذي استضافته صالة الفيحاء بدمشق مساء الإثنين الماضي بفارق عشر نقاط ٨١-٧١. لكون الترشيحات التي سبقت اللقاء منحت المنتخب صك البراءة من أي خسارة متوقعة،لا بل شطح البعض بتطلعاته وأحلامه إلى تحقيق الفوز وبفارق مريح.
فكانت النتيجة الأسوأ للمنتخب أداء ونتيجة، ولم يتمكن أن يسعد عشاق السلة السورية الذين هتفوا وشجعوا على امل أن تكون هذه المباراة بوابة عبور لانتصارات أوسع وأشمل في المرحلة المقبلة.
لكن الأحلام شيء والواقع شيء آخر بعدما اصطدمنا بواقع مرير مبني على أوهام نجح البعض في إدخالها في أذهاننا بطريقة مذهلة.
في الرياضة تتساوى نسب الفوز والخسارة، فإن تلعب وتقدم مستوى جيدا ذلك أهون ألف مرة في أن تكون بهذا الأداء العقيم والتواضع الذي ظهر عليه منتخبنا أمام منتخب كازاخستان والذي أكد خلاله أن سلتنا لا تسير على الطريق الصحيح وبأن خطواتها مازالت عرجاء، والطريق أمامنا شائكا والرؤية غير واضحة.
حقائق
لن نكون جناة على الاتحاد الجديد ونطالبه بإخراج الزير من البير وفي نفس الوقت لا يمكن أن نكون مداحين له، لأنه عمل واجتهد حسب إمكاناته، وبما أن لكل شيء أسبابه ومسبباته فإن نتائج منتخبنا تعود لعدة أسباب يأتي في مقدمتها.
أوهام وأحلام
لم يتمكن الاتحاد الحالي من وضع استراتيجية عمل صحيح وواضحة، واكتفى بالتغني بالفوز الذي حققه المنتخب على إيران في التصفيات الآسيوية، وكلنا نعرف يومها حقيقة المباراة والغيابات التي طرأت على المنتخب الإيراني، وبدلا من أن يؤسس الاتحاد على هذا الانتصار لتحقيق انتصارات أوسع وأشمل بالعمل المدروس والاجتهاد، اكتفى بالشعارات والمديح، وشطح البعض في تطلعاته إلى حدود اللامعقول عندما أتحفنا بأنه قادر بهذا المنتخب التأهل لنهائيات كأس العالم، ومع أول امتحان شبه حقيقي اتضحت حقيقة مستوانا، وبأننا مازلنا بعيدين كل البعد عن أبجديات كرة السلة العصرية لا لشيء سوى لأننا امتهنا العيش بالأحلام ونجحنا خلالها من استخراج الماء من عصر الصخر.
غياب الاستراتيجية
لم يتناه لمسامعنا أي حديث أو خبر عن نية الاتحاد الجديد العمل في شق المنتخبات الوطنية ضمن استراتيجية واضحة المعالم، ولم يستغل الاتحاد العلاقة الطيبة التي تربطه مع القيادة الرياضية التي لم تتوان عن تقديم كل الدعم له في إعداده لمنتخباته الوطنية، فكان حريا على الاتحاد الإسراع في وضع خطة إعداد لمدة ثلاث سنوات يعمل خلالها على تشكيل منتخب من اللاعبين الشباب مع التعاقد مع مدرب أجنبي عالي المستوى وضمان استمرارية هذا المنتخب على مدار العام، وفتح باب المشاركات أمامه في جميع المحافل العربية والدولية، وغض النظر عن النتائج الرقمية، مع وجود إدارة قوية ومتابعة دقيقة، وحينها لابد أن تكون ثمار عمله يانعة ونتمكن من بناء جيل سلوي للمستقبل.
أخطاء بالجملة
دعونا نتحدث عن الأخطاء الإدارية والفنية التي سبقت مباريات المنتخب في التصفيات وطريقة انتقاء اللاعبين واستبعادهم، ولكن لم يعد بإمكاننا التزام الصمت حيال ما حصل وما آلت إليه النتائج المخيبة للآمال، في تعاطي المدرب مع لاعبيه، فالجهاز الفني الذي استبعد اللاعبين ديفيد هرمز وطارق الجابي في اللقاء الأول الذي جرى يوم الجمعة الفائت وخسرنا بفارق عشر نقاط، هو نفسه استبعد من لقاء أمس اللاعبين شريف العش، وعبد الوهاب الحموي لأسباب لم تقنع أحدا، والسؤال هنا ما الذي جرى بين لقاء الذهاب والإياب حتى تشكلت قناعة عند المدرب بانتقاء واستبعاد من يراه مناسبا، وما هي المعايير التي استند إليها في اختيارته التي أثبتت عدم صوابيتها ، وأين دور اتحاد السلة ولجنة منتخباته ولجانه الفنية الخاصة بالمنتخب الحالي، وهل وصل اتحاد السلة إلى قناعة تامة بأن نظرية التدريب عن بعد عبر الانستغرام وتويتر والفيس بوك لم تعد تفيدنا ولم نستفد منها لا من قريب ولا من بعيد، ومن هو المسؤول عن الخطأ الإداري الذي حرمنا من جهود لاعب بمستوى وائل جليلاتي الذي بقي في السعودية دون أن يتمكن من أن يلتحق بمعسكر المنتخب أثناء تواجده في كازاخستان، ومن هو الذي سمح للاعب زكريا الحسين بالمشاركة في مركز لا يتناسب معه أبداً حتى في الدوري المحلي فظلم اللاعب والمنتخب معاً في اللقاء الأول.
مؤتمر التبريرات
وكان اتحاد السلة قد عقد يوم الثلاثاء الفائت في مقره بمدينة الفيحاء مؤتمرا صحفيا لم يأت به بأي شيء جديد واكتفى بتقديم سلسلة من التبريرات الغير مقنعة.
حيث أكد رئيس الاتحاد طريف قوطرش في معرض حديثه بأنه غير راض عن النتائج التي خرج بها المنتخب، ولا عن المستوى الذي قدمه في المباراتين أمام كازاخستان، مشيراً بأن هناك أخطاء فنية وقعت لم نتمكن من تداركها قبل المباراة الثانية على أقل تقدير، ونوه بأن اتحاده سيعقد جلسة قريبة بين أعضائه من أجل تقييم سريع وشامل لرحلة المنتخب منذ بداية التحضيرات، ووضع تصورات جديدة للمرحلة المقبلة، وتابع يقول بأنه يتحمل هو واتحاده كامل المسؤولية عن هذه النتائج.
ورداً عن سؤال حيال استمرارية المدرب الأمريكي جوزيف ساليرنو مع المنتخب مضى القوطرش يقول: هذا ليس قراري وحدي، وهو بحاجة لدراسته مع أعضاء الاتحاد من أجل اتخاذ قرار مناسب في الأيام القليلة القادمة، وتابع بقوله: أنا أتمنى استمرارية المدرب مع المنتخب لأن أي تغيير فني في الوقت الحالي سيكون لها نتائج غير مرضية للمنتخب، لكن هذا قرار خاص بالاتحاد وليس برئيسه فقط، مع العلم بأن المدرب ساليرنو لا يتقاضى رواتب شهرية ولا سنوية وإنما يتقاضى عن الفترة المتواجد فيها مع المنتخب.
عودة وخلافات
وأجاب القوطرش عن قرار اعتزال اللاعب عبد الوهاب الحموي بقوله عبد الوهاب لاعب كبير وتواجده مع المنتخب ضروري لكونه من اللاعبين المتميزين، وقرار اعتزاله الذي نشره على صفحته الشخصية على موقع التواصل هو قرار شخصي، وأنا اجتمعت معه صباح أمس وتحدثنا طويلاً ونجحت في ثنيه عن قراره، وهو بصدد نشر فيديو مصور قريباً على صفحته ليؤكد بأنه عائد ولا يوجد أي شيء، وتابع القوطرش حديثه: اعتزال الحموي ليس نتيجة خلافه مع مساعد المدرب عزام الحسين مع العلم أنه تبادل الطرفان الحديث بطريقة تهكمية أثناء تواجدهما في كازاخستان، لكن الأمور عادت إلى طبيعتها بعدما نجح مدير المنتخب إياد سباعي من حل الخلاف بينهما، وعن قرار استبعاده من المباراة الثانية أمام كازاخستان، مضى القوطرش يقول أنا اعترف أنه قرار استبعاد خاطئ، وتواجد الحموي كان ضرورياً.
وعن سبب عدم مشاركة اللاعب السوري المغترب ديفيد هرمز تابع القوطرش يقول: اللاعب ديفيد هرمز من اللاعبين الواعدين الشباب ومستواه جيد، لكن المدرب الأمريكي ساليرنو لم يقتنع بمستواه ووجد بأنه ما زالت تنقصه الخبرة في التعامل مع مباريات قوية، لكنه لم يرفض بشكل نهائي، وإنما فقط في مباراتي كازاخستان، وممكن أن يشارك في المباريات القادمة للمنتخب.