يبدو أننا أمام مرحلة جديدة في إعداد المنتخبات الوطنية شكلاً وليس مضموناً، وقد توسمنا خيراً بالاتحاد الجديد المؤقت للعبة في رسم إستراتيجية جديدة للمنتخبات، لكن توسمنا لم يدم طويلاً، بعد سلسلة من الخطوات غير المدروسة والتي بدت عرجاء وغير واضحة،ولا نغالي إذا قلنا بأن السلة السورية تمر في مرحلة جديدة يتفاءل بها الكثيرون برؤيتها في حلة جديدة، وبروح مختلفة، وبنتائج مشرقة بعد سلسلة من النكبات، ولا يمكن أن نتخيل يوماً أن يصبح المريض طبيباً ليسأل عن طريقة علاجه وشفائه، و لا أن يكون الداء هو المفوض باختراع الدواء الخلاص و البرء منه، ولمن يظن بأن الفساد هو فساد الرشوة والاختلاس و المصالح الشخصية فهو واهم فالوجه الآخر للفساد هو تولية الأمور لغير أهلها.
في سلتنا ثمة أسئلة تخطر في البال عن أسباب تراجع مستوى منتخبات السلة منذ سنوات طويلة، ولقد مللنا من ذكرها بأن سببها غياب جيل من اللاعبين النجوم، وعدم قدرة الاتحادات والأندية على خلق البديل، إضافة لضعف الإمكانات المادية، وعدم قدرة منتخباتنا التحضير المثالي المناسب، هذا الكلام بات من البديهيات، وكل يوم يتحفنا البعض به حتى وصلنا لمرحلة كبيرة من الملل، لكن هناك أسباب لم يأت أحد على ذكرها كثيراً، وربما كانت هي الحلقة الأهم في عملية التطوير لسلتنا.
على أرض الواقع
يعرف القاصي قبل الداني، أن سلتنا الوطنية لا تعيش حالة مثالية منذ سنوات طويلة، لأن لا شيء مثالي في رياضتنا، وباتت سلتنا تعيش على الطفرات هنا، وأخرى هناك، ودعونا نكون صرحين لدرجة كبيرة، ونعترف بأن سلتنا ليست في أحلى أيامها رغم بعض الإشراقات الأخيرة، لكنها لا يمكن أن تجعلنا نتفاءل كثيراً لأننا على دراية بأن اللعبة تمر في أسوء مراحلها، وبدت عملية الحفاظ على ما تبقى من أشلاء سلتنا أشبه باستخراج الماء بعصر الصخر.
صناعة خاطئة
دعونا نعترف بأن تراجع و ترهل أداء غالبية لاعبي منتخباتنا وضعف مستواهم تبدو مشكلة تأتي انعكاساً لما يحدث في أنديتنا التي يفتقد معظمها لعوامل الاستقرار الفني، والتي تعمل غالبيتها بشكل عشوائي بحت لا يمكن أن يفيد، فيتم تكليف مدربين شباب مازالوا يرتدون قميص النادي، ولم يلامسوا طريق النجومية كمدربين على فرق القواعد، وهم بالأصل يفتقدون أبجديات كرة السلة الحديثة، فيتم بناء براعم السلة بطريقة عرجاء وعوجاء ما يفرز جيلاً سلوياً غير ناضج، وأكبر مثال ما شاهدناه المواسم الفائتة الأخيرة لأداء بعض اللاعبين الذين ارتكبوا أخطاء تعد من بديهيات كرة السلة لا يرتكبها لاعب في فريق أشبال.
مستويات هابطة
لم يستفد القائمون على أمور سلتنا من تجاربهم الماضية، وفي كل موسم يقعون في الخطأ نفسه، حيث كشفت مباريات في دوري الرجال المستوى الحقيقي لبعض اللاعبين، والذين لم يؤهلهم مستواهم الفني حتى للجلوس على دكة البدلاء.
وكنا نستبشر خيراً في قرار تحديد الأعمار الذي أقره في السنوات الأخيرة اتحاد السلة السابق أن تكون ثماره يانعة، ويغني أنديتنا بلاعبين شباب من مستوى عال، ونستغني عن بعض عواجيز السلة السورية الذين باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً على أنديتنا دون أن يقدموا شيئاً جديداً، لكن الاتحاد المؤقت نسف هذا القرار برمته دون أن تكون هناك أسباب موجبة أو واضحة، وكل ذلك على حساب سلتنا الوطنية.