في سلتنا… قضايا وأمور مهمة تفتقدها أنديتنا باحترافها الخاطئ

مهند الحسني:لا نغالي كثيراً إذا قلنا بأن سلتنا الوطنية لا يمكن أن تتطور أو تتقدم ما دام عمل أنديتنا غير منتظم، ولن ترى النور والإشراقات مازالت على هذه الدرجة من الاستخفاف بمسابقاتنا المحلية التي لم تشهد أي تطور منذ سنوات يتناسب مع التطور الحاصل بمفاصل اللعبة.


‏‏


حقيقة لابد أن نقر بها بأن المشهد السلوي الأخير على صعيد أداء ومستوى فرق الدوري كان ضبابياً، ولم يلب الطموح، ولن يساهم في تطوير مستوى لاعبينا، ولا حتى منتخباتنا، وهذا جعل أوراق التوت تسقط عن الكثير من الأندية لتكشف عوراتها وأخطاءها المتراكمة على مدار السنين السابقة، فانكشفت الفقاعات التي عاشت بها جميع الأندية، وثبت بما لا يدعو للشك سوء التخطيط وضعف الرؤية الإستراتيجية لدى القائمين على كرة سلة في هذه الأندية.‏


آذان صاغية‏


إذا كان تطور كرة السلة سيبدأ من القواعد، فإن المعطيات الموجودة على مستوى المسابقات المحلية غير مطمئنة أبداً، وخصوصاً طريقة التعاطي مع فرق القواعد التي أثبتت أن مستواها مازال متفاوتاً، وأكثر ما يحز في النفس أن جميع التحذيرات والتنبيهات التي أشار إليها خبراء اللعبة في الفترات السابقة حول الأخطاء التي وقعت فيها أنديتنا في تعاطيها مع فرق القواعد لديها وطريقة البناء الخاطئة، لم تلق آذاناً صاغية، وكأننا ننفخ في قربة مثقوبة، وبات جل اهتمام أنديتنا هو دعم الفريق الأول، وذلك لما يحققه من نتائج ستسجل في سجل هذه الإدارات الراغبة في تحقيق إنجازات مسبقة الصنع، فكان ما كان وأصبح الكابوس الذي كنا نخاف منه واقعاً.‏


وإذا كانت محطات التقييم متدرجة، فإن أعلى مراحل عمل هذه الأندية هي قواعدها التي تعد حصيلة إستراتيجية ورؤية فنية بعيدة تصيب العمق الفني المطلوب للارتقاء باللعبة، لذلك فإننا نمنح هذه الأندية علامة الصفر، ليس بسبب سوء الاهتمام بالقواعد وسوء نتائجها، وإنما لضعف المسابقات الخاصة بها، وهذا من شأنه ألا يفرز لاعبين من مستوى جيد لفرق الرجال.‏


مشاكل‏


إذا كانت مشكلة غالبية فرق الدوري لدينا ضعف الإمكانات المادية، فإن الأندية الكبيرة الوحدة والجيش والاتحاد والجلاء، لا تعاني في حقيقة الأمر من هذه المشكلة، وإنما من أزمة مختلفة، وهي انعدام إستراتيجية الأمد الطويل، والبحث عن الألقاب المسلوقة، وهذه حقيقة يعرفها الجميع، ويبدو أن هذه المشكلة قد وصلت إلى باقي الأندية التي باتت تسير ضمن خطة الأندية الكبيرة، ولم يتوقف الأمر عند هذه الأمور بل وصلت ببعض الأندية إلى الاتكال لما ستفرزه الأندية الكبيرة من لاعبين لتضمهم لصفوفها على سبيل الإعارة رغم أنها تمتلك الإمكانات المادية التي تسمح لها بالعمل على قواعدها بشكل سليم وصحيح، ولابد حينها من أن يثمر عملها عن نتائج إيجابية، فتصوروا أن ثلاثة أندية بالعاصمة، ولا نريد أن نذكر اسمها تسعى بكل قوتها لضم لاعب عملاق عمره يتجاوز الأربعين سنة لحل مشكلة الدفاع لديها، دون أن تفكر هذه الأندية بحلول جدية لمشاكلها باعتمادها على قواعدها والصبر عليها، وتصوروا أن نادياً كبيراً ضم هذا الموسم سبعة لاعبين تحت اسم الاحتراف فقط دون أن يلتفت لقواعده ويعمل عليها، وتصوروا أن نادياً تعاقد مع لاعبين من فئة الشباب من أجل أن يتناسب مع قرار تحديد الأعمار، فعن أي أندية متطورة ونشطة يتحدثون!‏


فوضى‏


هذه الفوضى التي باتت ماركة مسجلة لأنديتنا هي غيض من فيض فوضى الاحتراف الذي بات ينعكس سلباً على سلتنا بدلاً من أن يطورها، وعلى اتحاد السلة أن يسعى لوضع آلية جديدة يتمكن خلالها من وضع حد لحالة الشطط، وذلك بما يفيد جميع الأندية دون استثناء، وبما يحقق العدالة في انتقال اللاعبين، وخاصة للأندية الغنية التي تستهلك أفضل اللاعبين حتى لو كان ذلك على حساب إضعاف باقي الأندية.‏


خلاصة‏


لن تكون هناك كرة سلة عصرية متطورة طالما بقيت أنديتنا تسير على هذه الطريقة البدائية بعملها بتطوير اللعبة لديها، لذلك يجب أن تعي هذه الأندية أن كرة السلة بات شأنها شأن عملية البناء، كلما قويت الأساسات ارتفع وارتقى البناء، إلا إن أموال أنديتنا تنفق على طوابقها الأخيرة القائمة على أساسات مهترئة بسبب الآفاق الضيقة للقائمين عليها، ولهاث البعض خلف الوجبات السريعة المسبقة التحضير وعديمة الفائدة والقيمة الغذائية، ورغم وجود من كنّا نظنهم خبراء من أبناء اللعبة في بعض الأندية وخاصة الكبيرة منها، إلا أن واقع التجربة أثبت أن تجاربهم فاشلة وغير ممكنة، والسؤال هنا: هل ستعود أنديتنا لرشدها وصوابها وتنسى الألقاب المسلوقة والتعاقدات الهزيلة، عسى أن تثمر جهودها عن نتائج ستسجل لهم بأحرف من ذهب لا يمكن أن تنسى.‏

المزيد..