مهند الحسني..أيام قليلة تفصلنا عن انطلاقة مباريات النافذة الأخيرة من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم الصين 2019،
وعلى الرغم من أن آمالنا قد تلاشت بالتأهل غير أن اتحاد السلة لم نر منه أي خطوة أو حراكاً جديداً تجاه تحضيرات المنتخب، وكأن أمره لا يعنيه، فالمدرب الصربي ما زال في إجازة يقضيها في بلاده، ولا يوجد أي موعد ثابت لبدء تحضيرات المنتخب، مضى عشر سنوات على تولي الاتحاد الحالي لمهامه، وأعتقد أنها مدة كافية ووافية لبيان مدى نجاحه في إعداد وبناء منتخب يوازي الطموح من عدمه، غير أننا لم نلتمس منه أي شيء جديد على صعيد المنتخبات الوطنية، التي كان عنوانها الإخفاق والانتكاسات دون وجود أي إنجازات، ولم نعد نعرف ما السبيل لبناء منتخباتنا الوطنية على أسس سليمة ومدروسة، ويبدو أن حال منتخبات السلة كحال شجرة الصنوبر البرية التي تمتلك مظهراً جميلاً، وخضرة يانعة، وتوحي بأن لها ثماراً منتجة، إلا أن أشجار الصنوبر كما يعلم الكثيرون هي أشجار عقيمة لا تنتج ثماراً، وحالها ينطبق تماماً مع حال منتخبات السلة.
منتخباتنا الأنثوية
لن يكون حال منتخبات سلتنا الأنثوية أفضل من منتخبات الرجال، رغم أن أنديتنا تمتلك جيلاً موهوباً من اللاعبات المتميزات، لكن ما ينقصها غياب التخطيط السليم والتنفيذ الدقيق، والعمل على خلق نظام مسابقات يأتي بالفائدة الفنية لجميع الأندية التي من الواجب أن تكون بمستوى متقارب، إضافة إلى إمكانية تأمين مشاركات خارجية لمنتخبات السلة، ومعسكرات خارجية، فتأمين هذه المقومات لابد بأن يأتي بنتائج إيجابية، وذلك أفضل من استعراض العضلات عبر نقل مباريات السيدات، وإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي، ورفع شعارات رنانة واهية لا تأتي بشيء جديد، فهذه التفاصيل تواجدها مهم بعد تأمين ما ذكرناه، وقد تابعت الفيديو التسجيلي لسيدات سلتنا بمناسبة أعياد الميلاد و رأس السنة فسرح بي خيالي لتمني مشاهدة راع واحد لمنتخبات السيدات، و لو أن الوقت المخصص لإعداد الفيديو وتنفيذه خصص للتواصل مع الشركات الوطنية لتغطية نفقات أو مصاريف معسكر أو بطولة لسيدات كرة السلة لاكتملت سعادتنا، و لكن يبدو أن هم القائمين على سلتنا الانثوية هو قشرة البرتقالة لا لبها.
إلقاء اللوم
لايمكن أن نضع اتحاد السلة في قفص الاتهام، ونقوم بجلده، وليس أيضاً من الإنصاف أن نلقي اللوم عليه، ونحمّله المسؤولية الكاملة عن تراجع نتائج منتخباتنا الوطنية، لأن إعداد المنتخب يعتبر حلقة متكاملة، فمسؤولية الاتحاد تكمن في تأمين كل المناخات الملائمة للمنتخب، وأعتقد بأنه نجح إلى حد كبير رغم وجود الأزمة وتداعياتها الخارجية التي أضرت برياضتنا بشكل عام في تأمين كل ما تتطلبه منتخباته الوطنية، ورغم ضيق ذات اليد، وشح الإمكانات المادية، غير أن منتخباتنا لم تغب عن أي مشاركة منذ ثماني سنوات، وهذه واحدة إيجابية تسجل للاتحاد، وكما هو معروف بأن اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق، فاليد الثانية وهي أنديتنا التي ما زالت تسير بخطا ارتجالية وعشوائية غير واضحة بما يخص عملية البناء، ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن لكل نتيجة أسبابها ومسبباتها، فإن مشكلة تراجع نتائج منتخبات السلة تأتي انعكاساً لما يحصل من فوضى في أنديتنا، فعملية بناء اللاعب ما زالت بدائية، وهي لا تلبي الطموح، والعمل في قواعد اللعبة لدى هذه الأندية لا يبشر بالخير، كون القائمين على هذه الفرق هم من المدربين الشباب الذين أنهوا حياتهم الرياضية كلاعبين، ولم يجدوا عملاً لهم سوى قيادة هذه الفرق، وهم بالأصل غير مؤهلين فنياً وتدريبياً لبناء هذه الفرق، وإكسابها أبجديات اللعبة، ولم يتم تأهليهم عبر دورات تدريبية عالية المستوى، الأمر الذي أدى إلى إعطاء اللاعب الصغير مهارات فنية خاطئة، وهذا ما يؤثر على صناعته كلاعب جيد ممكن أن يكون ضمن صفوف المنتخب في المستقبل، وبدلاً من أن تكون الأندية شريكة حقيقية في إعداد المنتخب، ورفده بلاعبين من مستوى عال وبكامل الجاهزية الفنية، بات العبء الأكبر يقع على مدرب المنتخب الذي يجد نفسه أمام لاعبين يفتقدون ألف باء كرة السلة العصرية والحقيقية، وبدلاً من أن يستغل الوقت في منح اللاعبين أفكاراً تكتيكية، وخططاً مهارية، بات يقضي ثلاثة أرباع وقته في تصحيح مشي هذا اللاعب، وتسديد ذاك الآخر، وطريقة وقوف اللاعب الخاطئة، وعند أول امتحان حقيقي يجد لاعبونا أنفسهم الفوارق الفنية الشاسعة التي تفصلهم عن باقي لاعبي منتخبات الجوار.
الدوري القوي
لا شك بأن الدوري القوي يفرز منتخبناً قوياً، غير أننا ومنذ ثماني سنوات لم يكن لدينا دوري نعتمد عليه، حيث تمكن اتحاد السلة من البقاء على رونق اللعبة، والمحافظة عليها، واقتصر عمله على نظام دوري متواضع غابت عنه النكهة التنافسية التي كانت تشهدها صالاتنا في السنوات الماضية، عندما كان للاعب الأجنبي مكانة مرموقة ساهمت في رفع مستوى اللاعب المحلي الذي استفاد من فرصة الاحتكاك معه، لكن غياب اللاعب الأجنبي، وضعف مسابقاتنا كانت لهما نتائج سلبية على إعداد لاعبنا الوطني، الذي غابت عنه المباريات القوية.
اللاعب الأجنبي
يبدو أن لغياب اللاعب الأجنبي عن أجواء أنديتنا تأثيراً واضحاً على أداء لاعبينا، وخاصة أن تواجده يعطي لاعبينا فرصة احتكاك قوية، ويضفي على مباريات الدوري نكهة سلوية مثيرة، نظراً لما يملكه هذا اللاعب من فنيات ومهارات خارقة.
أندية أزمة
لو كانت أندينا تسير ضمن خطط مدروسة وممنهجة، وتقودها إدارات محترفة ، لكانت عملت وهي في معترك الأزمة على قواعدها بشكل صحيح، وتحويل الإمكانيات المالية الممكنة للصرف عليها، و إعدادها بطريقة علمية، لكانت أنديتنا حالياً تملك في رصيدها مجموعة متميزة من المواهب القادرة على المنافسة الحقيقية حتى على الصعيد الخارجي.