دمشق – مهند الحسني: بعد النتائج المتواضعة التي خرج بها منتخبنا الوطني من النافذة الثانية لتصفيات كأس العالم، أتفق مع الكثيرين على أن مشهدنا السلوي الأخير على صعيد نتائج المنتخب كان ضبابياً بل رمادياً،
وعلى أننا بحاجة إلى إعادة صياغة أسلوب عملية بناء سلتنا، واختلف مع الذين يفصلون ما بين واقع أنديتنا وواقع منتخباتنا لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفصل ما بين الواقعين، فلا يمكن أن نصل أو نبني منتخبات قادرة على المنافسة عربياً وقارياً في ظل أندية شبه متراجعة ومفلسة، ولا يمكن أن نصل إلى الاستقرار الإداري، وهو الأهم في عملية البناء في ظل إدارات أندية لا تملك مقومات حضورها كما يجب، ولن نغالي كثيراً عندما نقول إن أندية قوية ومستقرة ودورياً قوياً ومستقراً لابد أن ينتج منتخبات وطنية وقوية والعكس صحيح، والسؤال هنا، هل واقع أنديتنا في ظل الظروف الحالية بخير، وهل احترافنا الأخير بتعديلاته بخير، وهل عملية البناء تبدأ من القاعدة أم من القمة، وهل نملك كوادر خبيرة قادرة على العطاء وتقديم افكار جديدة.
حقائق
لابد بداية أن نعترف بأن وصفات اتحادات السلة السابقة في إعداد المنتخبات الوطنية، لم تنفع في علاج الأمراض المزمنة للسلة السورية، ويبدو أن المشكلة لم تكن في الطبيب، وإنما في المريض الميئوس من حالته، والذي تضافرت عليه عوامل الهرم، والمرض فبات علاجه صعباً، وإمكانية العودة إلى وضعه الطبيعي أمر أشبه بالمستحيل، فسلتنا ومنذ سنوات طويلة لم تستطع أن تتقدم قيد أنملة على صعيد المنتخبات، لا بل تراجعت أكثر لمرحلة بتنا نخسر أمام منتخبات كانت تتمنى أن تلعب معنا للاستفادة من فرصة الاحتكاك، لكن سلتنا انكشفت عورتها، وبدت عرجاء بعد أن غادرها جيل من اللاعبين العمالقة، أمثال: أنور عبد الحي، جاك باشاياني، طريف قوطرش، عمر حسينو، محمد ابو سعدى، وغيرهم كثر، ولم تتمكن هذه الاتحادات من إيجاد البدائل لهؤلاء النجوم الذين أوصلوا سلتنا لمنصات التتويج على كافة الأصعدة، نتيجة إهمالهم لقواعد اللعبة، واهتمامهم بفرق الرجال كونها تأتي بنتائج تعود لإدارات الأندية التي ترغب بتسجيل هذه الإنجازات في سجلها، وقد ساهم الاحتراف الخاطئ في تراجع أنديتنا بشكل كبير كون جميع هذه الأندية صبت جل اهتمامها بفرق الرجال.
إضافة إلى أن كرة القدم ما زالت تغنج بالحصة الأكبر من ميزانية أي ناد، فهي اللعبة الأكثر شعبية، وانجازاتها ستسجل في تاريخ الإدارة القائمة على أمور النادي، ما ساهم في توفير النسبة العظمى من ميزانيات الأندية على عقود ومقدمات لاعبي كرة القدم، فتحولت مجالس الإدارات الأندية إلى مجالس إدارات لكرة القدم فقط، ولم تعد كرة السلة تجد من يهتف لها وباسمها أو يطالب بحقوقها، ما ساهم في تراجع شعبيتها في السنوات العشر الأخيرة.
مقارنات
لا أحب أن أدخل في المقارنات بين ما يقدم لسلتنا الوطنية من إمكانات مادية، وبين ما يقدم لسلة أقرب منتخبات دول الجوار لدينا، لإيماني بأن المقارنات تظهر المفارقات، وهي حتماً ستجعلنا نطأطئ رؤوسنا خجلاً لأن المقارنة خاسرة، لكن ذلك لا يمكن أن يجعلنا نستسلم للواقع، بل لابد من إيجاد السبل الكفيلة لدعم منتخبات السلة، وتأمين المناخات الاستعدادية لها بعيداً عن الحجج وشح الإمكانات والأعذار الواهية التي لم تعد تنطلي على أحد.
بحث
البحث عن شركات وطنية راعية تدعم معسكرات المنتخبات الوطنية بات مطلباً ملحاً في هذه الفترة الحرجة، وهناك الكثير من هذه الشركات القادرة على دخول على خط الدعم، لأن المرحلة الحالية التي تعيشها الرياضة السورية بشكل عام باتت بحاجة لأموال كثيرة وكبيرة، وإمكانات القيادة الرياضية لا يمكن أن تلبي إقامة معسكر خارجي نظراً لموجة الغلاء الفاحشة، واتحاد السلة عليه أن يسعى بكل طاقاته لتوفير المناخات الملائمة والمناسبة لمنتخباتنا، وإلا الزمن لن يرحم تراجعنا وسيأتي يوم لن تفيدنا أي محاولة لأن سلتنا وقتها ستكون في الهاوية وهذا ما لا نتمناه ولا نريده.